"مش هخطب ليكوا الجمعة الجاية، شوفوا إمام تاني غيري".. بهذه الجملة المقتضبة كان آخر عهد بين الشيخ موسي خليل، إمام وخطيب مسجد الرحمة فى قرية المنزلة بمحافظة القليوبية، وأهل قريته وجيرانه، وذلك فبيل وفاته بعدة أيام، وكأنه يعلم أنه سيفارق الحياة خلال أيام بسيطة. وفى اليوم الذى يتمنى أن يعيشه أى أب، لقى الشيخ موسى ربه، وهو يقوم بإشهار عقد قران ابنته الكبرى، مختتمًا مهمته فى هذه الدنيا، ليسدل الستار ويخيم الحزن على تلك القرية. تجولت كاميرا "المصريون" في شوارع القرية ورصدت حالة الحزن التي يعيشها أهالي هذه المنطقة، حيث تحدث يحيى السيد منصور، أحد أهالي القرية قائلا: "الشيخ مرسي عالم جليل وإمام فاضل منذ 20 سنة ونشهد له بحسن السلوك والمعاملة الطيبة مع أبناء القرية، ولم يقتصر على دوره كإمام وخطيب مسجد فقط، ولكنه كان يعمل على فض المنازعات التي كانت تحدث بين أهالي القريةويقوم بالصلح بين المتخاصمين، ولا نذكي على الله أحدا". ويقول مواطن آخر يدعي محمد أبو طالب: "عندما نتحدث عن فضيلة الشيخ مرسي يعجز اللسان عن الكلام لأنه لم يعط هذا الرجل حقه، لكونه منارة علم وشيخ فاضل وإذا ذكرت الأخلاق والتقي ذكر هذا الشيخ العظيم". وأضاف: "تشهد أهل القرية للشيخ مرسي أنه شيخ محترم وعفوف مع الناس، ويحترم الصغير قبل الكبير من أهالي قريته، كان قدوة حسنة ودائما يسعى لعمل الخير ويحب أن يخدم القرية وأهلها"، مرددا "كان فعلا بيمثل الشيخ الشعراوي بيننا". ويقول أخر: "الشيخ مرسي توفي يوم ليلة القدر وتم دفنه يوم الجمعة اليتيمة بسبب أعماله الصالحة وتلاوته الدائمة للقران والصلاة الكثيرة على سيدنا النبي"، متابعا "يوم الوفاة كان متوجدًا معنا في المسجد وأقام بيننا صلاة العصر والمغرب". وأكمل: "شاهدنا أئمة وعلماء كثر ولكن لم نشاهد حسن الخاتمة التي نالها الشيخ مرسي، لما حب يفرح ببنته الكبيرة ويشهر عقد زواجها وربنا أحسن ختامه وقبض روحه وتوفاه الله بعد نطقه للشهادة أثناء قوله (وعندما خلق الله وأدخله الجنة)". وتابع: "أهل القرية كانت بتحبه جدا لدرجة أنهم لما كان يروح مسجد ثاني غير مسجد الرحمة يخطب فيه أهل القرية والقرى المجاورة كانت تروح تصلي في المسجد المتواجد به". وتقول سيدة من أهل القرية، وملامح الحزن نكسو وجها والدموع تسيل من عينها، حزنا على فراق هذا الشيخ الجليل: "أنا واحدة من أهل القرية كنت غير منتظمة في الصلاة وعندما ذهبت إلى فضيلة الشيخ طلب مني أن أكثر بالصلاة على سيدنا النبي وأستعيذ من الشيطان الرجيم وبعدها لم أترك فرض واحد حتى الآن". ويقول الحاج راضي، الرجل المقرب للشيخ مرسي، والذي كان متواجد معه قبل وفاته بثلاثة أيام: "قبل وفاته كان بيدعي إن ربنا يتوفاه في يوم 27 من رمضان (ليلة القدر)"، وتابع: "قالي أنا مش هخطب يوم الجمعة الجاية يا راضي شوفوا خطيب تاني، كان قلبه حاسس لأنه رجل صالح وكان دائما كثير الصلاة علي النبي". ويتحدث إبراهيم خليل، شقيق الشيخ مرسي قائلًا: "أخي اعتلى المنبر وهو يبلغ من العمر 17 عاما وكان دائما حريص على أن يعلم أهل القرية من سيدات ورجال وأطفال أصول دينهم، وأصبحت سيدات القرية تصوم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، ويعتلون أسطح المنازل لسماع الخطبة. ويقول محمود الفران، نجل أخت الشيخ مرسي: "مشهد وفاة خالي لن ينسى وسوف يخلد له التاريخ وسيظل داعيا لله بعد وفاته مثلما كان داعيا طوال حياته، وماحدث معه كان استجابة لدعوته الدائمة (اللهم اجعلنا هداة مهدين غير ضالين ولا مضلين)".