ذكرت بعض الأخبار يوم الاثنين23/4/2012 م، أنه سيقام فى اليوم التالى بجامعة أثينا حفل تقليد الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، "توتو" درجة الدكتوراه الفخرية، والسعيد وفقا للخبر هو ثالث مصرى يحصل على الدكتوراه الفخرية من هذه الجامعة، فقد سبقه بالحصول عليها كل من أحمد لطفى السيد وطه حسين، وقد نص مرسوم منح هذه الدرجة العلمية الرفيعة – كما يقول الخبر - على أن الدكتور رفعت السعيد قد استحقها لجهده الفكرى والعلمى المتواصل فى الدفاع عن الديمقراطية والليبرالية وحرية الاعتقاد وعمله المستمر لتحقيق الوحدة الوطنية فى وطنه مصر. أ. ه. الخبر فيه شقان الأول شخصى، والآخر عام. الأول يعنى صاحبه وله أن يقيم الأفراح والليالى الملاح لأن جامعة يونانية كرمته وقدمت له درجة فخرية يتيه بها على الدنيا فى مصر المكلومة الحزينة على أبنائها الذين تسيل دماؤهم فى الشوارع بين حين وآخر ولا يعرف أحد رسميًا من الذى قتلهم، ويؤخذون من المساجد والشوارع إلى حيث جهنم الحمراء لدى حكامنا الجدد! أما الآخر؛ فهو الذى يعنى المجتمع المصرى ليقوّم هذا التكريم ويضعه فى مكانه الصحيح، فأحمد لطفى السيد كان رافضًا للإسلام والعروبة، وكان محبًا للإنجليز الغزاة، ومواليًا لثقافتهم العنصرية الاستعمارية التى تعلى من شأن الأوروبى وتقلل من شأن المسلم فى أى مكان.. ويذكر التاريخ للرجل أنه رفض أن تساعد مصر العربية المسلمة شعب ليبيا العربى المسلم فى مقاومته للاستعمار الإيطالى المجرم، الذى كان يقتل أهلها ويستبيح دماءهم ويستولى على ثرواتهم ومقدراتهم.. أما طه حسين، فهو الرجل الذى دعا إلى اللحاق بالثقافة الغربية، والتماهى معها بخيرها وشرها، وله مواقف عديدة ضد ثقافة بلاده، وكان كاتب السلطة الأول فى العصر الحديث، وأول من أسند مصر إلى الحاكم: مصر الفاروق فى عهد الملكية، ومصر عبد الناصر فى عهد الانقلاب العسكرى، ولم يأخذ موقفا حقيقيا ضد السلطة الاستعمارية أو المحلية المستبدة! من الطبيعى أن يحصل رفعت السعيد على الدرجة الفخرية من جامعة أثينا فهو ضد الثقافة الوطنية، أى الإسلامية، وهو منحاز للغرب العنصرى، وبالطبع فالجامعة اليونانية أو الإغريقية ليست مؤهلة للحكم على جهده العلمى، فهى لا تقرأ بالعربية، كما أعتقد، ولم تتابع منهجه العلمى الذى أصابه العوار كما أوضح منصور أبو شافعى فى كتابه، الذى أشرت إليه فى المقال السابق، أما دفاعه عن الديمقراطية والليبرالية وحرية الاعتقاد وعمله المستمر لتحقيق الوحدة الوطنية فى وطنه مصر، فهى آخر ما يصح أن ينسب إلى رفعت السعيد.. لو قيل إنه يدافع عن حرية الشيوعيين وخصوم الإسلام وحريتهم وديمقراطيتهم لكان ذلك أقرب إلى الصواب، ولكنه للأسف لا يؤمن بالحرية ولا الديمقراطية ولا الليبرالية ولا حرية الاعتقاد ولا الوحدة الوطنية بالمفهوم العام.. لقد كان رفعت السعيد مواليا للنظام المستبد الفاشى برئاسة حسنى مبارك، الذى عينه فى مجلس الشورى، وقربه إليه وجعله يتصدر المشهد إعلاميًا وثقافيًا وسياسيًا، وأغدق عليه مقابل نشر ترهاته وأضاليله ومنحه ما لا يستحق من أموال الشعب المصرى نظير مساندته للاستبداد وسحقه للإسلام ومطاردته للمسلمين، ثم إن الرجل كان ضد الحركة السياسية الشعبية التى رفضت الحكم العرفى الظالم وممارساته المعادية للحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية. وأود أن أشير إلى أن رفعت السعيد كان منحازًا بطريقة فجة للتمرد الطائفى الذى قاده رئيس الكنيسة الأرثوذكسية، ضد الدولة وضد الإسلام وضد الوحدة الوطنية، وكان مقربًا من البطريرك، وكان يتبنى دائمًا وجهة نظر الكنيسة فى الحوادث، التى كان يصنعها المتمردون الطائفيون، ولم يكن فى يوم من الأيام عنصر توحيد أو تجميع، ذلك أن موقفه من الإسلام هو موقف الشيوعية الرافضة للدين، وترى الدين صناعة بشرية، وليست وحيا إلهيا! رفعت السعيد يرى أن الأغلبية التى جاء بها صندوق الانتخابات لا يجوز لها أن تضع الدستور، ولا يكون لها رأى فى تشكيل اللجنة التأسيسية لوضعه، ولكنها يجب أن تلجأ إلى أمثاله من المرفوضين شعبيا والراسبين فى الانتخابات التشريعية ليفرضوا رأيهم المعادى للإسلام والمسلمين فى دستور يحكم شعبًا مسلمًا بالعقيدة والحضارة! وفى إشارة إلى رفضه للإسلام الذى يكنى عنه بالماضى، أوضح رئيس حزب التجمع، أن التاريخ هو بناء للمستقبل وليس استعادة للماضى، ولذا لابد أن يمثل كل طوائف الشعب فى اللجنة المقبلة المكلفة بوضع الدستور، بعد حل الجمعية التأسيسية التى كان يغلب عليها التيار الإسلامى بشكل واضح، مؤكدا أن تلك التيارات استغلت الأغلبية البرلمانية وهيمنت على الجمعية التأسيسية بصورة مغايرة تماما لمفهوم الدستور. ويبدو من تصريحات رفعت السعيد أنه ينظر إلى المسلمين فى مصر بوصفهم جالية محدودة العدد أو عابرة للوطن لن تقيم فيه طويلا، ولذا يعلن انزعاجه من الأغلبية البرلمانية الإسلامية. ترى متى يؤمن السعيد بالديمقراطية والحرية وحق الشعب المصرى فى حرية الاعتقاد والإعلان عن عقيدته الإسلامية؟