"كنت بذاكر دروسي في المنزل، ولم أذهب إلى المدرسة، وباخد دروس خصوصية ب3 آلاف جنيه شهريًا"، هكذا علقت يارا عفيفي، الأولى مكرر على شعبة العلمي علوم بالثانوية العامة من محافظة الشرقية، على سر تفوقها بالمرحلة الثانوية. الأمر الذي لم ينكره برلمانيون وخبراء واعتبروه دليلاً على فشل المنظومة التعليمية في مصر، وإهدارًا لحقوق طلاب الأسر الفقيرة والمتوسطة لعدم قدرتهما على تحمل مصاريف الدروس الخصوصية، وحرمانهم من الحصول على مقعد في الكليات الكبرى. وتروي الطالبة آلاء محمد محمود عثمان، الأولى على الثانوية العامة، أنها كانت تذاكر 6 ساعات يوميًا، ولم تكن تذهب للمدرسة، بل تلجأ إلى الدروس الخصوصية، لتحقيق رغبتها في الحصول على الدرجات النهائية. وقال الطالب محمد مبروك، أول مكرر علمي علوم من البحيرة أيضًا، إنه كان يتلقى دروسًا خصوصية في كل المواد، ولم يكن يذهب للمدرسة إطلاقا، مشيرًا إلى أن اهتمامه كان على الدروس الخصوصية، وإن هدفه دخول كلية الطب بناء على رغبة والديه. وقال الطالب محمد لمعي، أول الثانوية العامة علمي رياضة، إنه لم يكن يذهب للمدرسة بشكل دائم، وكان يتلقى درسًا خصوصيًا في بعض المواد فقط. وقال الدكتور طارق نور الدين معاون وزير التربية والتعليم الأسبق، إن "التعليم المصري بحاجة إلى تغيير كامل للمنظومة وتغيير المسئولين بمن هم لديهم الأفكار الإبداعية خارج الصندوق وليس إصلاحها، لمواكبة التطور العالمي". وأضاف ل "المصريون: "الدروس الخصوصية أصبحت أمرًا طبيعيًا وواقعًا نعيشه داخل المجتمع المصري، وأصبح الوسيلة الوحيدة للحصول على مقعد بالجامعة، وهو ما يتطلب تغيير المنظومة التعليمية بكل المسئولين، وإتاحة الفرصة للعقول التي تفكر خارج الصندوق لمواكبة التطور العالمي، والنهوض بالمنظومة التعليمية". وأوضح معاون وزير التربية والتعليم الأسبق، أن "هناك مليارات الجنيهات تصرف على التعليم، في الوقت الذي لايملك فيه كثير من الطلاب عبء الدروس الخصوصية، التي أصبح المسئولين يعتبرونها أمرًا طبيعيًا وواقعيًا، ما يؤكد أن التعليم أصبح غير مجاني بالمخالفة للدستور". ووصف نور الدين، الطلاب بأنه "مجني عليهم وليسوا جناة نتيجة فشل المنظومة التعليمية، وأن المدرسين لا يمكن إلقاء اللوم عليهم في مجال الدروس الخصوصية لأنهم مرغمون لعد توافر الإمكانيات، وإهمال الدولة لحقوقهم". وطرح، عدة حلول للنهوض بالتعليم المصري، على رأسها تنفيذ استراتيجية "2014_2030" لتطوير التعليم، وتغيير المنظومة التعليمية وإتاحة الفرصة للكوادر المبدعة، وتطوير مناهج التعليم ونظام التقويم. وقال الدكتور مصطفى كمال، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بالبرلمان، إنه لايمكن إنكار ظاهرة الدروس الخصوصية داخل المجتمع المصري، ما تمثل دليلاً على فشل المنظومة التعليمية وحاجتها إلى الإصلاح المادي والفكري. وأوضح ل"المصريون"، أن "سبب ظاهرة الدروس الخصوصية يعود إلى تهميش المدرسين وعدم حصولهم على حقوقهم المالية، إذ أن المدرسين يعيشون تحت خط الفقر، ولم يتم تأهيلهم جيدًا من خلال فرص التدريب الجيدة، فضلاً عن عدم اهتمام المدارس بتطبيق الحضور والغياب، والازدحام الكبير داخل الفصول الذي وصل عدد الطلاب بها إلى 150طالبًا". وأضاف كمال، أن "المدارس أصبحت طاردة للطلاب بدلاً من احتضانهم، لعدم تفعيل دور الأنشطة الطلابية التي تعمل على اجتذاب الطلاب، وكذلك الحشو الذي تعاني منه المواد الدراسية، فضلاً عن وجود مواد يجب أن تحذف من المنظومة التعليمة". وأشار عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بالبرلمان، إلى ضرورة الاهتمام بالتعليم المتوسط والفني والصناعي لتخفيف الضغط على الكليات النظرية التي أصبحت وسيلة للحصول على شهادة ليس لها قيمة، مقارنة بدور المدارس الفنية والصناعية من تخريج العمال المؤهلين لسوق العمل. وشدد على أن المجتمع المصري يحتاج إلى تغيير فكري تجاه المنظومة التعليمية، وضرورة الاهتمام بالمدرسين وإعطائهم حقوقهم كاملة، وتوسيع الفصول الدراسية، وتفعيل دور الأنشطة الطلابية، وتطوير المناهج الدراسية للنهوض بالتعليم والمجتمع بأكمله.