تجاوب المواطنين في شمال المغرب مع دعوات حراك الريف، بالمسيرات والإضراب ومقاطعة خطبة الجمعة في المساجد، عن التأييد الواسع الذي يلقاه الحراك وناشطوه ومطالبهم الاجتماعية والاقتصادية والتنموية المرفوعة منذ أكثر من 7 شهور. وشهدت مدينة الحسيمة، منذ عصر الخميس، إضراباً عاماً للتجار، بمشاركة واسعة لغالبية التجار بالمدينة، بعد دعوة نشطاء الحراك لإغلاق المحلات التجارية، للإضراب لمدة 3 ايام تنديداً بحملة الاعتقالات في صفوف نشطاء الحراك، والتي بلغت 71 شخصاً. وقال شهود عيان عصر الخميس إن الإضراب عرف نجاحاً كبيراً، حيث أغلقت غالبية المحلات التجارية، كما شارك في الإضراب الباعة المتجولون بالمدينة رغم وقوع بعض المناوشات الكلامية مع بعض التجار، الذين رفضوا إغلاق محلاتهم التجارية، لكن الأمور لم تعرف تطورًا نحو العنف. وقال مراسل لموقع "لكم" من عين المكان، أن بائعاً للخبز في المدينة، يحيط به حوالي 20 شرطياً من أجل حمايته، بعد رفضه المشاركة في الإضراب العام للتجار وأن بعض الموظفين توجهوا لمتجر "مرجان"، من أجل اقتناء مستلزماتهم، بعد الإضراب الواسع للتجار بالمدينة. وهددت السلطات المحلية لإقليم الحسيمة بالتوقيف الفوري لكل من أقدم على تهديد أصحاب المحلات التجارية لدفعهم إلى إغلاق محلاتهم وذلك بعد "معاينة مجموعة من الأشخاص تقوم بجولات على المحلات التجارية وتهديد أصحابها لدفعهم إلى إغلاق محلاتهم". وبعد صلاة التراويح نزل آلاف الأشخاص في مدينة الحسيمة إلى الشوارع، رافعين شعارات تطالب الدولة والسلطات بإطلاق سراح ناصر الزفزافي، قائد الحراك الشعبي بالريف، وجميع المعتقلين الريفيين، منددين بالاعتقالات والاختطافات التي تستهدف الحراك الشعبي في الريف وردّد المحتجون شعارات "هي كلمة واحدة.. هذه الدولة فاسدة"، و"الشعب يريد السراح للمعتقل"، و"الشعب يريد إسقاط الفساد"، و"حرية كرامة عدالة اجتماعية" "يا مخزن حذار كلنا الزفزافي" ووسط زغاريد النساء، ردد المتظاهرون شعار "منتصرين منتصرين" في إشارة إلى ما قاله قائد الحراك ناصر الزفزافي "إن الحراك انتصرط. وأعلن النشطاء عن أنهم سيواصلون الخروج إلى الشارع، مؤكدين توجههم نحو التصعيد في حالة استمرار الوضع، قبل أن يعلنوا نهاية شكلهم الاحتجاجي على وقع شعارات تطالب برفع العسكرة والتنمية الحقيقية. مقاطعة المساجد وأكد مواطنون في مدينة الحسيمة وبقية مدن الريف خلو المساجد من المصلين في صلاة جمعة امس وقال أحد المصلين إن مجموعة من العجزة وكبار السن، هم من حضر صلاة الجمعة في مسجد محمد الخامس الموجود قبالة المنزل الذي يقطن فيه ناصر الزفزافي، الذي عرف احتجاجاً من طرف ناصر الزفزافي، القائد الميداني لحراك الريف ورفاقه ضد إمام المسجد الجمعة الماضي، بعد تخصيص خطبته لموضوع «الفتنة» فيما قاطع الصلاة الكثير من الشباب استجابة للدعوة إلى مقاطعة صلاة الجمعة وتظهر الصور التي نشرت من داخل المسجد، قبل قليل، أنه شبه فارغ، مما يشكل سابقة في تاريخ الاحتجاج في المغرب حيث خلت جنبات المسجد، الذي استقبل عدداً محدوداً من المصلين يعدون على رؤوس الأصابع. وكانت خطبة الجمعة الماضية التي تحدث فيها خطيب الجمعة عن الفتنة أثارت غضب شباب الحراك، مما دفع الزفزافي الى مقاطعة خطيب الجمعة، قبل أن يتم اعتقاله بداية الأسبوع الجاري. وأبعدت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إمام مسجد محمد الخامس، الذي ألقى الجمعة الماضية خطبة «الفتنة»، ما تسبب في حالة احتقان، خاصة بعد اقتحام ناصر الزفزافي، القائد الميداني للحراك في الريف المسجد، واحتجاجه على الخطيب. واستقدمت الأوقاف خطيباً آخر ألقى خطبة الجمعة، امس وأكد عدد من المصلين أنهم لا يعرفون أي شيء عن الخطيب الجديد، ولم تسبق لهم معرفته وان موضوع الخطبة كان محايداً، بحيث تحدث عن «الصيام ودوره في التربية». يصلون في الشارع العام وأدى العشرات من المواطنين، صلاتهم أمس الجمعة، في الشارع العام بالقرب من مسجد خالد بن الوليد في الساحة الكبرى بمدينة إمزورن، القريبة من الحسيمة ، بينما قاطعوا الصلاة فيه بعد خطبة الجمعة الماضية وكان العشرات من المواطنين قد تجمهروا، قبل ساعات، بالمكان الذي أدوا فيه الصلاة، قبالة بلدية المدينة، للاحتجاج على تعرض أبواب منازل العديد منهم للتخريب. وأكد المحتجون، بعد أدائهم للصلاة في الشارع العام، أنهم سيستمرون في احتجاجاتهم في المكان المذكور، وسيؤدون صلاة العصر هناك، وأيضاً سيفطرون اليوم في هذا المكان أيضاً. وفي مدينة طنجة لم يُكتب للوقفة التضامنية مع حراك الريف التي دعا إليها نشطاء، أن تكون بالزخم المطلوب بعد أن فوجئوا بوجود أشخاص مجهولين احتلّوا الساحة حاملين الأعلام الوطنية ومرددين عدداً من الشعارات مناهضة للحراك وتوقف عدد كبير من سيارات القوات العمومية بالمكان، والتي حضرت بكثافة قبل الموعد المحدد للوقفة مما جعل النشطاء يجدون صعوبة في التجمهر في بادئ الأمر، قبل أن ينجحوا في الأخير في اتخاذ مكان غير بعيد عن الساحة تجمعوا فيه وشرعوا في ترديد عدد من الشعارات المتضامنة مع حراك الريف، والمندّدة باعتقال نشطاء هذا الحراك . ورغم تعرضهم إلى هجوم من لدن المتجمهرين مسبقاً الذين يطلق عليهم «البلطجية» الذين يسخرون للهجوم على أي احتجاج ضد السلطات هنا او هناك، ورافعين الاعلام المغربية ويهتفون «محمد السادس ملكنا واحد»، واصفين المشاركين في الوقفة التضامنية مع نشطاء الريف ب«الخونة». وبعد ان نجح المحتجّون في التجمع من جديد وبدأوا في ترديد الشعارات التضامنية مع الحراك، قوبلوا بتدخّل أمني مرفوق برشق بالحجارة من لدن الأشخاص المجهولين، حيث نتج عن ذلك بضع إصابات خفيفة؛ فيما تعرّضت سيارات كانت متوقفة بالمكان للكسر والتهشيم لتتحول الوقفة إلى كرّ وفرّ بين قوات الأمن والمتظاهرين المجهولين من جهة، وبين المتضامنين مع حراك الريف من جهة أخرى. وأظهر شريط فيديو على الفيسبوك أحد البلطجية، وهو يوجه تهديداً مباشراً للنائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية محمد خيي الذي قال إن تهديده يعتبر تطوراً خطيراً، بعدما وصل الامر الى التهديد المباشر وأنه يعرف جيداً الشخص الذي وجه له التهديد رغم عدم مشاركته في الوقفة التضامنية. وأعيد تهديد محمد خيي، لتوجيهه سؤالاً آنياً لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت حول اعتداء مجموعة من البلطجية على الوقفة الاحتجاجية التي نظمت في طنجة، الأحد الماضي، تضامناً مع حراك الريف، والتي أصيب فيها عدد من الشباب بجروح، جراء الاعتداء الذي طالهم. قيادة جديدة للحراك وقال مراقبون ان نجاح الإضراب والمسيرة يؤشر على ان الحراك بدأ باستعادة توازنه، بعد ظهور قيادات جديدة للحراك تؤطر الآلاف من السكان ولها مصداقية وسط الساكنة، من بينهم نوال بن عيسى التي سلمت نفسها للشرطة بعد صدور مذكرة اعتقالها إلا أن الشرطة أخلت سبيلها قبل ساعات، ونبيل أحمجيق، الذي بات يعرف ب»دينامو الحراك». وترافقت هذه الاحتجاجات مع اخبار عن تهديد رجال امس بالانسحاب من العمل احتجاجاً على تدبير السلطات للحراك وأكدت وزارة الداخلية المغربية أن ما تم الترويج له بشأن «تهديد بعض عناصر القوات المساعدة بإمزورن بالانسحاب الجماعي من العمل» لا أساس له من الصحة، ويدخل في إطار مخططات بعض الأفراد الساعية لتضليل الرأي العام الوطني. وأوضحت الوزارة، في بلاغ ارسل ل»القدس العربي» أن بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تداولت مزاعم غير صحيحة وادعاءات زائفة بخصوص «تهديد بعض عناصر القوات المساعدة ينذرون بالانسحاب الجماعي من العمل». وأكدت الوزارة أن «ما تم الترويج له في هذا الشأن لا أساس له من الصحة، وأنه مجرد كذب موصوف واختلاق لوقائع وأحداث بشكل افترائي، ويدخل في إطار مخططات بعض الأفراد الساعية لتضليل الرأي العام الوطني». وشكل إطلاق سراح الناشطين المعتقلين ومصيرهم محور الشعارات التي يرفعها المحتجون وقفاتهم او مسيراتهم في المدن المغربية المختلفة لليوم الثاني على التوالي، لم يتمكن المحامي سعيد بنحماني، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من زيارة ناصر الزفزافي، في مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في الدار البيضاء. وقابل ثلاثة محامين، ضمنهم بنحماني، اول أمس الخميس، كل نشطاء حراك الريف المعتقلين لدى الفرقة الوطنية، باستثناء ناصر الزفزافي، نظراً لأن الضابط الممتاز الذي يحقق معه تقدم بطلب للوكيل العام للملك في الحسيمة لإرجاء اتصال المحامين به إلى ما بعد مرور ثلاثين ساعة على انتهاء المدة الأصلية للحراسة النظرية، التي انتهت امس الجمعة على الساعة الثالثة بعد الزوال وقال المحامي بنحماني إنه «من المتوقع أن يزور الزفزافي يوم الاثنين، إذا لم يحدث طارئ في الموضوع». وأوضح «بعد رجوعنا إلى الطلب الذي تقدمنا به كدفاع للوكيل العام للملك بالحسيمة، بتاريخ 31 مايو الماضي، للسماح لنا بزيارة الزفزافي ومن معه، قرر الوكيل العام الانتظار إلى غاية انتهاء مدة 30 ساعة، حسب طلب التمديد الذي تقدمت به الفرقة الوطنية» و«بعد الرجوع إلى المقتضيات القانونية فإن المدة الأصلية للحراسة النظرية في الحالة العادية هي 48 ساعة عندما إذا أضفنا إليها 30 ساعة تصبح 78 ساعة. وبالرجوع إلى توقيت بداية وضع ناصر الزفزافي تحت الحراسة النظرية فإن هذه المدة لن تنتهي إلا امس الجمعة على الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال، إلا أنه في هذه الساعة يكون توقيت العمل قد انتهى. وبما أن السبت والأحد، يوما عطلة إدارية، فلن يكون بإمكاننا مقابلة الزفزافي إلا يوم الإثنين المقبل». وقال سعيد بنحماني أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أخبرت المعتقلين بأنه سيتم نقلهم إلى الحسيمة حيث سيتم تقديمهم أمام النيابة العامة الجمعة أو السبت، وسيتم الكشف عن التهم الموجهة إليهم وأكد أن الفرقة الوطنية بالدار البيضاء سمحت للعائلات بالاتصال مع المعتقلين، لكن «عائلة الزفزافي تنفي ذلك». وقال أنور البلوقي، المحامي عن هيئة الدفاع عن المعتقلين في حراك الريف، بخصوص وضعية قائد الحراك ناصر الزفزافي، إن «الدفاع لا علم له بمصير ناصر الزفزافي، ولا ندري أي شيء عن وضعه الصحي». وأكد البلوقي أن الدولة باشرت سياستها في الحسم الأمني لقضية اجتماعية في كل تفاصيلها، في إشارة إلى الطريقة التي تعاملت بها الدولة مع الحراك الشعبي بالريف، حيث أقدمت على اعتقال عدد كبير من النشطاء. وأوضح خلال ندوة صحفية في مدينة طنجة مساء أول أمس الخميس «لازالت الاعتقالات تتم بشكل ممنهج وغير مسبوق»، وأن هناك موقوفين الآن لم تنته مدة حراستهم. وأكد دفاع معتقلي الريف على أن هناك عودة لحالة هيستيرية صنعتها أجهزة الأمن عبر المداهمات والمطاردات غير المسبوقة، مشيراً إلى أن الاعتقالات لا تزال مستمرة إلى حدود اليوم. وكشفت هيئة الدفاع على أنها استطاعت الاتصال بالعديد من الموضوعين تحت الحراسة النظرية، مؤكدة على أن أول شيء يمكن أن تثيره هو الوضع الصحي. وكشف المنسق العام ل»منتدى حقوق الإنسان بشمال المغرب»، عبد الوهاب التدموري ان الاعتقالات التي شملت عدداً من نشطاء الحراك «تمت بطريقة هوليودية تمس بالكرامة الإنسانية وتصل إلى حد الاختطافات من البيوت ومن الشارع ومن أي مكان»، وانه «لا يتم الإعلان عن مكان وجود المختطفين لدرجة تم اعتبارهم من طرف المنتدى المذكور، في مرحلة معينة، مجهولي المصير، لأنهم (في المنتدى) لم يكونوا على علم بمكان وجودهم. كما تعرضوا للتعنيف وهناك حالات كثيرة أحيلت على المستشفيات، رغم الاتفاقات والالتزامات الدولية التي وقعها المغرب بخصوص مناهضة التعذيب والتي تم ضربها عرض الحائط». وقال التدموري الذي اتهم السلطات بافشال جهود للحوار قادها منتداه مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) إن «المقاربة الأمنية والقمعية لا يمكن إلا أن تصاحبها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان» و»الآن هناك مرحلة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على مستوى الريف وفي سياق الاستعمال المفرط للقوة تعرضت لاعتداء خلال تظاهرة تضامنية مع حراك الريف بساحة الأممبطنجة، وهو اعتداء مقصود من طرف البوليس السري والبلطجية» مؤكدا أن «العنف ليس الطريقة الأسلم من أجل حل نزاعات اجتماعية».