كارثة قطارى الإسكندرية تفتح المسكوت عنه فى حوادث القطارات: لماذا يعاقب صغار الموظفين.. ويتم تبرئة «الكبار» من المسئولية؟ نزيف الدماء لا يتوقف سنويًا.. ووعود التطوير تذهب هباءً.. وركاب قطارات الغلابة يدفعون الثمن على الرغم من تعدد حوادث القطارات خلال السنوات الأخيرة، ووقوع ضحايا وإصابات بأرقام مذهلة، إلا أن الحساب والمساءلة لم يكن على قدر جملة الخسائر في الأرواح، إذ لم يتم التحرك من جانب المسئولين لاتخاذ خطوات جادة وإجراءات رادعة لتجنب تكرارها، وهو ما أدى إلى استمرار نزيف الدم بأعداد متزايدة، دون أن يلقى المسئولون عن ذلك العقوبة المناسبة. وفي أعقاب كل حادث، غالبًا ما يتم إلقاء المسئولية على متابعي حركة القطارات وعمال المزلقانات وعمال التحويلة، وسائقي القطارات، ويتم التضحية بهم، دون أن تطال المسئولية، المسئولين "الكبار" في تلك الحوادث، الذين يبتعدون عن دائرة الاتهام المباشر، حيث لا إقالة، أو محاسبة. ولم يكد المصريون يفيقون من صدمة الفيديو الذي تم تداوله على نطاق واسع مؤخرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويظهر فيه سائقو أحد القطارات، وهم يشربون الحشيش ويمزحون أثناء عملهم، حتى وقع حادث اليوم الجمعة بين قطارين بمنطقة خورشيد بالإسكندرية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 35شخصًا، وإصابة أكثر من 120 آخرين. ووقع الحادث نتيجة اصطدام قطار 13 اكسبريس "القاهرة- الإسكندرية"، بمؤخرة قطار رقم 571 "بورسعيد-الإسكندرية"، ما أدى إلى خروجه تمامًا من على قضبان السكة الحديد وانقلابه في الأراضي الزراعية. حادث الإسكندرية هو الحلقة الأحدث في مسلسل حوادث القطارات التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، وكان أسوءها على الإطلاق حادث "قطار العياط 2002"، الذي كان متوجهًا من القاهرة لأسوان، ويحمل رقم832، حينما اندلعت النيران في إحدى عرباته، ثم امتدت بسرعة إلي باقي العربات الأخيرة، ما أسفر عن سقوط أكثر من 350 ضحية حرقًا. وفي عام 2008، اصطدم قطار أثناء انتظار سيارات أمام مزلقان السكة الحديد بمنطقة فوكة بمطروح، وأثناء مرور القطار اصطدمت شاحنة من الخلف بالسيارات المنتظرة ، ما أدى لاندفاع السيارات القريبة من حاجز المزلقان، وارتطامها جميعًا بالقطار وهي حافلتان وسيارتان كانت جميعها محملة بالركاب معظمهم ممن يقضون إجازات الصيف بمرسى مطروح، ما أدى إلى مصرع 58 شخصًا وإصابة 60 آخرين، وحملت الحكومة المسئولية وقتها لسائق المقطورة. وفي عام 2009، شهدت منطقة العياط حادث تصادم قطارين على طريق "القاهرة-أسيوط"، بعدما تعطل القطار الأول ليصطدم به القطار الثاني من الخلف، ما أدى إلى مقتل 30 شخصًا وأكثر من 58 جريحًا. وفي عام 2012، اصطدام قطار 165 "أسيوط–القاهرة"، بأتوبيس معهد أزهري خاص أثناء ذهابه بالطلبة إلى المعهد، نتج عنه مصرع 35 تلميذًا وسائق الأتوبيس ومدرّسة، وإصابة 17 آخرين. وفي عام 2016، اصطدم القطار رقم 978 "القاهرة – أسيوط"، بسيارة ربع نقل بمزلقان البليدة بمركز العياط بالجيزة، بسبب كثافة الشبورة المائية، وتسبب الحادث في مصرع 7 أشخاص وإصابة 3 آخرين. الدكتور أسامة عقيل، خبير الطرق والنقل علق على كثرة حوادث القطارات في مصر، قائلاً: "الدولة لا يوجد لديها إرادة حقيقة للتغيير أو إنهاء أزمة حوادث القطارات، وفي كل مرة تقع حادثة يتم تقديم خطة لتطوير الهيئة، لكن لا أحد يسمع أو يبدي نية حقيقية لإنهاء هذا المسلسل من الكوارث". وتساءل عقيل في تصريح إلى "المصريون": "ما الذي يمنع الدولة من اتخاذ خطوات جادة لإنهاء تلك الحوادث، والحفاظ على أرواح المواطنين، حيث لم يتخذ المسئولون إجراءات سريعة بهذا الشأن". وأضاف: "في كل مرة يسيرون على نفس الطريق ويتوقعون الحصول على نتائج إيجابية ومختلفة عن سابقتها، فتقع الكارثة، والنتيجة أن هيئة السكة الحديد تنهار يومًا بعد يوم". وحذر من أن "استمرار إهمال هيئة السكة الحديد وعدم وضع خطة جيدة لتطويرها وإنهاء مشكلاتها سيترتب عليه، نتائج لا تحمد عقباها، لاسيما أنه إحدى الوسائل المهمة لقطاع عريض من المواطنين". فيما عزا الدكتور مصطفى صبري، أستاذ تخطيط النقل، وهندسة المرور بجامعة عين شمس، السبب الرئيسي في وقوع وتكرار حوادث القطارات إلى أنه "يكون في الغالب نتيجة خطأ بشري، وليس فنيًا". وأوضح ل "المصريون"، أن "إهمال وتساهل عمال المزلقانات يؤدي إلى وقوع حوادث التصادم، وفي حال وقوع تصادم قطارين، فإن ذلك يكون بسبب إهمال عامل التحويلة". وأشار إلى أن "المسئولين بوزارة النقل وأعضاء مجلس النواب ورئيس هيئة السكة الحديد، عليهم البحث عن سبل وإجراءات من أجل تجنب وقوع مثل هذه الحوادث أو تكراراها". ورأى أن محاسبة المسئولين الحقيقيين والمتسببين الفعليين في هذه الحوادث سيؤدي إلى تقليل عدد الحوادث، والقضاء هو من يحدد ذلك.