لأول مرة.. جامعة بنها الأهلية ضمن أفضل الجامعات الخضراء عالميًا    موعد مباراة أتلتيكو مدريد ضد أتلتيك بلباو والقناة الناقلة    السوق العقاري الأردني يسجل نموا في التداولات والإيرادات خلال 11 شهرا    وزير الاتصالات ومحافظ الدقهلية يفتتحان مكتب بريد المنصورة الرئيسي    ارتفاع تدريجي في أسعار الدواجن بالبحيرة والرومي البلدي يسجل 150 جنيها (فيديو)    استقرار في أسعار الفاكهة بأسواق والمحلات الأقصر اليوم السبت 6 ديسمبر 2025    المرحلة النهائية للمبادرة الرئاسية «تحالف وتنمية»: قبول مبدئي ل9 تحالفات استعدادًا لتوقيع البروتوكولات التنفيذية    طالب بتغيير اسم عائلته لحيوان آخر، فيديو مسرب لبشار الأسد ولونا الشبل    الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تدمير مواقع الطاقة والبنية التحتية بأوكرانيا    وزير الخارجية: معبر رفح مفتوح على مدار الساعة من الجانب المصري.. ولن نقبل بتقسيم غزة    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    خمسة قتلى بينهم جندي في اشتباك حدودي جديد بين أفغانستان وباكستان    15 ديسمبر.. آخر موعد للتقدم لمسابقة "فنون ضد العنف" بجامعة بنها    آرسنال يتأخر أمام أستون فيلا في الشوط الأول    عاجل- الرئيس السيسي يوجه بتطوير نظام شهادة البكالوريا المصرية وتوفير مسارات متعددة للطلاب    الجو قلب فى الغردقة.. غيوم وبرق ورعد وأمطار متقطعة بمناطق متفرقة.. مباشر    استمرت لسنوات.. أمن بني سويف ينجح في إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين    جدل "الماضي الإجرامي" يدفع الممثل الكوري تشو جين وونج إلى إعلان الاعتزال    السفيرة الأمريكية وزوجة السفير البريطاني تلتقطان «سيلفي» داخل معبد إسنا    شارك بروايتك في جائزة نجيب محفوظ بمعرض الكتاب 2026.. والجائزة 500 ألف جنيه    وزير الخارجية يكشف تفاصيل العلاقات مع قطر والصفقات الاقتصادية    إنفوجراف|حصاد منظومة الشكاوى الحكومية خلال نوفمبر 2025    فيتو الرئيس    عمرو دياب يتألق في الدوحة بحفل استثنائي وحضور جماهيري غفير    الإعلان التشويقى لفيلم "القصص" قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر السينمائى الدولى    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    مفتي الديار المصرية: «دولة التلاوة» يعيد إحياء مدرسة التلاوة المصرية بأكتشاف المواهب الشابة ورعايتها    وزير الصحة يعقد مؤتمراً صحفيًا غداً الأحد للإعلان عن الوضع الوبائي والإصابات التنفسية    بعد الإعلان عن عرضه 31 ديسمبر.. أزمة فيلم الملحد تتجه للنهاية    وزير الخارجية القطري: استقرار قطاع غزة المدمر لن يتم إلا حال الانسحاب الإسرائيلي الكامل    رئيس مصلحة الجمارك: لا رسوم جديدة على المستوردين مع تطبيق نظام ACI على الشحنات الجوية يناير المقبل    أول تعليق من بيطري الشرقية على ظهور تماسيح صغيرة داخل مصرف مائي بالزوامل    اللجنة القضائية تتفقد لجان التصويت في الجمعية العمومية لنقابة المحامين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    مدرب سوريا: مباراة فلسطين صعبة وتركيزنا على حسم التأهل فى كأس العرب    رانيا المشاط: الالتزام بسقف الاستثمارات عند تريليون جنيه العام الماضي فتح المجال لمزيد من استثمارات القطاع الخاص    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    الأوقاف تعلن مواعيد المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل وظائف بالشئون القانونية    وكيل طب قصر العيني: اللقاءات العلمية بين التخصصات المتداخلة محور أساسي في خدمة المرضى    دراسة أمريكية توضح.. لماذا لم يتم إدراج البطاطس في النظام الغذائي الصحي؟    شهر و 5 أيام إجازة نصف العام لهؤلاء الطلاب.. اعرف التفاصيل    محافظ الشرقية يتابع الموقف التنفيذي لسير أعمال إنشاء مجمع مواقف مدينه منيا القمح    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    مواعيد مباريات اليوم السبت 6- 12- 2025 والقنوات الناقلة    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    وزير الري يتابع أعمال حماية الشواطئ المصرية للتعامل مع التأثيرات السلبية لتغير المناخ    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه الإمارات اليوم بحثا عن الانتصار الأول    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في هجاء الشعب "الجبان" ؟!
نشر في المصريون يوم 15 - 07 - 2017

في مصر نكتة شهيرة ، كان العامة يتداولونها ، تقول أن سائق حافلة "أوتوبيس" كان يقودها برعونة شديدة واستهتار وقلة خبرة واضحة ، ويطيح بها يمينا ويسارا بشكل خطير ، تفلت من الاصطدام بشجرة كبيرة فتوشك أن تقع في ترعة على الجانب الآخر ، والركاب في حالة رعب وقلق وإرهاق ، فتطوع بعضهم لنصحه بأن يقود بشكل أهدأ وحكيم وأقل اندفاعا وأكثر اتزانا ، فقام فتوة أو بلطجي مخيف وضخم الجثة كان يجلس بجوار السائق لينظر شذرا للركاب وبصوته الأجش يقول : الأسطى عبده أحسن سواق في الدنيا ، فما كان من راكب مغلوب على أمره إلا أن أجاب بصوت ضعيف خجول : صحيح ، بس احنا اللي مش عارفين نركب !! .
يبدو أن هذه النكتة تحولت إلى واقع في مصر الآن ، فبعد الحادث الإرهابي الإجرامي الذي وقع في البدرشين أمس ، وراح ضحيته خمسة من أبنائنا رجال الشرطة ، نشطت بعض الأصوات الإعلامية الغاضبة الجالسة بجوار السائق لتشخط في الناس وتتهم الشعب بأنه شعب جبان ولم يحسن الدفاع عن أمن بلده ولم يحم شرطته ، وأن المشكلة ليست في السلطة التي تملك السلاح والإمكانيات لتحمي نفسها وتحمي الشعب ، وإنما المشكلة في الشعب الذي لم يحم السلطة ولم ينجح في الدفاع عنها عندما هاجمها الإرهابيون ، أي باختصار : احنا اللي مش عارفين نركب .
الموجة الجديدة للدفاع عن ارتباك السلطة وفشلها وسوء أدائها ، تركت الأزهر ، الذي حولته طوال عدة أشهر إلى شماعة تعلق عليها فشلها في تحقيق الأمن ودحر الإرهاب ، الآن أصبح الشعب نفسه هو الشماعة ، لأنه لم يتصد للإرهابيين ويمنعهم من الهجوم على رجال الشرطة ، وهذه من "إبداعات" النفاق السياسي التي تنفرد بها مصر ، لأنه في العالم كله تقوم السلطات بنشر تحذيرات وتوجيهات صارمة في حالة وجود أي خطر إرهابي ، أن يغادر المدنيون المكان بأسرع وقت ، أو يختفوا خلف أدوات صلبة مثل الجدران أو ينبطحوا أرضا ، حتى تنتهي الاشتباكات أو تتم السيطرة على الوضع ، لكن في مصر ، "فتوات" "قائد" الحافلة يشتمون المدنيين لأنهم لم يأخذوا رصاص الإرهابيين في صدورهم ، ولأنهم فكروا في الابتعاد عن منطقة الاشتباكات ، وبذلك كانوا هم السبب في نجاح الإرهابيين وهروبهم ، وليس الأمر متعلقا بسوء تقدير "قائد" الحافلة ، ولا بالتدريب الملائم لقوات الأمن ، ولا التخطيط ولا الاستعداد ولا أي مسئولية يمكن أن يتحملها السلطة وأجهزتها وقائدها ، فالمشكلة هي في الشعب الأعزل الجبان المجرم الذي فر أمام الإرهابيين وترك الشرطة المسلحة وحدها تتعامل معهم ؟!.
المسافة بين المسرح والواقع ، النكتة والحقيقة ، تلاشت في مصر هذه الأيام ، نحن نقترب من حافة الجنون بالفعل ، فالمواطن الذي يحظر عليه حمل مطواة أو موس حلاقة أصبح مطالبا بأن يخوض المعركة ضد الإرهابيين المدججين بالأسلحة الآلية والمتفجرات ، المواطن الذي يمكن أن يلبس قضية تظاهر أو تكدير السلم العام إذا اجتمع مع ثلاثة من أصدقائه على مقهى أو إذا ضبط على موبايله "بوست" فيس فيه سخرية من وزير أو كبير أصبح مطالبا بأن ينسق عمليات مواجهة خطط الإرهابيين ميدانيا ، المواطن الذي يقال له يوميا عبر إعلام الدولة أنه جاهل ولا يفهم شيئا في السياسة وعليه أن يبتلع لسانه ويسكت وأن السلطة تعرف ما لا يعرف وتملك ما لا يملك وتعرف مصلحته أكثر من نفسه وعليه أن يمشي "جنب" الحيط أو داخل الحيط نفسه ، أصبح مطلوبا منه أن يخوض اشتباكا مجهولا يمكن أن يندلع فجأة في الشارع بالأسلحة النارية خلال دقيقة أو دقيقتين ، المواطن الذي تتكرم عليه الحكومة بأن تدفع لأرملته وأطفاله خمسة آلاف جنيه تعويضا (حوالي مائتين وخمسين دولارا" إذا قتل خطأ لأي سبب في حادثة ، مطلوب منه أن يغامر بدخول اشتباك مسلح مفاجئ أمامه لا يعرف سببه من هول المفاجأة ، وإن لم يفعل فهو جبان وخائن لوطنه .
جميل أن يعطي بعض الإعلاميين الدروس للشعب في التضحية من أجل رجال الشرطة ، وأن يحموهم بدمائهم ، وهذا مطلب وطني بالفعل ، ولكن الأجمل أن يكون الدرس عمليا ، ويخصص كل واحد من هؤلاء الإعلاميين نصف راتبه السنوي لأسر شهداء الشرطة والجيش ، وأعتقد أن عدة ملايين باقية له ولأسرته بعد التبرع بالنصف بمتوسط ربع مليون جنيه شهريا ستكون كافية ليعيش حياة كريمة ورغدة ، والإعلامي المحبب للرئيس عبد الفتاح السيسي ، الذي يتقاضي ثلاثة ملايين دولار سنويا (أكثر من خمسين مليون جنيه) ، لو خصص نصفهم فقط (خمسة وعشرون مليون جنيه) لأسر شهداء الشرطة والجيش سيكون أكثر تأثيرا في الناس وأكثر مصداقية وأكثر وطنية بالطبع ، ولو كل إعلامي من هؤلاء الذين يذرفون الدمع على شهدائنا فعل مثله وجمعنا نصف رواتبهم ، النصف فقط ، لأمكن لنا أن نمنح أسرة كل شهيد مليون جنيه على الأقل ، تطييبا لخاطرهم وتخفيفا لبعض آلامهم .
والجهاز الأمني الذي يريد أن يثبت للشعب كفاءته وإخلاصه ، أعتقد أنه لو نجح في ضبط وإحضار اللواء حبيب العادلي الهارب منذ ثلاثة أشهر لتنفيذ حكم القضاء بسجنه سبع سنوات نافذة ، مثلما نجح في ضبط وإحضار مئات النشطاء المعارضين بسهولة خلال ساعات ، ولم يتهرب من تلك المسئولية "الأخلاقية" لمدة ثلاثة أشهر حتى الآن ، سيكون أكثر إقناعا للناس بأنه جهاز كفؤ وقادر ووطني .
لقد كان مؤلما لكثيرين في مصر ، أن يعلن مجلس النواب تخصيص ثلاثة ملايين جنيه هدايا للنواب من أعضائه من أجل "دعم" رحلاتهم إلى المصايف هم وأسرهم ، وكان ذلك في نفس اليوم الذي كان "فتوات" الإعلام يشتمون الشعب الذي لا يقدر تضحيات الشرطة ولا يقف في ظهرها ولا يضحي بحياته من أجلها .
الكلام رخيص ، والأفعال وحدها هي التي تمنحه الثمن .
[email protected]
https://www.facebook.com/gamalsoultan1/
twitter: @GamalSultan1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.