أبرز بنود «إعلان القاهرة» خلال الجلسة الختامية لاجتماع وزراء السياحة بدول منظمة (D-8)    الخارجية الأمريكية: الاتفاق مع الحوثيين يتعلق فقط بوقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر    السيسي يهنئ فريدريش ميرز بانتخابه مستشارا لألمانيا    منتخب مصر لرفع الأثقال يحقق أرقاما قياسية بالجملة في بطولة العالم للناشئين    التعادل يحسم نتيجة مباراة زد ضد الاتحاد السكندري في الدوري المصري الممتاز    ضبط 8 طالبات بالصف الثاني الإعدادي لتعديهم على زميلتهم في العاشر من رمضان    محكمة النقض تحدد جلسة لنظر طعن سائق «أوبر» المدان في قضية «فتاة الشروق»    منطقة أهرامات الجيزة تستقبل وزير السياحة التركي    ما حكم ترك ركن من أركان الحج؟.. القاعدة الشرعية    البنك الإسلامي للتنمية والبنك الآسيوي للتنمية يتعهدان بتقديم ملياري دولار لمشاريع التنمية المشتركة    جولة تفقدية لوكيل مديرية التعليم بالقاهرة لمتابعة سير الدراسة بالزاوية والشرابية    "ثقافة الفيوم" تشارك في فعاليات مشروع "صقر 149" بمعسكر إيواء المحافظة    "الأزهر" يرفض و"الأوقاف" تتغول على صلاحياته " .."برلمان الانقلاب " يقر قانون تنظيم الفتوى بعد فتوى الدكتور "إمام    في اليوم العالمي للربو 2025.. كيف تسيطر على النوبة؟    وفد البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية في زيارة لمنشآت صحية بأسيوط    "قومي المرأة" يشارك في تكريم المؤسسات الأهلية الفائزة في مسابقة "أهل الخير 2025"    من منتدى «اسمع واتكلم».. ضياء رشوان: فلسطين قضية الأمة والانتماء العربى لها حقيقى لا يُنكر    استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لحماية المرأة    الكرملين: بوتين سيزور الصين في أغسطس المقبل    نجوم الفن وصناع السينما يشاركون في افتتاح سمبوزيوم «المرأة والحياة» بأسوان    أحدث ظهور ل ابنة نور الشريف    ظافر العابدين ينضم لأبطال فيلم السلم والثعبان 2    بولندا تتهم روسيا بالتدخل في حملة الانتخابات الرئاسية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    أمين الفتوى: الزواج قد يكون «حرامًا» لبعض الرجال أو النساء    محافظ دمياط: إطلاق حزمة من الإجراءات لإحياء حرفة النحت على الخشب    حالة الطقس غدا الأربعاء 7-5-2025 في محافظة الفيوم    النائب العام يشارك في فعاليات قمة حوكمة التقنيات الناشئة بالإمارات    رئيس شباب النواب: استضافة مصر لبطولة العالم العسكرية للفروسية يعكس عظمة مكانتها    رافينيا يرشح محمد صلاح للفوز بالكرة الذهبية    بعد اغتصاب مراهق لكلب.. عالم أزهري يوضح حكم إتيان البهيمة    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس الحكومة المؤقتة في بنجلاديش    البابا تواضروس الثاني يزور البرلمان الصربي: "نحن نبني جسور المحبة بين الشعوب"    منها إنشاء مراكز بيع outlet.. «مدبولي» يستعرض إجراءات تيسير دخول الماركات العالمية إلى الأسواق المصرية    رئيس شركة فيزا يعرض مقترحًا لزيادة تدفق العملات الأجنبية لمصر -تفاصيل    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر والدول العربية    تأجيل محاكمة 7 متهمين في خلية "مدينة نصر" الإرهابية ل 16 يونيو    رئيس "شباب النواب": استضافة مصر لبطولة الفروسية تعكس مكانة مصر كوجهة رياضية عالمية    مشروبات صحية يُنصح بتناولها لمرضى السرطان    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    المخرج جون وونج سون يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    جامعة كفر الشيخ تنظّم ندوة للتوعية بخطورة التنمر وأثره على الفرد والمجتمع    "الخارجية" تتابع موقف السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    مجلس مدينة الحسنة يواصل إزالة الآثار الناجمة عن السيول بوسط سيناء    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    باكستان تتهم الهند بوقف تدفق مياه نهر تشيناب    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    إلغاء الرحلات الجوية بعد استهداف مطار بورتسودان بمسيرات للدعم السريع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإحالة ممن لا يملك الإحالة

إن المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا تنص على أنه "إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة الدستورية" وقد قصر القانون بهذا النص الإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا على المحاكم والهيئات ذات الاختصاص القضائى فلا يجوز لجهة الإدارة أن تقرر إحالة قانون أو لائحة إليها بل يجب عليها أن تنفذ القانون وفقا لنصوصه دون امتناع عن التنفيذ.
ويثور البحث فى ماهية السلطة القضائية التى تنعقد للمحكمة وتتمايز بها عن السلطات الأخرى. وبعيدا عن الاستطراد إلى النظريات الفلسفية التى لا تفيد موضوع هذا المقال فإننا نجتزئ بأن جوهر عمل السلطة القضائية هو جانبان الفصل فى الدعوى الجنائية وفى الدعوى حول الحقوق وحول الالتزامات المالية وهى خصومة غير جنائية. وللقاضى اختصاصات جانبية كإصدار الأوامر الولائية وهى تصدر فى غير خصومة دعوى وليست قضاء بالمعنى الدقيق. وقبل نحو مائة سنة قال أبو هيف إن السلطة القضائية ليست إلا حكما وهى تطبق القانون إذا رفعت إليها دعوى أو قدم طلب وفق القواعد التى ينص عليها. وقال القضاء الحقيقى يشترط فيه أن تكون الدعوى فى مواجهة خصم معين تسمع أقواله أو يدعى أمام القاضى ليدافع عن نفسه حضر أو لم يحضر (المرافعات المدنية والتجارية عبد الحميد أبو هيف ص89 – 90 طبعة دار المعارف سنة 1915). وإذا كان القاضى حكما فإنه يفصل إذن فيما ليس هو جزءاً من واقعته وخصومته. وفى الفقه الإسلامى قال الحسام الشهيد إن القضاء هو فصل الخصومات وقطع المنازعات (شرح أدب القاضى للحسام الشهيد ص4 طبعة دار الكتب العلمية). وقد ميز الفقه الإسلامى بين السلطة القضائية وبين السلطة التنفيذية التى تتبعها جهات الإدارة قال القرافى إن ولاية القاضى متناولة للحكم ولا يندرج فيها غيره وليس للقاضى السياسة العامة (تبصرة الحكام ابن فرحون الجزء الأول ص12 طبعة دار الكتب العلمية). وفى نظرية الحلول قيل بحق للتمييز بين العمل الإدارى والقضائى إن الإدارة تعمل وفقا للقانون أما القضاء فهو يطبق القانون (الوسيط د.فتحى والى ص34 طبعة 1980). ومؤدى ذلك أن القاضى يأمر بقضاء ملزم بتطبيق القانون على الغير المحكومين فى واقعة ليس هو جزءا منها لأنه ليس هو الذى يخاطبه القانون بالسلوك وإنما هو الذى يلزم الآخرين بالسلوك وفقا للقانون. إن الفرد مطالب بأن يسلك سلوكا مطابقا للقانون وهذا السلوك هو سلوكه الخاص به والإدارة كالفرد تسلك كذلك فى عملها الذى تختص بإجرائه بما يتفق والقانون وتصدر القرار الذى تختص ابتداء بتقدير ملاءمته وفقا للقانون وهذا القرار هو قرارها الذى تشكل جزءا من واقعته فالقرار الإدارى هو مظهر سلوك الإدارة وعملها أما القاضى فإنه يأمر بتطبيق القانون على آخرين هم الملزمون ابتداء بالسلوك بمقتضى القانون دون أن يكون جزءا من واقعة هذا السلوك الذى يلزم باتخاذه. إن المعيار الجوهرى للتفرقة بين السلطة القضائية وجهات الإدارة التنفيذية أن الأخيرة تباشر عملها سواء قبل مخالفة الآخرين للقانون أو بعد مخالفته باعتباره عملها الأصيل المنوط بها أما القاضى فهو يباشر سلطته القضائية بعد مخالفة القانون لفرض قواعده سواء على الإدارة أو الأفراد إذا خالفوا تلك القواعد فى سلوكهم الخاص بهم . هنالك فإذا أصدرت الإدارة أثناء مباشرة عملها قرارا إداريا خالفت به قواعد القانون أو امتنعت عن إصدار القرار الإدارى الذى يوجبه فإن القاضى يأمر بتصحيح هذا الخطأ بإلزام الإدارة بالسلوك الصحيح فى عملها الذى يسنده القانون إليها وعلى ذلك فإننا نعرف القضاء بأنه السلطة التى تختص بفرض قواعد القانون على أشخاص معينين إدارة أو أفرادا فى واقعة معينة مخاطبين بالسلوك فيها بمقتضى القانون لدى مخالفة السلوك لقواعده وبفرض جزاء القانون على من يخالف تلك القواعد.
وتمتلك الهيئة ذات الاختصاص القضائى استثناء بعض اختصاص المحكمة سالف البيان إذا أكسبها القانون ذلك الاختصاص وفى حدود ما يمنحها القانون من تلك السلطة.
إن المادة 29 قد ناطت ما يجوز إحالته إلى المحكمة الدستورية العليا بأن تكون الإحالة "أثناء نظر إحدى الدعاوى" ونصت المادة 29 على "إيقاف الدعوى" ووصفت ما تنظره المحكمة من الدعوى بأنه "نزاع" بما يعنى أنها تحصر ما تجوز إحالته بأن تكون الإحالة أثناء نظر خصومة دعوى تتحقق لها أركان الدعوى. وتلك الأركان هى أولا : أشخاص الدعوى أى خصوم متعددين يتنازعون الحق.
ثانيا : محل الدعوى وهو ما يطلب المدعى القضاء بتقريره أو إنشائه أو الإلزام به ضد خصمه المدعى عليه. ثالثا : سبب الدعوى وهو الواقعة القانونية التى تنشأ عنها سواء أكانت واقعة مادية أو تصرفا قانونيا أو قرارا إداريا. ويجب أن يوجد الحق فى الدعوى سابقا دائما على رفع وتحريك الخصومة القضائية ولذلك الحق السابق ثلاثة أركان هى الحق الذى يتداعى المدعى بطلبه وواقعة الاعتداء على الحق المسند اقترافه للمدعى عليه والصفة فى الدعوى أى إسناد الحق والاعتداء على الحق لكل من المدعى والمدعى عليه.
ولا تنعقد خصومة الدعوى القضائية إلا بتحقق مبدأ المواجهة بين الخصوم فلا عدالة بدون مواجهة. وسبل المواجهة إحدى طرق ثلاثة هى إعلان الدعوى للخصوم لكفالة علمهم بها أو مثولهم أمام المحكمة لإبداء دفاعهم فى الخصومة أو إيداعهم مذكرات أو مستندات بقلم الكتاب. وإذا لم تنعقد الخصومة القضائية بإحدى تلك الطرق فإن إجراء الدعوى إجراء معدوم مشوب بالبطلان المطلق لا يرتب أثرا قانونيا ما.
وإذ كانت المادة 29 تنص على حصر حق الإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا فى المحكمة أو الهيئة "ذات الاختصاص القضائى" فإنه يجب تحديد الطبيعة القانونية للجنة الانتخابات الرياسية التى نص عليها الإعلان الدستورى. لقد وصف الإعلان هذه اللجنة بأنها "هيئة قضائية" وهو تعبير لا يعنى غير أن أعضاء اللجنة مختارون من القضاة ولا يعنى بضرورة اللغة أنها ذات اختصاص قضائى فلا يكفى شغل القاضى لمنصبه لكى يكون عمله بعيدا عن منصة القضاء قضائيا وبفرض أن تلك التسمية خطأ لغوى – ولا خطأ فيها – فإن الخطأ فى الاسم لا تتغير به حقيقة المسمى. إن القضاة هم جميع أعضاء اللجان العامة للانتخابات وهم رؤساء لجان الانتخابات الفرعية ولا يمكن رغم ذلك القول بأن أعمال هذه اللجان قضائية فهى ليست غير أعمال إدارية بمقتضى طبيعة العمل وإن كانوا هم قضاة. وبعض القوانين تطلق على "هيئة قضايا الدولة" اسم "هيئة قضائية" وإذ كان عملها هو الدفاع عن أجهزة الدولة فلا يمكن الزعم بأن أعضاءها قضاة ولا شك فى أنه ليس لهم بحسب طبيعة أعمالهم اختصاص قضائى وفى أنهم لا يصدرون أحكاما وفى أن كل قراراتهم قرارات إدارية. إن دستور 1971 قد نص على ما أسماه سلطة الصحافة ولا تغير هذه التسمية حقيقة عمل الصحافة فتبقى السلطات هى السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وحدها وليست الصحافة سلطة لأنها لا تملك ولاية السلطة وقوة الإلزام ولا يعدو تعبير سلطة الصحافة أن يكون تعبيرا أدبيا.
تختص لجنة الانتخابات الرياسية بالإعلان عن الانتخابات وبفحص توافر الشروط القانونية فيمن لهم حق الانتخاب وقيدهم بجداول الناخبين وبفحص طلبات الراغبين فى الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية والتحقق من توافر الشروط القانونية فيهم وإعلان قائمة المرشحين وأخيرا الإشراف على إجراءات الانتخاب ثم إعلان نتيجته وجميع هذه الأعمال تباشرها اللجنة فى حدود اختصاصها القانونى باعتبارها نشاطها الأصيل وسلوكها الخاص دون ارتباط بمخالفة أحد للقانون وبغض النظر عن وجود هذه المخالفة أو عدم وجودها فهى إذن أعمال إدارية لا تختلف فى طبيعتها القانونية عن أعمال جهات الإدارة التى تتلقى مثلا طلبات تشييد المبانى أو حيازة الأسلحة ثم إصدار التراخيص لا تختلف عنها فى طبيعة العمل وإنما فى أهمية العمل.
إن أعمال لجنة الانتخابات هى السلوك الذى تختص اللجنة به والذى عهد إليها القانون ابتداء بإجرائه وألزمها بالخضوع فى هذا السلوك لقواعده وهى لا تفصل فى أى خصومة إذ لا توجد بين أحد من طالبى الترشيح وبين غيره من الطالبين خصومة ما تعرض على اللجنة تملك الفصل فيها. والطالب لا يشير فى طلبه إلى طلبات غيره من المرشحين وليس له أن يشير إليها ولا يعترض عليها فى الطلب المقدم منه وليس له أن يعترض عليها ولو أبدى اعتراضا فإن اللجنة تنظره كشكوى إدارية وليس فى صورة دعوى أو بإجراءات دعوى إذ لم يمنحها القانون هذا الحق وليس ثم أدنى صلة بين طلب أى من المرشحين وبين طلبات غيره من طالبى الترشيح. والرابطة القانونية فى الطلب مقصورة على كل من الطالب واللجنة وحدهما. إنه يتقدم إليها بطلبه ويقدم لها مسوغاته ويدعم الطلب بمستنداته وينتظر قرار اللجنة الذى يصدر بعد أن تفحص طلبه دون علاقة لغير هذه اللجنة بفحوى الطلب ومداره.
يجب إدراك أن المرشحين يتنافسون على مدى قبول الناخبين لهم عند إجراء الانتخاب لكنهم لا يتخاصمون قضائيا بهذا التنافس وإلا تحولت بالخلط بين التنافس الانتخابى وبين الخصومة القضائية جمعية الانتخاب إلى محكمة تشمل المجتمع بأسره.
إذا أصدرت لجنة الانتخابات الرياسية قرارها فى الطلب إما بقبول قيد الطالب أو باستبعاده من القائمة فقد أفصحت عن إرادتها بقرار هى المختصة بإصداره ابتداء فهو مظهر سلوكها الإدارى وهو قرار إدارى صادر عن إحدى جهات الإدارة. ويظل للمتضرر من هذا القرار أن يتظلم منه إلى الجهة الإدارية التى أصدرته وفق القاعدة العامة التى تبيح التظلم من القرار الإدارى إلى الإدارة عسى أن تعدل عنه وقد أشارت المادة 24 من قانون مجلس الدولة إلى التظلم من القرار الإدارى للإدارة الصادر عنها قبل رفع الطعن على القرار إلى محاكم مجلس الدولة وهذا التظلم إجراء إدارى أما الطعن أمام المحكمة فهو وحده الدعوى.
إمعان فادح فى الخطأ وصف التظلم للجنة بأنه دعوى وذلك لسببين أولا : يجب أن تكون الدعوى مسبوقة كما أسلفنا بالحق فى الدعوى والحق فى الدعوى له ركن ركين لا ينشأ بدونه هو ركن الاعتداء على الحق ولما كان الطالب لا يسند إلى أى شخص من الغير الاعتداء على حقه فى الترشيح وإنما يسند إلى اللجنة ذاتها أنها هى التى اتجهت بإرادتها إلى تقدير قانونى يصفه بالخطأ استندت إليه فى قرارها بحرمانه من الترشيح فهو فى الحقيقة يسند إلى اللجنة دون غيرها أنها هى التى اعتدت على حقه فى هذا الترشيح فاللجنة إذن خصمه الفريد ولولا أن المادة 28 من الإعلان الدستورى تمنع الطعن على قرارات اللجنة لكان له الطعن على قرارها أمام محكمة القضاء الإدارى وإذا كانت اللجنة وحدها هى الخصم فكيف يكون الخصم حكما؟
ثانيا : إن المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا قد اشترطت أن تكون الإحالة إليها "أثناء نظر إحدى الدعاوى" والركن الأول فى الدعوى إنما هو تعدد أشخاص الدعوى فلا تقتصر الدعوى على مدع لا خصم له وهى تخضع دائما لقواعد إجرائية شكلية تنص عليها القوانين لا وجود للدعوى إذا خرجت عن مسارها. تخضع خصومة الدعوى القضائية لمبدأ المواجهة بين الخصوم فتعلن الخصومة إلى المدعى عليه الذى ينسب إليه الاعتداء على الحق كى يبدى دفاعه أمام قاض ليس هو الخصم وإنما هو حاكم المتداعيين وحاكم النزاع بينما لا يوجد فى التظلم للجنة الانتخابات الرياسية أى مظهر وأثر لخصومة قضائية فلا خصومة منعقدة سواء بإعلانها رسميا إلى خصوم حيث لا خصوم أو بمثول الخصوم لتبادل الدفاع إذ لا خصوم فليس ثم إذن دعوى.
ولا يجوز قياس هذا التظلم على ما يبيحه قانون المرافعات من التظلم من الأمر على العريضة كالإذن بالحجز التحفظى أمام القاضى الآمر ذلك أن التظلم من قرار اللجنة هو تظلم من قرار إدارى يصدر دون خصومة مع آخرين تنشب قبل القرار ودون ادعاء باعتداء الغير على الحق بينما التظلم من الأمر على العريضة تظلم من أمر ولائى وليس من قرار إدارى ويصدر هذا الأمر الولائى فى خصومة حقيقية وفى نزاع محقق بين خصوم هو فى مثال الحجز التحفظى نزاع بين الخصوم الذين يتنازعون الدين الذى يراد حماية اقتضائه بالحجز التحفظى غير أن تلك الخصومة كانت قبل التظلم خصومة غير منعقدة لعدم إعلانها إلى الخصم الصادر ضده الأمر لما قد تقتضيه العدالة من سرعة إصدار أمر مؤقت قبل الإعلان لحماية الحق ثم تتحول الخصومة غير المنعقدة برفع التظلم إلى القاضى الآمر إلى خصومة قضائية منعقدة تتخذ صورة دعوى كاملة إذ نصت المادة 199 من قانون المرافعات على أن يرفع التظلم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى فتعلن صحيفته إلى المتظلم ضده إعلانا رسميا ويمثل أمام القاضى لإبداء دفاعه وتقديم أدلته فالتظلم أمام القاضى هو دعوى بينما التظلم أمام اللجنة ليس غير إجراء إدارى.
الآن فإن المادة 28 من الإعلان الدستورى قد نصت على أن لا يجوز الطعن على قرارات لجنة الانتخابات الرياسية بأى طريق من طرق الطعن وقد استخدمت بذلك ألفاظا عامة ومطلقة لا تسمح بأى استثناء من عدم جواز الطعن القضائى على القرار حتى لو كان أمام اللجنة نفسها – أيا كان الرأى فى صواب التحصين من الطعن – ويتأدى هذا العموم والإطلاق إلى وجوب أن تصدر اللجنة قرارا واحدا لو فرض – بجدل نظرى – أن التظلم طعن قضائى هو "قررت اللجنة عدم جواز التظلم" وإذا كان ذلك هو القرار الواجب فإنه لا يجوز – بداهة – لهذه اللجنة أن تصدر قرارا بفحص دستورية قانون فى موضوع لا يجوز لها ابتداء نظره.
إن الحكم يضحى قضاء معدوما إذا لم تتوافر له أركان ثلاثة أولا : أن يصدر الحكم من قاض ذى ولاية قضائية وليست لجنة الانتخابات الرياسية ذات ولاية قضائية فلا تعدو أن تكون لجنة إدارية. ثانيا: أن يصدر الحكم فى خصومة قضائية منعقدة بينما تصدر قرارات اللجنة فى غير خصومة وعلى غير خصوم وفى غير دعوى. ثالثا: أن يصدر الحكم بالشكل الرسمى المكتوب وإذ يفتقد قرار اللجنة فى التظلم الذى يقدم إليها طعنا على قرارها كلا الركنين الأول والثانى من أركان الحكم القضائى فإن قرارها إذا وصفت نفسها – بدون سند من القانون – بأنها سلطة قضائية ووصفت قرارها بأنه حكم هو حكم معدوم مشوب بالبطلان المطلق لا يرتب أى أثر قانونى. ومؤدى نظرية القضاء المعدوم أن المعدوم ليس بحاجة إلى من يعدمه وأن لكل فرد وسلطة تجاهله كما لو كان لم يصدر وأن يمتنع عن تنفيذه ويجوز رفع دعوى مبتدأة ببطلانه دون حاجة إلى الطعن عليه وفقا لقواعد الطعن بفرض وجود إجراءات للطعن. وإذا رفع طعن على حكم ما تناول هذا القرار بأى وجه قانونى فى نزاع ما كان على محكمة الطعن كذلك – مثل محكمة الدرجة الأولى – أن تعده معدوما باطلا بطلانا مطلقا وألا ترتب عليه أى أثر للحكم القضائى الذى يصدر من قاض ذى ولاية قضائية وأن تسبغ عليه أحكام البطلان المطلق . إن من ينسب لنفسه صفة القاضى لا يمكنه أن يكسب قراره آثارا قانونية بمجرد الادعاء. ولا يؤثر تحصين المادة 28 من الإعلان الدستورى لقرارات تلك اللجنة من الطعن عليها تقييد نظرية الحكم المعدوم إذ أن المادة 28 تحصن من الطعن القرارات التى تصدرها اللجنة فقط بصفتها الوظيفية الإدارية ولو أن اللجنة مدت سلطتها إلى ما لم يمنحها الإعلان الدستورى والقوانين المختلفة إياه فأصدرت مثلا قرارا سياسيا كإعلان الحرب على دولة أجنبية فهل يمكن القول أن قرارها محصن من الطعن. إنه قرار معدوم لأنه يصدر متجاوزا اختصاصها الوظيفى القانونى ولا يرتب أثرا. كذلك لو أصدرت وهى مجرد لجنة إدارية ما أسمته حكما فى غير دعوى قضائية فلا يمكن الادعاء بأن قرارها حصين. إن القرار قد ولد معدوما وتحصين المادة 28 له من الطعن لا يمتد لحماية العدم ولا ينشئ حماية للإجراء الباطل بطلانا مطلقا ولا يبعث الحياة فى صفة قضائية لم تنشأ لا يعترف بها القانون.
رئيس محكمة الاستئناف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.