علاقة الإخوان بضباط الجيش، الذين أطاحوا بالملك فاروق عام 1952، ظلت من الملفات المسكوت عنها، طوال العقود الخمسة الماضية. ربما يرجع ذلك إلى أن القوى المنتصرة، هي التي تكتب التاريخ.. عبد الناصر، حرّر تاريخًا مختلفًا عن مصر ما قبل الإطاحة بآخر ملوك الأسرة العلوية.. ولم يكن من صالحه على سبيل المثال أن تُسجل علاقته مع الإخوان المسلمين، في الفترة ما بين عامي 1944، و1948. من جانب آخر، الإخوان كانت تزعجهم، أية إشارة تاريخية عن عبد الناصر في طبعته الإخوانية، فطوال العقود الستة الأخيرة، لم يصدر من الإخوان ولا في أدبياتهم التي سجلت تاريخهم منذ عام 1926 وإلى الآن، أية إشارة إلى علاقة عبد الناصر التنظيمية بالجماعة. المسألة كانت شديدة الحرج بالنسبة لهم.. لأنها ستتوجه صوب الاعتقاد بأن انقلاب يوليو عام 1952، كان انقلابًا إخوانيًا.. فنصف الضباط الأحرار، بايعوا المرشد على السمع والطاعة، بل إن عبد الناصر نفسه وعدد من الجنرالات قرّر الشيخ حسن البنا، إلحاقه بالجناح العسكري للجماعة، أي التنظيم السري، بقيادة عبد الرحمن السندي، كما سيأتي بيانه لاحقًا. عبد الناصر والإخوان، تجنبا تسجيل هذه الوقائع أو ذكرها في مدوناتهما التاريخية؛ لأنها حقائق مثلت عبئًا سياسيًا خطيرًا على كليهما. القيادي بالجماعة الشيخ عصام تليمة، كتب على حسابه ب"توتير" يوم أمس الأول 5/6/2017، قائلًا: "معلومة إن جمال عبد الناصر كان في الإخوان صحيحة، وذكرها أكثر من مصدر خارج الإخوان، فقد كان في الإخوان من الضباط الأحرار: خالد محيي الدين، وأحمد مظهر (الفنان فيما بعد)، وأنور السادات، وعبد المنعم عبد الرءوف، وغيرهم". من النادر أن تجد إخوانيًا يتحدث عنه هذه الفترة بشفافية.. وكذلك أيضًا لم يكن من بين الضباط الأحرار، من سجّل بجرأة وشجاعة عن تلك الوقائع غير الراحل خالد محيي الدين. الزميل صلا عيسى في "المصري اليوم"، أكد أن الشاهد الرئيسي عن هذه الوقائع، هو خالد محيي الدين، والذي أكد صحة عضوية عبد الناصر في الإخوان، وانخراطه داخل تنظيماتها العسكرية والسرية شديدة الخطورة.. رواها في مذكراته، وفيها يقول: إن عبد المنعم عبد الرءوف – عضو الجناح العسكري للإخوان المسلمين – كان هو الذي عرّفه – في أواخر عام 1944 – بجمال عبد الناصر، ثم عرّف كلًا منهما على حدة بالصاغ الرائد محمود لبيب – مسئول هذا الجناح، وأنهما انضما معًا إلى مجموعة عسكرية تضم العديد من الضباط، ولأنهما كانا يثيران مناقشات حول رؤية الجماعة غير المحددة لتحرير مصر من الاحتلال البريطاني تثير القلق داخل المجموعة، فقد رتب لهم لقاءً بالمرشد العام حسن البنا، الذي لم يستطع رغم ما كان يتمتع به من قدرة على الإقناع أن يبدد غموض هذه الرؤية، فأوصى بنقلهما من الجناح العسكري إلى النظام الخاص، الذي كان يقوده عبد الرحمن السندي؛ فأقسما على المصحف، والمسدس، على الطاعة للمرشد العام في المنشط والمكره" انتهى. وللحديث بقية إن شاء الله تعالى [email protected]