كثير من الأضاحي وقليل من المشتريين، هكذا بدت أسواق الماشية في مصر عشية عيد الأضحى، في وقت تزدحم فيه الأسواق بالذاهبين والقادمين، صورة ربما تشي بالوضع الحالي للأوضاع المعيشية، بينما الإحباط المرتسم على أوجه التجار يؤكد ذلك. في سوقي الماشية بالسيدة زينب، و"دمنهور الدولي" بمحافظة البحيرة، يتراص في شكل منظم التجار والفلاحون وأمامهم عشرات الماشية يتنافسون في عرضها لجذب الزبائن ومواجهة ركود هذا العام. ويقول مسؤولون وتجار لوكالة "الأناضول"، إن أسواق الماشية تشهد موجة غلاء كبيرة لم تشهدها مصر منذ سنوات عدة، تضررت معها الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل رغم المحاولات الحكومية لتخفيف وطأتها. وتحاول الحكومة المصرية، إعادة التوازن إلى الأسعار في الأسواق، إذ بادرت باستيراد عشرات الآلاف من رؤوس الخراف والعجول الحية والمذبوحة، وطرحها في المجمعات الاستهلاكية، بأسعار تقل عن نظيرتها بالأسواق. وتعيش مصر أزمة اقتصادية طبقت على إثرها برنامجا إصلاحيا بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، يشمل رفع الدعم تدريجيا عن أسعار الطاقة، فيما تحاول الحكومة تخفيف وطأتها بإجراءات من بينها زيادة الدعم لبطاقات التموين. وصعد معدل التضخم السنوي في مصر إلى 34.2 بالمائة خلال يوليو الماضي، وهي أعلى نسبة منذ 1986. ويؤكد ياسر حسن، تاجر للماشية بالسيدة زينب، أن "تربية الماشية خلال هذا العام واجهت صعوبات عدة، بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف التي يعتمدون عليها للتغذية لأكثر من الضعف، ما تسبب في هامش ربح لا يتساوى مع حجم معاناة المهنة. ويضيف، أنّ "إردب الذرة (140 كيلوجرام) أصبح ب 160 جنيها، ومنذ شهرين ارتفع إلى 250 جنيها بعدما كان ب 80 جنيها في الأعوام الماضية. ويوضح أنّه كان يشتري 35 كيلو من الردة ب 70 جنيها لكنها ارتفعت إلى 170جنيها، وبالتالي زاد سعر اللحوم إلى الضعف مرة ونصف. ويشير حسن، إلى أن لحوم العجول زادت بما يقرب من 25 جنيها في الكيلو الواحد عن العام الماضي، أما الخراف فزادت قرابة 30 جنيها. ويوضح أنّ سعر الكيلو من العجول البلدي الحية، قبل الذبح بلغ 62 جنيها، بعدما كانت ب 38 جنيها العام الماضي، وسعر العجل الصالح للذبح يبدأ من 8 آلاف ويصل حتى 40 ألف جنيه. شكاوى مربو الماشية بغلاء أسعار الأعلاف، يأتي بعد أن سجلت أسعار بعض السلع منها أعلاف المواشي مستويات قياسية منذ قرار تعويم الجنيه. على جانب آخر، يقف أحمد ممدوح عارضا بعض الخراف والعجول للبيع، مُستنكرًا كثرة المعروض للبيع، وقلة المُشترين بسبب ارتفاع الأسعار قائلا: "كنت أبيع 10رؤوس ماشية في الأسبوع العام الماضي حاليا لا تتخطى الثلاثة". ويضيف، أنّ زيادة أسعار الأعلاف وعدم إقبال المواطنين على شراء الأضاحي خلال العيد جعله يُفكر في عدم تربية الماشية والخراف مرة أخرى. ونوّه إلى أنّه أصبح يشتري حزمة البرسيم (غذاء طبيعي للماشية) بجنيه واحد بعدما كان يشتري الأربعة حزم بجنيه خلال العام الماضي، "المواطنون يرغبون في تقديم الأضحية لكنهم لا يملكون الأموال لشرائها بسبب غلائها". محمد شرف، نائب رئيس شعبة القصابين (الجزارين) باتحاد الغرف التجارية، يقول إن "الإقبال على الشراء أقل من المتوسط، والتراجع بسبب قرب العام الدراسي الجديد (منتصف سبتمبر المقبل) ومصروفاته الكثيرة، لذلك شراء اللحوم يأتي في أولوية متأخرة لدى المواطنين. ويضيف شرف في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن ما قد يمثل انفراجه لدى الطبقة المتوسطة في مصر، وهي الأكثر تضررا من الأسعار، هو لجوء الحكومة لتوفير الأضاحي واللحوم المذبوحة والمجمدة بأسعار منخفضة إلى حد ما في كثير من أنحاء مصر عبر منافذ تتبع وزارة التموين.