الانتخابات الرئاسية الأمريكية والفرنسية الأكثر جذبا لنا نحن المتفرجين العرب. لقد استرحنا للجلوس في مقاعد المشاهدة نتابع ونتمنى ونصفق ونعلق من غير أن تتاح لنا فرصة خلق هذا العمل الديمقراطي في بلادنا. "الأحد" نشهد الدورة الأولى من الانتخابات الفرنسية وهي عادة ليست هي الحاسمة ولكنها تأتي في ظل صعود اليمين المتطرف في أوروبا والولايات المتحدة. التيار الشعبوي اليميني يتحرك بسرعة إلى مراكز صناعة القرار، ومن المصادفة أن اليمينية المتطرفة مارين لوبان مرشحة الجبهة الوطنية لها أصول مصرية صعيدية عن طريق جدتها لأمها التي قالت إنها ولدت في الاسكندرية وأم الجدة ولدت في أسيوط، ما يعني أن لنا شيئا في المولد فنحن أخوالها على أي حال رغم تطرفها الشديد ضد المسلمين والمهاجرين والعرب. كشفت مارين لوبان عن أصولها المصرية وهي تبدي استياءها الشديد من تفجير كنيستي طنطا والأسكندرية، والاستياء حق للجميع، ولكن التطرف فيه لا يؤدي لنتائج سليمة، وأعتقد أنها أبدته بتطرفها في كرهها للآخر المختلف عنها، وفي إطار شعارات الكراهية التي تتردد على لسانها. مارين على أي حال مرشحة بقوة للوصول إلى الجولة الثانية مع الشاب المصرفي ايمانويل ماكرون ذي التسعة وثلاثين ربيعا الذي في حال فوزه سيكون أصغر رئيس لجمهورية العلم والنور والتقدم منذ سنوات طويلة جدا. هجوم الشانزليزيه الذي نفذه مجنون إرهابي زاد فرص اليمين وخدم حملة مرشح اليمين فرانسوا فيون واليمين المتطرف مارين لوبان اللذين انتقدهما رئيس الوزراء برنار كازنوف يوم الجمعة بسبب استغلالهما للهجوم لتحقيق مكاسب سياسية. ونالت بنت اختنا مارين جزءا أكبر من هذه الانتقادات بسبب أنها مستغلة جدا وسلطوية ومستبدة، بالوراثة طبعا عن أخوالها. واتهمها كازنوف باستغلال حالة الخوف داخل المجتمع الفرنسي لأغراض سياسوية. لا أعرف لماذا ترجمت الكلمة التي قالها بالفرنسية طبعا إلى سياسوية وليست سياسية وأترك الأمر لتقديركم. عندما وقع الهجوم كانت بنت أختنا وباقي المرشحين المنافسين يخوضون مناظرة نظمتها قناة فرانس 2، فحول فيون ولوبان دفتها التي كانت في اتجاه الحملات الانتخابية إلى الحديث عن "الإرهاب الإسلامي" وكيف سيواجهانه. "فيون" قلدنا تماما في موضوع الخطاب الديني فقال إنه سيشدد رقابته عليه وسيجفف منابع الإرهاب الإسلامي داخل فرنسا. أما بنت أختنا فقالت إن الهجوم ما كان ليقع تحت عهدتها، لأنها كانت ستعمل على ترحيل المشتبه بهم أو اعتقالهم كخطوة وقائية، وكذلك استعادة الحدود الفرنسية التي تقع حاليا رهينة اتفاقية شينجن، أي أن مزيدا من التقليص سيطرأ على منطقة اليورو بعد أن صوت اليمين الشعبوي الانجليزي لصالح خروج بلادهم منها. صحيفة لوفيجارو الفرنسية أكدت أن هجوم الشانزليزيه خلط أوراق الانتخابات الرئاسية بالفعل. هناك حالة خوف عكستها باقي الصحف الفرنسية، ليس في أوساط المهاجرين والمسلمين داخل فرنسا فقط، بل في الأوساط الأوروبية التي تعبر عن قلق كبير من إمكانية غزو مارين لوبان قصر الإليزيه لتبدأ مرحلة تقلب الانفتاح الفرنسي إلى انغلاق وعداء للأجانب واغلاق للحدود وانسحاب من اليورو والخوف من الآخر. آخر استطلاعات الرأي تجعل بنت أختنا مارين لوبان في المركز الثاني بعد ايمانويل ماكرون ويأتي مرشح اليمين فرانسوا فيون في المركز الثالث. لوبان التي ستبلغ الخمسين بعد عامين، نائبة في البرلمان الأوروبي منذ 2004 وسبق ترشحها للانتخابات الرئاسية في 2012 وحلت ثالثة، ووصلت لرئاسة حزب الجبهة الوطنية في يناير 2011. تدعو خطاباتها المتشددة دوما إلى تقليص عدد المهاجرين الشرعيين وإلغاء الحق في الأرض، أي حق الحصول على الوثائق لغير الفرنسيين المولودين على الأراضي الفرنسية، والعمل بمبدأ الأفضلية للفرنسيين ومنع الرموز الدينية في الأماكن العامة، واعطاء الأولوية للحرب على الأصولية الإسلامية، وهو تعبير فضفاض يشمل الجميع ويتعدى هدف محاربة الإرهاب. سرنا كفراعنة باتع حتى في انتخابات فرنسا! [email protected]