فتح معبر رفح بابا من الآمال الواسعة لآلاف الفلسطينيين، وهم يتفقدون خلال الأسبوع الأول نحو الأراضي المصرية ضمن الإدارة الجديدة التي تضمنها اتفاق المعبر (الإسرائيلي –المصري –الفلسطيني ) برعاية مصرية، في حين حرمت الشروط الإسرائيلية أسرا فلسطينية كانت تأمل أن تلتقي بأعزاء لها خارج الوطن ولا يحلمون الهوية الإسرائيلية. الاتفاق الذي أبرم قبل نحو شهر دخل إلى حيز التنفيذ لإثبات مدى استجابته لطموح وآمال الفلسطينيين في ظل الرقابة الإسرائيلية والشروط التي حالت دون دخول غير حاملي البطاقة الإسرائيلية إلى غزة. ورغم الفرحة التي بدت على وجوه الفلسطينيين وهم يدخلون إلى قاعة المغادرة، فإن حالة من الغضب بدت على آخرين عبروا عن استيائهم لضيق ساعات العمل، حيث تدفق الآلاف من الفلسطينيين في محاولة للسفر وواجه رجال الأمن الفلسطينيين صعوبة في السيطرة على بعضهم. وفي الجانب الآخر من المعبر، تجمهر عشرات الفلسطينيين ممن يحملون وثائق سفر صادرة من دول أخرى ساخطين أمام معبر رفح الحدودي من الجانب المصري بسبب عدم السماح لهم بالعبور إلى غزة. هذا المشهد أعاد للأذهان حالة التجزئة التي يعيشها الشعب الفلسطيني بين مواطن مقبول إسرائيليا وآخر خارج الدائرة التي يسيطرون عليها. وحسب الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي، فإنه لا يسمح في الوقت الحالي بدخول هؤلاء الفلسطينيين حاملي وثائق السفر، وإن مشكلتهم ضمن المشاكل المعلقة مع الجانب الإسرائيلي، والتي تنتظر حلا في المفاوضات القادمة أو بتدخل الاتحاد الأوروبي، وهو الطرف الثالث "المحايد" في إدارة المعبر الفلسطيني. فالتحفظات والموانع، التي تقيد حركة فئات واسعة من الجمهور الفلسطيني، ممن لا يحملون الهوية الفلسطينية ذات "المنشأ" الإسرائيلي، سواء داخل القطاع أو في الشتات، تبعث على المرارة والاكتئاب، خاصة إذا تصلبت (إسرائيل) في التدقيق وزيادة حالات المنع، لكن ذلك كله سيظل رهناً بالتطورات وتفاعلات الوضع الداخلي الإسرائيلي، الذي سيؤثر تأثيراً مباشراً، لم يحدث من قبل، على طبيعة العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية، على كافة المجالات، ابتداء من قضايا الحل النهائي وانتهاءً بصيرورة المعابر، والميناء والمطار والممر الآمن. كما أن هاجس المنع من السفر على مدار السنوات الماضية أيضا من النقاط الغامضة وتثير القلق لدى العديد من الفلسطينيين، وتشير بنود الاتفاق إلى تواصل خدمات التنسيق الأمني والعمل من خلال (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة ومصر حول قضايا أمنية وستشارك في مجموعة العمل الخاصة بالأمن. كما على السلطة الفلسطينية أن تأخذ بعين الاعتبار أي معلومات حول أشخاص معينين تزودها بهم الحكومة الإسرائيلية. وتتشاور السلطة مع الحكومة الإسرائيلية والطرف الثالث قبل أخذها القرار لمنع هؤلاء الأشخاص أو السماح لهم بالسفر. وأثناء تلك المشاورات التي لن تأخذ أكثر من 6 ساعات لن يسمح للشخص محل السؤال بالسفر. ومع بدء العمل في المعبر، تنتهي الأقاويل حول "السيادة" لأن الواقع العملي، الذي مكن كل المواطنين من حرية التنقل والحركة التي كانت ممنوعة طيلة 38 عاماً، سيغيب "الدور الإسرائيلي" الذي لا يظهر، كونه يأتي من خلف الستار، ومن على شاشات العرض، التي تتلقى التقارير المصورة، مباشرة، أو بعد وقت قليل، لا فرق عملياً، لكن مسألة السيادة قد تتجدد إثارتها، في حال بدأت (إسرائيل) -كما هو متوقع- بالتدخل المباشر، لمنع حالات معينة من استخدام المعبر، لا لشيء، إلا لتذكير الفلسطينيين أنهم ما زالوا يعيشون داخل سجن غزة الكبير، وأن "مواعيد الزيارة" وفسحة المعتقل أو المسجون، بعد الانسحاب الإسرائيلي. أما الدور الأوربي فقد بدا توفيقيا في اتفاق المعبر تحت عنوان دور رقابي، إلا أن هذا العنوان يطرح تساؤلات حول مدى تأثير رأيهم وتقاريرهم ومدى حياديتها خصوصا اتجاه الفلسطينيين الطرف الأضعف، فيما ينتظر المواطن الفلسطيني أن يشعر خلال الأيام القادمة بحسنات معبر رفح بإدارته الجديدة وأن تزول هواجسه التي يؤكدها كل يوم الطرف الإسرائيلي. المصدر : العصر