استيقظت من نومى مبكرًا فجر الأربعاء 23 مايو وأيقظت عائلتى واتفقنا جميعاً على أن نصلى الفجر ونتوجه فوراً للمدرسة المجاورة للبيت لنكون أول الواقفين أمام لجنة الانتخابات قبل أن يشتد الزحام وتشتد معه حرارة الصيف. وكانت الأحداث سريعة جداً فكنا أمام المدرسة فى تمام السادسة صباحاً قبل بدء العملية الانتخابية بثلاث ساعات كاملة وكانت المفاجأة غير متوقعة حيث إن معظم الجيران قد فكروا بنفس الطريقة وسبقونا إلى باب المدرسة واصطفوا طابورين أحدهما للرجال والآخر للسيدات وما أدهشنى أنهم أيضاً اتفقوا على قواعد وقوانين خاصة لهذا اليوم المنتظر منها استثناء كبار السن والحوامل والمرضى وذوى الاحتياجات الخاصة من الطوابير وتشكلت مجموعات من الشباب معظمهم أقل من سن التصويت أرادوا أن يشاركوا فى إنجاح هذا اليوم الذى وصلنا إليه على جثث ودماء الشهداء فنظموا أنفسهم لعدة مجموعات لتنظيم المرور وتقديم العون والإرشاد لبعض فئات الناخبين ممن لم يهتدوا إلى بيانات التصويت الخاصة بهم وفض أى اشتباكات قد تعكر صفو اليوم بالإضافة إلى توفير زجاجات المياه لمقابلة الحر والعطش وتوفير وسائل إسعاف خفيفة تحسباً للظروف وفى نفس الوقت لتنظيف الشوارع المحيطة باللجنة من أوراق الدعاية. وكانت الأجواء حضارية تعكس رقى وحضارة شعبنا العظيم وكانت المودة وروح التعاون هى السائدة، يتخللها نقاشات دون انفعالات لا تخلو من شجن تذكرنا جميعاً خلالها برحلة البحث عن رئيس منتخب كظاهرة نعيشها لأول مرة فى حياتنا ولم يخرج أحد عن قوانين الطابور بالرغم من امتداد الطابور لبضع مئات من الأمتار والجميل أن لا أحد يستطيع التنبؤ بالرئيس. وكان معظمنا يحمل راديو صغير ينقل الأحداث من جميع الأنحاء وكانت الأخبار الواردة مبشرة جداً تخلو من أى تجاوزات أو حوادث أو أعمال بلطجة وعنف أو ما يعكر صفو اليوم باستثناء تجاوزات طفيفة متوقعة من بعض الفلول. أما ما جعلنى فى قمة النشوة أننى لمست أن معظم الناخبين لم ينخدعوا باستطلاعات الرأى المزورة ولا بفضائيات الفتنة ولا بأكاذيب العلمانيين ولا بالمتلونين وأنهم يدركون أن من يصوت للفلول فهو يصوت للمخلوع وأنه لا يغمس إصبعه فى الحبر الفسفورى الأحمر بل يغمسها فى دماء الشهداء واستحضرنا فتوى الشيخ الشهيد عماد عفت بأن التصويت للفلول حرام واستعرضنا ما تعرضت له مصر من كوارث وأزمات على يد الفلول قبل وبعد الثورة وأن الفلول لا يختلفون عن بعضهم إلا فى درجة الفلولية فقط. وانتهى اليوم سريعاً والجميع فى سعادة بالغة وقد تكرر فى اليوم التالى نفس سيناريو اليوم الأول إلى أن بدأت عملية الفرز فبقى وكلاء المرشحين باللجان لحضور الفرز وفقاً لقانون تفريغ المادة 28 من معناها وتوجه باقى المصريين لبيوتهم لمتابعة النتائج الأولية ومن المؤكد أن هناك جولة إعادة نتمنى أن تكون بدون فلول. واستمرت عملية الفرز لمدة أيام ليعلن رئيس اللجنة أن الإعادة بين فلان وفلان وأن ترتيب الفلول هو الأخير وقبل الأخير. ولم يتحمل قلبى المفاجأة وأُصبت بهستيريا الفرح الشديد أصرخ وأبكى وأضحك فى آن واحد شكراً شعب مصر العظيم لقد عزلت الفلول فإذا بيد تهزنى بشدة حتى استيقظت وقلت خير اللهم اجعله خير إننى كنت أحلم حلماً جميلاً.. فهل يتحقق هذا الحلم؟ [email protected]