هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يوم الإثنين، بأن توقف بلاده تدفق النفط عبر خط الأنابيب، الذي ينقل الخام من شمال العراق للعالم عبر أراضيها، بما يمثل ضغطا إضافيا على إقليم كردستان شبه المستقل بسبب الاستفتاء على الانفصال. وجاءت تصريحات أردوغان بعد فترة وجيزة من تصريحات لرئيس الوزراء بن علي يلدريم، قال فيها إن أنقرة يمكن أن تتخذ إجراءات عقابية تتعلق بالحدود والمجال الجوي ضد حكومة إقليم كردستان بسبب الاستفتاء ولن تعترف بنتيجته. وأجري الاستفتاء اليوم، الإثنين، على الرغم من معارضة قوية من الحكومة المركزية في العراق وجارتيها تركيا وإيران، إذ تقطن أعداد كبيرة من الأكراد في البلدين، إضافة إلى تحذيرات غربية من أن الخطوة قد تزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. وقال أردوغان، الذي تقاتل بلاده مسلحين أكرادا في الجنوب الشرقي المحاذي لشمال العراق منذ عقود، إن الاستفتاء “الانفصالي” ليس مقبولا، وإنه سيتخذ إجراءات مضادة اقتصادية وتجارية وأمنية. لكنه لم يصل لحد قول إن تركيا قررت وقف تدفق النفط عبر أراضيها من كردستان، إذ تنقل مئات الآلاف من براميل النفط يوميا عبر خط الأنابيب إلى تركيا من شمال العراق، لكنه أوضح أن الخيار مطروح. وقال في خطاب “بعد هذا، دعونا نرى عبر أي قنوات يمكن للحكومة الإقليمية في شمال العراق أن ترسل نفطها وأين ستبيعه، لدينا صمام إغلاق (خط الأنابيب) وفور إغلاقه يكون الأمر قد انتهى”. وقال يلدريم، إن أنقرة ستقرر الإجراءات العقابية ضد حكومة إقليم كردستان بعد محادثات مع الحكومة المركزية في بغداد. وأضاف لمحطات تركية، “وزارات الطاقة والداخلية والجمارك تعمل على (الإجراءات)، نقيم الخطوات حيال المعابر الحدودية والمجال الجوي، سنتخذ تلك الخطوات بسرعة”. وقال الجيش التركي، في بيان، إن قوات عراقية وصلت تركيا مساء اليوم، الإثنين، لتنضم إلى تدريب على الجانب التركي من الحدود قرب منطقة الخابور في جنوب شرق البلاد، وقالت وزارة الدفاع العراقية، إن الجيشين شرعا في مناورات واسعة بالمنطقة الحدودية. قالت وسائل إعلام محلية، إن تركيا منعت الدخول إلى كردستان العراق من معبر الخابور الحدودي، وقالت وكالة أنباء الأناضول الرسمية، إن وزير الجمارك التركي نفى ذلك، وقال إن معبر الخابور لا يزال مفتوحا، لكن مع رقابة صارمة على العابرين. لكن أردوغان، قال في وقت لاحق، إن حركة المرور مفتوحة فقط أمام من يريد الدخول من الجانب التركي إلى العراق. وكان معروف آري (50 عاما)، وهو سائق شاحنة من بين الذين عبروا الحدود عائدين لتركيا من شمال العراق صباح اليوم، الإثنين، وقال إن إغلاق البوابة سيضر بمصدر رزقه. وقال “إذا تم إغلاق الحدود فسيضر ذلك بنا جميعا، أمارس تلك الوظيفة منذ عشرين عاما، لا أجني كثيرا من المال، نحو ألف ليرة في الشهر (285 دولارا)، لكن إذا أغلق المعبر، سنجوع”. وحثت الولاياتالمتحدة وقوى غربية أخرى السلطات في كردستان على إلغاء التصويت، وقالت إنه سيشتت الانتباه بعيدا عن الحرب على تنظيم داعش. وقال أردوغان، “سنواصل اتخاذ خطوات حازمة، وعلى سلطات إقليم كردستان أن تتخذ خطوة للوراء”. وتراجعت أسهم الخطوط الجوية التركية، التي تسير رحلات مباشرة لشمال العراق بأكثر من 4%، كما تراجعت قيمة الليرة التركية. وقال مسؤول إعلامي تركي لرويترز، إن بلاده أوقفت بث قناة رووداو التليفزيونية الكردية على قمرها الصناعي تركسات. وتمثل تركيا منذ وقت طويل الرابط الأساسي لشمال العراق بالعالم الخارجي، لكنها ترى أن الاستفتاء أمر جلل بالنسبة لأمنها القومي. ويعيش في تركيا أكبر عدد من الأكراد في المنطقة وتشهد البلاد تمردا منذ 3 عقود في أراضيها الجنوبيةالشرقية التي تسكنها أغلبية كردية. وافق البرلمان التركي يوم السبت على تمديد تفويض بنشر قوات في العراق وسوريا لعام آخر. ويصدر إقليم كردستان العراق مئات الآلاف من براميل النفط يوميا عبر تركيا إلى الأسواق الدولية في تحد للحكومة المركزية. ويقول نهاد علي أوزجان، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة توب للاقتصاد والتكنولوجيا، إن من غير المرجح أن تقوم تركيا بتحركات مندفعة عندما يتعلق الأمر بفرض عقوبات على كردستان العراق. وقال “إغلاق بوابة الحدود وإلغاء الرحلات الدولية وفي الخطوة الأخيرة يمكن مناقشة قطع خط الأنابيب، يمكن أيضا استخدام الضغط العسكري بشكل مباشر أو غير مباشر”. وبدأ الجيش تدريبات عسكرية تشمل دبابات ومركبات مدرعة قرب معبر الخابور الحدودي قبل أسبوع، ومن المتوقع أن تستمر هذه التدريبات حتى 26 سبتمبر/ أيلول، وانضمت وحدات إضافية إلى التدريبات مع دخولها المرحلة الثانية. وقال الجيش التركي، في بيانه، إن المرحلة الثالثة من التدريب ستجرى يوم 26 سبتمبر/ أيلول، وإن القوات العراقية التي وصلت مساء اليوم ستنضم لها. ونفذ الجيش في الأيام الأخيرة أيضا ضربات جوية يومية ضد أهداف لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، حيث يوجد قادة الحزب. وبدأ تمرد حزب العمال الكردستاني عام 1984 وقُتل أكثر من 40 ألف شخص منذ ذلك الحين، وتصنف تركيا والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة الحزب منظمة إرهابية. ونصحت وزارة الخارجية التركية مواطنيها في محافظات دهوك وأربيل والسليمانية الكردية العراقية بالمغادرة في أقرب وقت ممكن ما لم يضطروا إلى البقاء.