أشعر بالأسى والأسف وبالإشفاق الشديد على ثورتنا التى سالت من أجلها الدماء، وفاضت من أجلها الأرواح، وأضع يدى على قلبى خوفًا من مفاجآت أعداء الثورة، لقد مضى حوالى عام ونصف العام على الثورة فماذا حققنا فى هذا الزمن الطويل، وكيف استفاد أعداؤنا منه، الحقيقة أن التلاحم والتضامن بين القوى الوطنية فى الميدان، والذى أدى إلى انهيار النظام السابق، تحول مع مرور الوقت إلى انقسام وفرقة وتشرذم، بينما آفاق خصومنا من صدمة الثورة، وأعادوا تنظيم صفوفهم ورتبوا أوراقهم جيدا، واستخدموا المال الحرام، الذى نهبوه من دماء الشعب وأنفقوه ببذخ عسى أن يعود عليهم فى المستقبل بمزيد من المال الحرام، استعانوا بالبلطجية وبالرشاوى الانتخابية، وأعدوا للتزوير عدته واحتاطوا له بالمادة28، وأطلقوا على الناس آلة إعلامية فاجرة لا ترعى فيهم إلا ولا ذمة قلبت الحقائق وخلطت الأمور، حتى أن الحسنة الوحيدة التى تحسب لإعلام الفلول، وهى المناظرة، لم تخل من الافتئات على الحقيقة، فاختيار أطراف المناظرة على أساس استبيانات غير علمية وربما مدسوسة أو منحازة، فيه ظلم لأطراف أخرى ربما كان حرمانها من الظهور الإعلامى مقصودًا لذاته بالنظر إلى التوجه الأيديولوجى لهذه القنوات الخاصة، ولا عزاء للقنوات الرسمية للدولة، والتى تم تهميشها عن عمد. وعلى الجانب الآخر نجد أن القوى الوطنية، قد أصابها مع مرور الوقت حالة من الاسترخاء والترهل، ودعتهم المنافسة الانتخابية المتكررة فى مجلس الشعب، ثم فى مجلس الشورى ثم فى انتخابات الرئاسة إلى اعتداد كل فصيل بنفسه حتى أصبحوا جزرًا منعزلة، ثم تطور الأمر لينقسم كل فصيل على نفسه حتى رأينا للإسلاميين ثلاثة مرشحين للرئاسة دفعة واحدة، ولليساريين أربعة، لكن الأعجب من ذلك، هو الممارسة الانتخابية ذاتها، ففى الوقت الذى نحترم فيه الأداء التنافسى لكل من حمدين صباحى وخالد على، لا نملك أنفسنا من الدهشة من الدور الذى يلعبه أبو العز الحريرى لصالح الفلول، لقد رفض حمدين صباحى بشدة أن يتطاول بعض أفراد حملته على المرشح عبد المنعم أبو الفتوح، وأعلن بكل حزم أن من يتطاول على أبو الفتوح يسىء إليه شخصيًا، ونذكر لخالد على أنه وقف فى المحكمة كمحام ليدافع عن حق زميله المرشح حازم أبو إسماعيل فى خوض المنافسة الانتخابية، بينما جعل أبو العز الحريرى شغله الشاغل وهمه الأكبر هو استبعاد مرشح الإخوان خيرت الشاطر، فأقام لأجل ذلك الدعاوى القضائية، وقدم من الطعون ما بلغ به مراده، مع أن الحريرى يعلم جيدًا مدى ضآلة فرصته، ويعلم جيدًا أيضًا أن استبعاد الشاطر يصب أولا وأخيرًا فى مصلحة مرشح الفلول باعتبار أن الشاطر كانت تتوحد حوله الفصائل الإسلامية على قلب رجل واحد، مما يعطى فرصة جيدة للمنافسة، بينما أدى استبعاده إلى الانقسام والتشرذم الذى نعانى منه الآن، وأعطى لمرشح الفلول فرصة مضاعفة لتسيد الموقف، دون أن يستفيد الحريرى شيئًا، إلا إذا كان يعتبر أن الفلول أقرب إليه من الإخوان، وأما عن السلفيين فحدث ولا حرج، لقد فشلوا فى أن يجمعوا كلمتهم على مرشح واحد، وانقسموا بين مرسى وأبو الفتوح، فبينما الأصالة والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح يؤيدون الدكتور محمد مرسى، نجد أن النور والبناء والتنمية يؤيدون أبو الفتوح، الأمر الذى يؤدى إلى حالة من تحييد الصوت السلفى ويضعف أثره. سوف تنتهى هذه الانتخابات قريبًا بخيرها وشرها، ولكن هل تتعلم القوى الوطنية الدرس؟ [email protected]