عندما تكون الامتحانات شبحا يطارد الطلاب وأيضًا ضغوط الوالدين عليهم، يصبح الانتحار هو الحل الوحيد خاصة إذا كان هناك تقصير في ورقة الإجابة.. هذا ما تداولته الصحف والمواقع عن "ريم إبراهيم جاويش"، 17 سنة، الطالبة بالصف الثالث الثانوي، والمقيمة بقرية صيفر البلد بمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ، والتي لقيت حتفها بمدرسة ثانوية بمركز دسوق عقب انتهاء الامتحان يوم 13 / 6 / 2017. وبالرغم من أن "ريم" طالبة شهد لها أهل قريتها بالاحترام والتدين والأخلاق العالية، فهي من حفظة للقرآن وأهل علم، إلا أنها لم تسلم هي وأسرتها من انتقادات المحيطين بهم، وترددت العديد من الأقاويل "ضغطوا عليها فانتحرت عندما لم توفق في الامتحان، دي كافرة، رايحة جهنم علشان الثانوية". تأتي القصة الكاملة لمصرع الطالبة ريم جاويش من شهود عيان علي الحادث، حيث كانت عند خروجها من لجنة الامتحان وسط زملائها في حالة لا بأس بها، وذلك من خلال ضحكها ومزاحها معهم، لكن عند خروجها من اللجنة واستنادها إلى "ترابزين" سلم الدور الثالث بالمدرسة والذي كان قصيرًا فقدت توازنها وسقطت علي الأرض صريعة ميتة. ووصلت الطالبة إلي مستشفي دسوق العام، جثة هامدة كما جاء في تقرير المستشفي نتيجة سقوطها من علو، وأضاف تقرير المستشفي أنه كان هناك توقف للأعضاء الحيوية عن العمل، مع اتساع في حدقة العين، مع اشتباه بكسر في الجمجمة، بالإضافة إلي نزيف داخلي بالمخ وكسر وبقاع الجمجمة، وضعت بالمشرحة تحت تصرف النيابة. ومن أكثر الأدلة علي أن "ريم" لم تلقِ نفسها منتحرة هو ما نشره علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أحد الأطباء بعنوان "شهادة مهنية بحتة ممن حضروا مع الطبيب الشرعي من أطباء"، والذي كتب "الإصابات التي رأيتها في ريم أثناء وجودي مع الطبيب الشرعي كانت" كسر بعظام الجمجمة من الناحية اليسرى ونزيف بالمخ، كسر بالضلعين السادس والسابع بالناحية اليسرى من الصدر وتهتك بالرئة اليسرى مع نزيف بالجانب الأيسر من تجويف الصدر، تهتك بالطحال مع وجود نزيف داخلي بتجويف البطن، كدمات وتسرب دموي بالكلية اليسرى". وتابع: "هذا يؤكد أن ريم رحمها الله وقعت على رأسها أولا ثم الجانب الأيسر من الجسم، بمعني أن ريم كانت فاقدة الوعي، مغمى عليها، وإلا كانت أول إصابة كسور بالذراعين أو خلع بهما وما شابه ذلك، بجانب كونها صائمة". "ريم أبكت القرية والسماء شاركتهم الأحزان" وصل جثمان "ريم إبراهيم جاويش" إلى قرية صيفر البلد مسقط رأسها في السابعة إلا ربع من يوم الثلاثاء الماضي، حيث كان جميع أهل القرية في انتظار وصول جثمانها الطاهر للمشاركة في مراسم تشييعها إلى مثواها الأخير بمقابر القرية. واصطف الآلاف على الطريق، رافضين تناول الإفطار شيوخًا ورجالًا وشبابًا وأطفالًا، ونساء القرية بالكامل كنّ جميعًا في انتظارها، الأطفال حملوا أكياس التمر، والشباب حملوا زجاجات المياه الغازية، وقاموا بتوزيعها على المشيعين، كان كالعرس جسّد فيه أهل القرية حبهم لتلك الفتاة الطالبة بالثانوية العامة. وصلت سيارة الإسعاف عقب أذان المغرب بدقائق، وفور نزول الجثمان من السيارة، بكت السماء لفراق "ريم"، وهطلت دموع السماء بكم هائل من الأمطار في أعز شهور الصيف، حيث امتلأ السماء بسحب المطر، ولم يبقَ إلا جزء قليل من القمر والنجوم أضاء لنا قبر ريم.