من أكثر الأسئلة التى يتعرض لها المرشحون للرئاسة فى اللقاءات التليفزيونية علاقتهم بالجيش وهل سيعينون وزيرًا جديدًا للدفاع الذى يصبح تلقائيًا القائد العام. سؤال لا ضرورة له، لكنه الفضول ومعرفة علاقة الرئيس المدنى بقادة الجيش، وهل سيكون اللاعب الرئيس، أم أن المجلس العسكرى سيحكم من وراء الستار؟! لو فاز مرشح مدنى – وهو الأرجح – فإنها المرة الأولى، التى نرى فيها هذا النمط من العلاقة بين جانبين، يصبح خلالها الرئيس طبقًا للدستور قائدًا أعلى للقوات المسلحة ومسئولا عن قرارات الحرب. هنا نتجاهل تاريخ العسكرية المصرية، وما اشتهرت به من الضبط والربط وعدم التدخل فى السياسة العليا، بل تنفيذ ما تمليه من قرارات.. أكثر من 60 عامًا من النظام الجمهورى لم تخف ما ترسخ قبله فى عهود الملكية من وزراء دفاع مدنيين. لا ننكر أن الجيش تطور كثيرًا خلال الستين عامًا الأخيرة، وصار مؤسسة اقتصادية تهيمن على نسبة هائلة من مجمل الدخل الوطني، لكن هذا لا ينسينا أن أنور السادات، الذى كان قد افتقد معظم صلاته بالجانب العسكرى منذ قيام الثورة، وحينها كانت رتبته صغيرة جدًا، اتخذ تغييرات كبيرة فى صفوف القيادة العامة للجيش، ففى 15 مايو 1971 – فيما سمى بقضية مراكز القوى وثورة التصحيح – قام بتغيير وزير الحربية والقائد العام الفريق أول محمد فوزى. لم يكن فوزى قائدًا عسكريًا عاديًا، وكان قادة الجيش يلتفون حوله ويعتبرونه المهندس الحقيقى لإعادة بناء القوات المسلحة بعد هزيمة 1967. لم تحدث أى مشكلة لهذا التغيير، الذى أتى حينها بالفريق أول محمد أحمد صادق، وكان أيضًا من العسكريين الكبار المؤثرين، وقد تم تغييره أيضًا فيما بعد دون مشكلة. أنور السادات كان أقرب إلى الرئيس المدنى منه إلى العسكرى، فبالإضافة إلى أنه ترك القوات المسلحة برتبة صغيرة عندما قامت ثورة يوليو، قضى أكثر سنوات خدمته مطرودًا مفصولاً. أى رئيس مدنى قادم سيكون قادرًا على تعيين وزير الدفاع والقائد العام لأنه من صميم مسئولياته، إضافة إلى قدرته على تعيين رئيس الأركان وقادة الأسلحة والمناطق.. وعندما يفعل ذلك ينطلق من شرعيته الانتخابية الشعبية، أى أن القرار يتخذه الشعب فى الواقع وهو مصدر كل السلطات. [email protected]