14 ألف زوجة طلقهن أزواجهن على فراش الموت لحرمانهن من الميراث «أيوب»: قانون المواريث رقم 77 لسنة 43 خالٍ من أى نصوص تعاقب على الحرمان من الميراث «مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ قَطَعَ اللهُ بِهِ مِيرَاثًا مِنَ الْجَنَّةِ».. هكذا تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 1400 سنة عن الذين يقومون بحرمان النساء من الميراث الشرعي، بالمخالفة للدين والقانون. ورغم التعليمات السماوية، والتحذيرات النبوية، والعقوبات القانونية، إلا أن قضايا حرمان الزوجات والبنات والأخوات من الميراث بلغت حدًا غير مسبوق، بعد أن بلغ عدد القضايا فى ساحات المحاكم لأكثر من 150 ألف قضية، حسب الدراسة التى قامت بها جمعية حماية المرأة بمحافظة القاهرة. وصنفت الدراسة الميدانية التى حصلت «المصريون» على نسخة منها، المحافظات المصرية حسب النسبة الأكبر لحرمان الإناث من الميراث، حيث جاءت "الفيوم وكفر الشيخ وأسيوط" فى مقدمة المحافظات الأكثر حرمانًا للمرأة من الميراث، بينما تبعتها على الترتيب «قنا – سوهاج – الدقهلية – الشرقية – المنيا – الجيزة». وأشارت الدراسة إلى أن 35% من السيدات اللاتى حرمن من ميراثهن تعرضن للإيذاء الجسدى لمنعهن من المطالبة بحقوقهن الشرعية، و15% من السيدات تم حرمانهن من حقوقهن الشرعية من خلال الابتزاز المادى، بالإضافة إلى نحو أن 50% يضطررن للتنازل عن حقوقهن الشرعية عبر الابتزاز المعنوى وخوفهن من الخلافات الأسرية، وغضب الأهل وقطيعة الأرحام. وأكدت الدراسة الحقوقية، أنه وفق أصحاب الدعاوى المقدمة للمحاكم، فإن 50% من الحرمان من الميراث يكون عن طريق الأشقاء الذكور و25% بسبب تعنت الأمهات، ورفضهن حصول بناتهن على حقوقهن و25% عن طريق الآباء الذين يكتبون جميع أملاكم وهم أحياء لأبنائهم الذكور، لمنع انتقال الثروة للبنات وأزواجهن. وشددت الدراسة على أن عدد قضايا النزاع على الميراث بلغ خلال العام الماضى 2015/ 2016 نحو 144 ألف قضية، بينما تجاوز عدد القضايا خلال العام الجارى لأكثر من 150 ألف قضية نزاع على الميراث الشرعي. «طلاق الفرار» ورصدت الدراسة، ظاهرة فريدة من نوعها فى حالات الطلاق، أطلقت عليها «طلاق الفرار»، والتى تشمل السيدات اللاتى يتعرضن للطلاق الإجبارى قبل وفاة الزوج بأيام أو ساعات قليلة. وأشارت الدراسة إلى أن 80% من السيدات اللاتى تعرضن لطلاق الفرار من فئة «الزوجة الثانية»، بينما 20% من المطلقات فرارًا من فئة «الزوجة الأولى»، وأن الهدف الوحيد من الطلاق هو حرمان الزوجة من الميراث. ورصدت الدراسة 1400 حالة طلاق تم تطليق الزوجة بالإكراه قبل أيام أو ساعات من وفاة الزوج، لحرمانهن من الميراث، ومن أبرز هذه الحالات التى رصدتها الدراسة، السيدة «ف. ص» صاحبة الدعوى القضائية رقم 23676 لسنة 2016 بمحكمة الأسرة بإمبابة، والتى تم تطليقها بعد 41 عامًا من الزواج، عاشت خلالها «زوجة وممرضة» لزوجها المسن المريض، إلا أنه قام بطلاقها قبل أيام معدودة من وفاته لكى لا ينتقل حقها من ميراثها الشرعى إلى أبنائها من زوجها الأول، ولكى لا تشارك أولاده فى الميراث، رغم أنهم أولادها!. أما الحالة الثانية التى رصدتها الدراسة فكانت بطلتها السيدة «ج. ن»، 58 عامًا، والتى أقامت الدعوى القضائية رقم 678 لسنة 2016 أمام محكمة الأسرة بزنانيري، بعد أن مرض زوجها مرض الموت، فقامت زوجته الثانية بإجباره على طلاق الزوجة الأولى لحرمانها من الميراث. أما الحالة الثالثة، والتى قامت الدراسة برصدها فكانت للسيدة «س . ن» 24 سنة، والتى أقامت الدعوى القضائية رقم 698 لسنة 2015 أمام محكمة الأسرة بالجيزة، ضد أولاد زوجها بعد أن أجبروا والدهم على طلاقها قبل وفاته بأيام قليلة، وكتابة جميع ممتلكاته وتسجيلها فى الشهر العقارى باسم أولاده بموجب عقود بيع وشراء قانونية، وهو ما ترتب عليه حرمانها من جميع حقوقها الشرعية. «أفعال الجاهلية» وحول رأى الشريعة الإسلامية قال الشيخ على طه، مدير التفتيش الدينى السابق بوزارة الأوقاف ومن علماء الأزهر الشريف، إنه لا يجوز حرمان المرأة من الميراث سواء كانت بنتًا أو أختًا أو زوجة، حيث قال تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً?. وقال أيضاً فى كتابه العزيز: ?وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ، وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ، وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً?. وشدد الشيخ على طه، على أن حرمان الزوجات من ميراث أزواجهن وكذلك حرمان البنات من ميراث آبائهن من فعل الجاهلية؛ وهى من العادات الذميمة التى حرمها الإسلام وقطعها، وجعل للمرأة نصيبًا معلومًا حيث قال تعالي: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)، وقال تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ). وأشار طه إلى أن النبى نهى عن حرمان المرأة من ميراثها، حيث جاء فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ قَطَعَ اللهُ بِهِ مِيرَاثًا مِنَ الْجَنَّةِ. «قانون أعور» وحول رأى القانون يقول على أيوب المحامى بالنقض، إن قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 به عوار قانونى كبير، ساهم فى حرمان المرأة من ميراثها، حيث جاء القانون خاليًا من أى نصوص تعاقب على الحرمان من الميراث. وطالب أيوب، بضرورة تعديل قانون المواريث بما يتضمن نصوصًا جديدة تنص صراحة على معاقبة من يقوم بحرمان الزوجة من ميراثها الشرعي، لأن دعاوى قسمة المال الشائع والفرز والتجنيب تأخذ الكثير من الوقت والمال أمام المحاكم، بينما فى حالة وجود «تشريع عقابي» يعاقب على ذلك سيحد من فرصة التلاعب والتحايل على القانون لحرمان المرأة من ميراثها.