البابا تواضروس الثانى يصلى الجمعة العظيمة فى الكاتدرائية بالعباسية..صور    إسكان النواب: مدة التصالح فى مخالفات البناء 6 أشهر وتبدأ من الثلاثاء القادم    أحمد التايب لبرنامج "أنباء وآراء": موقف مصر سد منيع أمام مخطط تصفية القضية الفلسطينية    أمين اتحاد القبائل العربية: نهدف لتوحيد الصف ودعم مؤسسات الدولة    نشرة الحصاد الأسبوعي لرصد أنشطة التنمية المحلية.. إنفوجراف    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    وزارة الصحة توضح خطة التأمين الطبي لاحتفالات المصريين بعيد القيامة وشم النسيم    برواتب تصل ل7 آلاف جنيه.. «العمل» تُعلن توافر 3408 فرص وظائف خالية ب16 محافظة    أبرزها فريد خميس.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدا في الجمعة الأخيرة من شوال    الذهب يرتفع 15 جنيها في نهاية تعاملات اليوم الجمعة    محافظ المنوفية: مستمرون في دعم المشروعات المستهدفة بالخطة الاستثمارية    حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العامة في ميناء دمياط    عضو «ابدأ»: المبادرة ساهمت باستثمارات 28% من إجمالي الصناعات خلال آخر 3 سنوات    الاستعدادات النهائية لتشغيل محطة جامعة الدول بالخط الثالث للمترو    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    نعم سيادة الرئيس    السفارة الروسية بالقاهرة تتهم بايدن بالتحريض على إنهاء حياة الفلسطينيين في غزة    المحكمة الجنائية الدولية تفجر مفاجأة: موظفونا يتعرضون للتهديد بسبب إسرائيل    حاكم فيينا: النمسا تتبع سياسة أوروبية نشطة    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    سموحة يستأنف تدريباته استعدادًا للزمالك في الدوري    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    الغندور: حد يلعب في الزمالك ويندم إنه ما لعبش للأهلي؟    مؤتمر أنشيلوتي: عودة كورتوا للتشكيل الأساسي.. وسنحدث تغييرات ضد بايرن ميونيخ    تشافي: نريد الانتقام.. واللعب ل جيرونا أسهل من برشلونة    «فعلنا مثل الأهلي».. متحدث الترجي التونسي يكشف سبب البيان الآخير بشأن الإعلام    "لم يحدث من قبل".. باير ليفركوزن قريبا من تحقيق إنجاز تاريخي    بسبب ركنة سيارة.. مشاجرة خلفت 5 مصابين في الهرم    مراقبة الأغذية تكثف حملاتها استعدادا لشم النسيم    كشف ملابسات واقعة مقتل أحد الأشخاص خلال مشاجرة بالقاهرة.. وضبط مرتكبيها    إعدام 158 كيلو من الأسماك والأغذية الفاسدة في الدقهلية    خلعوها الفستان ولبسوها الكفن.. تشييع جنازة العروس ضحية حادث الزفاف بكفر الشيخ - صور    تعرف على توصيات مؤتمر مجمع اللغة العربية في دورته ال90    لأول مرة.. فريدة سيف النصر تغني على الهواء    فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" يتراجع ويحتل المركز الثالث    الليلة.. آمال ماهر فى حفل إستثنائي في حضرة الجمهور السعودي    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    عمر الشناوي ل"مصراوي": "الوصفة السحرية" مسلي وقصتي تتناول مشاكل أول سنة جواز    مواعيد وقنوات عرض فيلم الحب بتفاصيله لأول مرة على الشاشة الصغيرة    دعاء يوم الجمعة المستجاب مكتوب.. ميزها عن باقي أيام الأسبوع    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة.. فيديو    خطيب المسجد الحرام: العبادة لا تسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته    مديرية أمن بورسعيد تنظم حملة للتبرع بالدم بالتنسيق مع قطاع الخدمات الطبية    بعد واقعة حسام موافي.. بسمة وهبة: "كنت بجري ورا الشيخ بتاعي وابوس طرف جلابيته"    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    قوات أمريكية وروسية في قاعدة عسكرية بالنيجر .. ماذا يحدث ؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    محافظ المنوفية: 47 مليون جنيه جملة الاستثمارات بمركز بركة السبع    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    وزير الصحة: تقديم 10.6 آلاف جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية أحداث غزة    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرد على الشبهة حول {حديث رؤية أبى هريرة للشيطان}

أثار بعض المنكرين للسنة ، كإسلام البحيرى الشبهات حولها ، ومن هذه الشبهات التى أثاروها ، الشبهتين المتعلقتين بحديث رؤية أبى هريرة للشيطان ، ولنا مع الرد عليهما الوقفات الآتية :
الوقفة الأولى عرض القصة :-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : { وكلني رسول الله صلي الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت : والله لأرفعنك إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال : فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ” يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة .؟ ” قال : قلت : يارسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته فخليت سبيله قال : ” أما إنه قد كذبك وسيعود ” فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم إنه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت : لأرفعنك إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم : ” ياأبا هريرة مافعل أسيرك .؟ ” قلت : يارسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته فخليت سبيله قال :” أما إنه قد كذبك وسيعود ” فرصدته الثالثة فجاء فيحثو من الطعام فأخذته فقلت : لأرفعنك إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم لا تعود ثم تعود قال ” دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت : ماهو .؟قال : إذا أويت إلي فراشك فاقرأ آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم حتي تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتي تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم مافعل أسيرك البارحة .؟ قلت : يارسول الله زعلم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال : ماهي .؟ قلت : قال : لي إذا أويت إلي فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتي تختم الآية الله لا إله الا هو الحي القيوم وقال لي : لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتي تصبح وكانوا أحرص شئ علي الخير فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ” أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ قال : لا ..قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ذاك شيطان } ( أخرجه البخارى )
الوقفة الثانية : عرض الشبهتين :-
الشبهة الأولى : أن الحديث يتعارض مع قوله تعالى : { يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ } ( الأعراف 27 ) فالآية قد نفت رؤية البشر للشيطان ، فكيف يراه أبو هريره ويكلمه ؟ فمن ثم فالحديث غير صحيح لمعارضته للقرآن .
الشبهة الثانية : أن أبا هريرة لا يحق له أن يعفو عن السارق : لعدم جواز العفو عن الحدود ، ومن ثم فالحديث مخالف لحديث عائشة الذى رواه البخارى بقولها : { أنَّ قُرَيشًا أهَمَّتهُمُ المَرأةُ المَخْزوميَّةُ التي سَرَقَت ، فقالوا : مَن يُكَلِّمُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، ومَن يَجْتَرئُ عليه إلَّا أُسامَةُ ، حِبُّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فكَلَّمَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فقال : ( أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدودِ اللهِ ) . ثم قامَ فخطبَ ، قال : ( يا أيُّها الناسُ ، إنَّما ضلَّ مَن كان قَبلَكم ، أنهُم كانوا إذا سرَقَ الشَّريفُ تَرَكوه ، وإذا سَرَقَ الضَّعيفُ فيهِم أقاموا عليه الحَدَّ ، وايْمُ اللهِ ، لو أنَّ فاطِمَةَ بنتَ مُحمدٍ ، سَرَقَت لَقطَعَ مُحمدٌ يَدَها }
الوقفة الثالثة : الرد على هاتين الشبهتين :-
الرد على الشبهة الأولى :
أن الآية التى يحتجون بها ليس فيها نفى إمكانية الرؤية مطلقا ، وإنما النفى مخصوص برؤيتهم على صورتهم الحقيقية التى خلقهم الله عليها ، إذ لو كان نفى الرؤية مطلقا هو المراد لقال تعالى { إنه يراكم هو وقبيله ولا ترونهم } ، ولكنه سبحانه قال : { من حيث لا ترونهم } ، فدلّ على أن عدم رؤيتنا لهم مخصوص في بعض حالاتهم ، ذلكم أن الله أعطاهم قدرة على أن يتشكّلوا بأشكال لا نستطيع رؤيتهم بها ، وأعطاهم قدرة على أن يتشكّلوا بأشكال نستطيع رؤيتهم بها ، قال الحافظ ابن حجر في الفتح : { وفي الحديث من الفوائد … أن الشيطان من شأنه أن يكذب ، وأنه قد يتصور ببعض الصور فتمكن رؤيته ، وأن قوله تعالى ( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) مخصوص بما إذا كان على صورته التي خلق عليها } اه
ومما يؤيد ذلك من القرآن :-
1- قوله تعالى : { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ، وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ، فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى? عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى? مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } ( الأنفال 47 – 48 )
روى ابن جرير الطبري – رحمه الله – في تفسيره ، وابن كثير – رحمه الله – في ” البداية والنهاية ” عن عروة بن الزبير ، قال : { لما أجمعت قريش المسير ذكرت الذي بينها وبين بني بكر – يعني من الحرب – فكاد ذلك أن يثبطهم ، فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن جعشم المدلجي ، وكان من أشراف بني كنانة ، فقال : أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة بشيء تكرهونه ! فخرجوا سراعا }
2- قوله تعالى : { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } ( الحشر 16 )
روى إبن جرير عن على إبن أبى طالب : { إن راهبا تعبد ستين سنة ، وإن الشيطان أراده فأعياه فعمد إلى امرأة فأجنها ، ولها إخوة فقال لإخوتها : عليكم بهذا القس فيداويها قال : فجاءوا بها إليه فداواها وكانت عنده فبينما هو يوما عندها ، إذ أعجبته فأتاها فحملت فعمد إليها فقتلها ، فجاء إخوتها فقال الشيطان : للراهب أنا صاحبك إنك أعييتني أنا صنعت هذا بك فأطعني أنجك مما صنعت بك ، اسجد لي سجدة فسجد له فلما سجد له قال : إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فذلك قوله كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين .}
فالثابت من الآيتين أن الشيطان تكلم مع الإنسان ( كفار قريش ، والرجل الكافر ) ، ومن ينفى الرؤية مطلقا ، ينفيها وينفى ما يستلزمها من سماع لكلامهم ، فيقول لا يمكن رؤية الجن ولا سماع كلامهم ، وهنا تثبت الآيتان سماع الإنس لكلام الشياطين ، والسماع فيهما حقيقى – إذ لا يجوز صرف اللفظ عن معناه الحقيقى بغير قرينة صارفة ، وليست هناك قرينة معهم على صرف اللفظ عن معناه الحقيقى إلى المعنى المجازى – فالسماع هنا يستلزم الرؤية ، والرؤية هنا مخصوصة بالتمثل فى صورة بشرية ترى وتسمع .
ولعل البعض قد يعترض على القصتين الواردتين فى تفسير الآيتين بأنهما ضعيفتان ، إلا أن التدقيق في الآيتين يدعم صحة القصتين ، لأن التزيين بالوسوسة إنما يكون بتزيين العمل للنفس والحث على الفعل ، وأما المضامين التي تذكرهما الآيتان الكريمتان ، كقوله { إني جار لكم } وقوله : { إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ } ( الأنفال : 48 ) وقوله { قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } ( الحشر 16 ) فهذا ما لا تستوعبه الوسوسة ، لأن الوسوسة يمكن أن تستوعب إيصال أفكار مجردة في تزيين العمل المنكر وتصوير الأشياء للإنسان ، وأما الحوارات التي تتضمن أقوالاً فلا تستوعبها الوسوسة وإنما لا بد أن تكون معاينة ، وذلك لا يتم إلا إذا تصور إبليس بصورة بشر .
وهذه المعاينة إما أن تكون في الدنيا من خلال تصور الشيطان بصورة ما ، وإما أن تكون في الآخرة . كمثل حوار الشيطان يوم القيامة مع الواقعين في شباكه ومكايده الوارد فى قوله تعالى : { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ } ( إبراهيم : 22 )
ومما يؤيد ذلك من السنة :-
أنه ثبت أن الجن يتشكلون فى صورة حيات وثعابين ، وغيرها ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : { إِنَّ بِالْمَدِينَةِ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ قَدْ أَسْلَمُوا فَمَنْ رَأَى شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعَوَامِرِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلاثًا فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ } ( رواه مسلم )
والعوامر : الحيات والثعابين التي تكون في البيوت ، لا تقتل حتى تستأذن ثلاثاً فقد تكون من الجن . انظر ” غريب الحديث ” لابن الأثير .
قال النووي – رحمه الله – فى ” شرح مسلم ” : { معناه : وإذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنَّه ليس من عوامر البيوت ، ولا ممَّن أسلم من الجنِّ ، بل هو شيطان ، فلا حرمة عليكم فاقتلوه ، ولن يجعل اللهُ له سبيلاً للانتصار عليكم بثأره بخلاف العوامر ومن أسلم ، واللهُ أعلم } أه .
و قال شيخ الإسلام – رحمه الله – فى ” مجموع الفتاوى ” : { والجن يتصورون في صور الإنس والبهائم فيتصورون في صور الحيات والعقارب وغيرها وفي صور الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير وفى صور الطير وفى صور بنى آدم كما أتى الشيطان قريشا في صورة سراقة بن مالك بن جعشم لما أرادوا الخروج إلى بدر } أه .
وقال أيضا فى ” مجموع الفتاوى ” : { وكثيراً ما يتصور الشيطان بصورة المدعو المنادى المستغاث به إذا كان ميتا . وكذلك قد يكون حيا ولا يشعر بالذي ناداه ; بل يتصور الشيطان بصورته فيظن المشرك الضال المستغيث بذلك الشخص أن الشخص نفسه أجابه وإنما هو الشيطان ، وهذا يقع للكفار المستغيثين بمن يحسنون به الظن من الأموات والأحياء كالنصارى المستغيثين بجرجس وغيره من قداديسهم ، ويقع لأهل الشرك والضلال من المنتسبين إلى الإسلام الذين يستغيثون بالموتى والغائبين ، يتصور لهم الشيطان في صورة ذلك المستغاث به وهو لا يشعر …. وذكر لي غير واحد أنهم استغاثوا بي ، كلٌّ يذكر قصة غير قصة صاحبه فأخبرت كلا منهم أني لم أجب أحداً منهم ولا علمت باستغاثته ، فقيل : هذا يكون مَلَكاً ، فقلت : المَلَكُ لا يغيث المشرك ، إنما هو شيطان أراد أن يضله } أه
الرد على الشبهة الثانية :-
ويرد عليها من وجوه هى :
الوجه الأول : ما ذكره إبن حجر – رحمه الله – فى ” فتح البارى شرح صحيح البخارى ” بقوله : { وفيه أن السارق لا يقطع في المجاعة ، ويحتمل أن يكون القدر المسروق لم يبلغ النصاب ولذلك جاز للصحابي العفو عنه قبل تبليغه إلى الشارع‏ . } أه .‏ ومما يؤيد أن المبلغ المسروق لم يبلغ النصاب ، ما جاء في رواية أبي المتوكل عن أبي هريرة { أنه كان على تمر الصدقة فوجد أثر كف كأنه قد أخذ منه‏ } ورواية إبن الضريس من هذا الوجه : { فإذا التمر قد أخذ منه ملء كف‏ } ( ذكرهما إبن حجر فى الفتح )
الوجه الثانى : جواز العفو عن الحدود ، قبل أن ترفع للحاكم ، فعن عبدالله بن عمرو رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { تعافُّوا الحدودَ فيما بينَكُم ، فما بلغَني مِن حدٍّ فقد وجبَ } ( أبو داود وصححه الألبانى ) وفى رواية : { تعافوا الحدودَ قبلَ أن تأتوني به ، فما أتاني من حدٍّ فقد وجبَ. } ( رواه النسائى وصححه الألبانى )
الوجه الثالث : ما ذكره البعض من أن أبا هريرة كان وكيلا عن النبى صلى الله عليه وسلم فى حفظ تمر الصدقة وقد أسلف أبو هريرة الرجل ( الذى جاء الشيطان فى صورته ) التمر الذى أخذه ، وأجازه النبى صلى الله عليه وسلم ، فلم ينكر عليه ، ولذلك بوب البخارى الباب الوارد فيه الحديث بقوله :‏ (‏باب إذا وكل رجلا فترك الوكيل شيئا فأجازه الموكل فهو جائز، وإن أقرضه إلى أجل مسمى جاز‏ )‏ .‏ قال الحافظ فى الفتح : { وأخذ ذلك من حديث الباب بطريق أن الطعام كان مجموعا للصدقة وكانوا يجمعونه قبل إخراجه ، وإخراجه كان ليلة الفطر، فلما شكا السارق لأبي هريرة الحاجة تركه فكأنه أسلفه له إلى أجل وهو وقت الإخراج .‏ وقال الكرماني‏ :‏ تؤخذ المناسبة من حيث أنه أمهله إلى أن رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .‏} أه .
من كل ما سبق يتضح تهاوى الشبهتين ، وأنهما على غير أساس ، ويتضح جواز رؤية الإنس للجن على غير صورتهم الحقيقية التى خلقهم الله عليها ، والله أعلم .
** نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والكاتب بمجلة التوحيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.