الحمد لله حمدا لاينفد ، أفضل ما ينبغي أن يحمد ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تعبد ، أما بعد ... فقد خلق الله سبحانه وتعالى الخلق ليعبدوه ، وسخر لهم ما في الأرض لتستقيم به معيشتهم ، وخلق الطعام ، وجعله سببا لحياتهم ، وجزءا من عبادته ، وأمرهم بطلبه منه عز وجل ، وحثهم نبيه صلى الله عليه وسلم على التقرب إلى الله بإطعام بعضهم بعضا ، وندبهم إلى ذلك في شهر الصيام ، ولنا مع فضل إطعام الطعام الوقفات الآتية : الوقفة الأولى : فضل إطعام الطعام :- وردت نصوص عدة من القرآن والسنة تتحدث عن فضل إطعام الطعام منها الآتى :- 1- أمر الله بإطعام الطعام :- أ - قال تعالى : { ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام فكلوا منها واطعموا البائس الفقير } ( الحج 28 ) ب - قال تعالى : { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فاذا وجبت جنوبها فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون } ( الحج 36 ) فقد أمر الله بإطعام القانع ، والمعتر ، وقد ورد في تعريفهما تعريفات عده ، وقد رجح الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره : { أن القانع هو الفقير الذي لا يَسأل ، والمعتر : هو الفقير الذي يسأل . } وهو اختيار الطاهر ابن عاشور في تفسيره " التحرير والتنوير" ، بل هو اختيار أكثر المفسرين . ج - عن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ ، يومَ القيامةِ : يا بنَ آدمَ ! مرِضتُ فلم تعُدْني . قال : يا ربِّ ! كيف أعودُك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : أما علمتَ أنَّ عبدي فلانًا مرِض فلم تعدْه . أما علمتَ أنَّك لو عدتَه لوجدتني عنده ؟ يا بنَ آدم ! استطعمتُك فلم تُطعمْني . قال : يا ربِّ ! وكيف أُطعِمُك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : أما علمتَ أنَّه استطعمك عبدي فلانٌ فلم تُطعِمْه ؟ أما علمتَ أنَّك لو أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي ؟ يا بنَ آدمَ ! استسقيتُك فلم تَسقِني . قال : يا ربِّ ! كيف أسقِيك ؟ وأنت ربُّ العالمين . قال : استسقاك عبدي فلانٌ فلم تَسقِه . أما إنَّك لو سقَيْتَه وجدتَ ذلك عندي } ( رواه مسلم ) 2- وأن يكون لوجه سبحانه وتعالى :- فقال تعالى : { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا } ( الإنسان 9 ) 3- وأنه خير الأعمال :- فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : { سُئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال خير؟ فقال : إدخالك السرور على مؤمن ، أشبعت جوعته ، أو كسوت عورته ، أو قضيت له حاجته } ( رواه الطبراني في الأوسط ، وقال الألباني حسن لغيره ) 4- وأن خير المسلمين من يفعله :- فعن جابر بن عبدالله رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { خيارُكم من أطعَمَ الطعامَ وردَّ السَّلامَ } ( رواه أحمد وصححه الألبانى ) 5- وبين أنه من صفات الأبرار :- فقال تعالى : { إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } ( الإنسان 5 – 8 ) 6- وأنه صدقة :- عن المقدام بن معد يكرب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ما أطعمتَ نفسَكَ فهوَ لكَ صدقةٌ ، وما أطعمتَ ولَدَكَ فهوَ لكَ صدقةٌ ، وما أطعمتَ زَوجَكَ فهوَ لكَ صدقةٌ ، وما أطعمتَ خادمَكَ فهوَ لكَ صدقةٌ } ( رواه البخارى في الأدب المفرد وصححه الألبانى ) 7- وأنه يلين القلب :- عن أبى الدرداء رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أتحبُّ أن يلينَ قلبُكَ ، وتدركَ حاجتَك ؟ ارحَمِ اليتيمَ ، وامسَح رأسَه ، أطعِمْهُ من طَعامِك ؛ يَلِنْ قلبُك ، وتُدركْ حاجتَكَ } ( رواه المنذرى في الترغيب والترهيب وحسنه الألبانى ) 8- وأنه مما يختصم فيه الملأ الأعلى :- عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال : { احتُبِسَ عنَّا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ذاتَ غداةٍ من صلاةِ الصُّبحِ حتَّى كدنا نتَراءى عينَ الشَّمسِ، فخرجَ سريعًا فثوِّبَ بالصَّلاةِ، فصلَّى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ وتجوَّزَ في صلاتِهِ، فلمَّا سلَّمَ دعا بصوتِهِ فقالَ لَنا: علَى مصافِّكم كما أنتُمْ ثمَّ انفتلَ إلينا فقالَ: أما إنِّي سأحدِّثُكُم ما حبسَني عنكمُ الغداةَ: أنِّي قمتُ منَ اللَّيلِ فتوضَّأتُ فصلَّيتُ ما قُدِّرَ لي فنعَستُ في صلاتي فاستثقلتُ، فإذا أَنا بربِّي تبارَكَ وتعالى في أحسَنِ صورةٍ، فقالَ: يا مُحمَّدُ قلتُ: ربِّ لبَّيكَ، قالَ: فيمَ يختصِمُ الملأُ الأعلى؟ قلتُ: لا أدري ربِّ، قالَها ثلاثًا قالَ: فرأيتُهُ وضعَ كفَّهُ بينَ كتفيَّ حتَّى وجدتُ بردَ أَناملِهِ بينَ ثدييَّ، فتجلَّى لي كلُّ شيءٍ وعرَفتُ، فقالَ: يا محمَّدُ، قلتُ: لبَّيكَ ربِّ، قالَ: فيمَ يختصمُ الملأُ الأعلى؟ قلتُ: في الكفَّاراتِ، قالَ: ما هنَّ؟ قلتُ: مَشيُ الأقدامِ إلى الجماعاتِ، والجلوسُ في المساجدِ بعدَ الصَّلاةِ، وإسباغُ الوضوءِ في المَكْروهاتِ، قالَ: ثمَّ فيمَ؟ قلتُ: إطعامُ الطَّعامِ، ولينُ الكلامِ، والصَّلاةُ باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ. قالَ: سَل. قُل: اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ فعلَ الخيراتِ، وتركَ المنكراتِ، وحُبَّ المساكينِ، وأن تغفِرَ لي وترحمَني، وإذا أردتَ فتنةً في قومٍ فتوفَّني غيرَ مفتونٍ، وأسألُكَ حبَّكَ وحبَّ من يحبُّكَ، وحبَّ عملٍ يقرِّبُ إلى حُبِّكَ، قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: إنَّها حقٌّ فادرُسوها ثمَّ تعلَّموها } ( رواه الترمذى وصححه الألبانى ) 9- وأنه سبب من أسباب النجاة من النار :- قال تعالى : { فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ } ( البلد 11- 16 ) قال القرطبى في تفسيره : { قوله تعالى : وما أدراك ما العقبة فيه حذف ، أي وما أدراك ما اقتحام العقبة . وهذا تعظيم لالتزام أمر الدين ; والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليعلمه اقتحام العقبة . قال القشيري : وحمل العقبة على عقبة جهنم بعيد إذ أحد في الدنيا لم يقتحم عقبة جهنم إلا أن يحمل على أن المراد فهلا صير نفسه بحيث يمكنه اقتحام عقبة جهنم غدا . واختار البخاري قول مجاهد : إنه لم يقتحم العقبة في الدنيا . قال ابن العربي : وإنما اختار ذلك لأجل أنه قال بعد ذلك في الآية الثانية : وما أدراك ما العقبة ؟ ثم قال في الآية الثالثة : فك رقبة ، وفي الآية الرابعة أو إطعام في يوم ذي مسغبة ، ثم قال في الآية الخامسة : يتيما ذا مقربة ، ثم قال في الآية السادسة : أو مسكينا ذا متربة فهذه الأعمال إنما تكون في الدنيا . المعنى : فلم يأت في الدنيا بما يسهل عليه سلوك العقبة في الآخرة .} أه وقال إبن كثير في تفسيره : { وقوله : ( أو إطعام في يوم ذي مسغبة ) قال ابن عباس : ذي مجاعة . وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وغير واحد . والسغب : هو الجوع . وقال إبراهيم النخعي : في يوم الطعام فيه عزيز وقال قتادة : في يوم يشتهى فيه الطعام . } أه . 10- وأنه سبب من أسباب دخول الجنة :- أولا : سبب لدخول الجنة :- أ- عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : { يا رسولَ اللهِ إِنِّي إِذا رأيتُكَ طابتْ نفسي وَقَرَّتْ عَيْنِي فأنبِئْني عن كلِّ شيءٍ، فقال: كلُّ شيْءٍ خُلِقَ من الماءِ ، فقلتُ لهُ: أخبِرْني بِشيءٍ إِذا عملتُ بِهِ دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فقال: أَفْشِ السَّلامَ وَأَطْعِمِ الطَّعامَ، وَصِلِ الأَرحامَ وقُمْ بالليلِ والنَّاسُ نِيامٌ وادخُلِ الجنَّةَ بِسَلامٍ } ( رواه أحمد وصححه أحمد شاكر ) ب - عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من أصبح منكم اليومَ صائمًا ؟ قال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه : أنا . قال : فمن تبع منكم اليومَ جنازةً ؟ قال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه : أنا . قال فمَن أطعم منكم اليومَ مسكينًا ؟ قال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه . أنا . قال : فمن عاد منكم اليومَ مريضًا . قال أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنه : أنا . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : ما اجتمَعْنَ في امرئٍ ، إلا دخل الجنَّةَ } رواه مسلم ) ج - عن طيسله بن مياس رضى الله عنه قال : { كنت مع النجدات , فأصبت ذنوبا لا أراها إلا من الكبائر , فلقيت ابن عمر فقلت له : إني أصبت ذنوبا لا أرها إلا من الكبائر . قال : ما هي ؟ قلت : أصبت كذا وكذا ؟ قال : ليس من الكبائر . قلت : وأصبت كذا وكذا ؟ قال : ليس من الكبائر , قال : لشيء لم يسمه طيسلة _ قال : هي تسع , وسأعدهن عليك : الإشراك بالله , وقتل النفس بغير حلها , والفرار من الزحف , وقذف المحصنة , وأكل الربا , وأكل مال اليتيم ظلما , وإلحاد في المسجد الحرام , والذي يستسحر , وبكاء الوالدين من العقوق . قال طيسلة لما رأى ابن عمر فرقى . قال : أتخاف النار أن تدخلها ؟ قلت : نعم . قال : وتحب أن تدخل الجنة ؟ قلت : نعم . قال : أحي والداك ؟ قلت : عندي أمي . قال : فوالله لئن أنت ألنت لها الكلام , وأطعمتها الطعام , لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجبات } ( رواه إبن كثير في عمدة التفاسير وصححه أحمد شاكر ) 2- سبب لإستحقاق غرفها :- عن أبى مالك الأشعرى رضى الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إنَّ في الجنَّةِ غُرَفًا يُرى ظاهرُها مِن باطنِها ، و باطنُها مِن ظاهرِها ، أعدَّها اللهُ لمَن أطعَم الطَّعامَ ، و أفشَى السَّلامَ ، و صلَّى باللَّيلِ و النَّاسُ نيامٌ .} ( رواه المنذرى في الترغيب والترهيب ، وقال عنه الألبانى صحيح لغيره ) 11- ورهب من ترك الحض عليه :- قال تعالى : { كَلا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } ( الفجر 17 - 18 ) 12- وأن تركه من التكذيب بالدين :- قال تعالى : { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ } ( الماعون 1 - 3 ) 13- وأنه من أسباب دخول النار :- 1- سبب من أسباب تصلية الجحيم :- قال تعالى : { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ} ( الحاقة 25 - 35 ) 2- سبب سلوكهم سقر :- قال تعالى : { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ } ( المدثر 42 - 44 ) الوقفة الثانية : ثواب من فطر صائما :- عن زيد بن خالد الجهني قال : قال صلى الله عليه وسلم : { مَن فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء } ( رواه الترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني ) . المقصود بتفطير الصائم :- إختلف الفقهاء في المقصود بتفطير الصائم ، على رأيين : الرأي الأول : من فطره على أدنى ما يفطر به الصائم :- قال ابن فارس – رحمه الله – في " معجم المقاييس في اللغة " : { الفاء والطاء والراء أصل صحيح يدل على فتح شيء وإبرازه ومن ذلك الفطر من الصوم يقال :أفطر إفطاراً وقوم فطر أي مفطرون } أه . فمن فطر الصائم ولو باليسير فقد فتح عليه الفطر . وقال الخطيب الشربيني – رحمه الله – في " مغنى المحتاج " : { وروى أيضا أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول حينئذ اللهم ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى ويستحب له أن يفطر الصائمين بأن يعشيهم لخبر من فطر صائما فله أجر صائم ولا ينقص من أجر الصائم شيء رواه الترمذي وصححه . فإن عجز عن عشائهم فطرهم على شربة أو تمرة أو نحوهما لما روي أن بعض الصحابة قال يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم فقال يعطي الله تعالى هذا الثواب من فطر صائما على ثمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن " وأن يكثر الصدقة " } أه . وقال النووي – رحمه الله - في " المجموع شرح المهذب " : { يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ الصَّائِمَ وَيُفَطِّرَهُ فِي وَقْتِ الْفِطْرِ ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِهِ لِلْحَدِيثِ ، قَالَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى عَشَائِهِ فَطَّرَهُ عَلَى تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ أَوْ لَبَنٍ ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : { إنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَيْسَ كُلُّنَا يَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ ؟ فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُعْطِي اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ أَوْ مَزْقَةِ لَبَنٍ } أه . وقال إبن مفلح – رحمه الله – في " الفروع " : { ومَن فطَّر صائماً فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر ه شيء صححه الترمذي من حديث زيد بن خالد ، وظاهر كلامهم : اي شيء كان ، كما هو ظاهر الخبر ، وكذا رواه ابن خزيمة من حديث سلمان الفارسي وذكر فيه ثوابا عظيما ان اشبعه ، وقال شيخنا :مراده بتفطيره ان يشبعه } اه . وقال المناوي – رحمه الله - في " فيض القدير " : { من فطَّر صائماً بعشائه ، وكذا بتمر، فإن لم يتيسر فبماء } أه . الرأي الثانى :- المراد بتفطيره أن يشبعه :- قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - في " الفتاوى الكبرى " : { والمراد بتفطيره : أن يُشبعه } أه . الرأي الراجح : هو الرأي الثانى :- وذلك لأنه إذا شرب شربة ماء وأكل رطبات فقد أفطر ، وزال عنه وصف الصائم ، ويكون الإطعام الثانى لمفطر وليس لصائم ، ولكن ليس معنى ذلك أن الثانى لا يحصل على ذات الأجر ، بل يحصل عليه أيضا ، ففضل الله واسع . قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في " شرحه على رياض الصالحين " : { واختلف العلماء في معنى " من فطر صائما " فقيل ان المراد من فطّره على ادنى ما يفطر به الصائم ، ولو بتمره . وقال بعض العلماء : المراد بتفطيره ان يشبعه ، لأن هذا هو الذي ينفع الصائم طول ليله ، وربما يستغني عن السحور .لكن ظاهر الحديث ان الانسان لو فطر صائما ولو بتمرة واحدة ، فإن له اجره . } أ.ه الوقفة الثالثة : الدعاء بعد الإفطار :- أولا : من الصائم : عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما قال : { كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أفطرَ قالَ ذَهَبَ الظَّمأُ وابتلَّتِ العُروقُ وثبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللَّهُ } ( رواه أبوداود وصححه الألبانى ) ثايا : من المدعو : عن أنس بن مالك رضى الله عنه : { أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جاءَ إلى سَعدِ بنِ عُبادةَ فَجاءَ بِخُبزٍ وزيتٍ فأكلَ ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أفطرَ عندَكُم الصَّائمونَ، و أكلَ طعامَكم الأبرارُ، و صلَّتْ عليكُم الملائكةُ } ( رواه أبوداود وصححه الألبانى ) والله الموفق . المستشار / أحمد السيد على إبراهيم ** نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والكاتب بمجلة التوحيد