أصدر اللواء مجدي عبد الغفار قرارا بإقالة اللواء حسام خليفة مدير أمن الغربية على خلفية التفجير الإرهابي الجبان الذي وقع في كنيسة مار جرجس في طنطا ، هذا خبر جيد ، ويعني أن هناك في مصر من أصبح يقتنع بأن هناك "تقصيرا أمنيا" تسبب في وقوع تلك الجرائم الإرهابية ، في وقت يفترض أن جميع أجهزة الدولة في حالة استنفار كامل ، سواء للتحدي الأمني المتنامي بشكل عام ، أو لدواعي تأمين احتفالات إخواننا الأقباط بأعيادهم ، وهي المناسبات التي وضح أن الإرهاب الأسود يتعمد استهدافها ليوقع أكبر قدر من الضحايا والإيلام النفسي أيضا ، بأن يتحول العيد إلى مأتم ، حسنا ، أدركنا أخيرا أن وقوع التفجير يعني أن هناك تقصيرا أمنيا ، ويبقى السؤال : هل اقتنع الرئيس عبد الفتاح السيسي بما اقتنع به وزير داخليته ؟ ، وماذا عن التفجير في الكنيسة المرقسية اليوم في الاسكندرية أيضا ، هل هو تقصير أيضا أم أنه "قضاء وقدر" ، ولولا لطف الله وشجاعة البطل الرائد عماد الركايبي الذي استشعر الغدر في المقتحم فأعاقه باحتضانه ففجر نفسه فيه مما قلل الخسائر والتي كان من المقرر حسب شهود عيان أن تكون أكبر كثيرا من ضحايا طنطا ، لماذا نعاقب مدير أمن الغربية ولا نعاقب مدير أمن الاسكندرية ، وماذا كان الموقف من جريمة التفجير في الكنيسة البطرسية في القاهرة قبل عدة أشهر ، والتي برأ فيها السيسي الجميع من أي اتهام بالتقصير ، بل حذر "المصريين" أن يتصوروا أنه كان هناك تقصير أمني !!. ويمكن أن نعدد التفجيرات التي وقعت في القاهرة والاغتيالات التي طالت النائب العام وقيادات عسكرية رفيعة فضلا عما سبقها من تفجيرات لكمائن ومديريات أمن ، ولم يعاقب أحد ، وجدد السيسي تمسكه باللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية ، باعتبار أن مصر خلت من أي قيادة أمنية يمكنها أن تحسن الأداء الأمني ، أو أن تجدد الروح في المنظومة الأمنية وتغير السياسات لأداء أكثر إحكاما ودقة ، والحقيقة أن الأمر تحول إلى لغز ، فإن جريمة واحدة كبيرة من تلك التي هزت العاصمة كانت كفيلة بعزل وزير الداخلية ، فكيف بعشرات العمليات والتفجيرات والاغتيالات ، هل هناك سر لا نعرفه بين السيسي وعبد الغفار ، هل العلاقة أعقد وأكبر من علاقة رئيس جمهورية بوزير ، أم هل يعتقد السيسي أن هذا الانفلات الأمني خارج عن يد الداخلية وقدراتها وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان ، وعلينا التسليم بالأمر الواقع . داعش التي نقلت وكالة الأنباء الفرنسية أنها أعلنت مسئوليتها عن تفجيرات اليوم كانت تكتفي بتفجير إرهابي واحد في اليوم ، ويبدو أنها أدركت أن الأمور تمضي بسهولة أكثر مما تتصور فأصبحت تطمع في إحداث أكثر من تفجير اجرامي في اليوم الواحد كما حدث اليوم في طنطاوالاسكندرية ، وأخشى أننا لو سرنا على تلك الوتيرة من الاستهتار والإفراط في "التدليل" الأمني أن نصل إلى كارثة التعايش اليومي مع الإرهاب كما يحدث في مناطق أخرى . وزير الخارجية المصري سامح شكري ، سارع بتكليف بعثة مصر في الأممالمتحدة بالتحرك لإدانة حادثي التفجير في طنطا والإسكندرية ، حسب ما نقلت وكالة الأنباء المصرية ، وأنا لا أفهم طلبه هذا سوى على أنه محاولة غير لائقة لاستثمار الجريمة وتوظيفها ، ففي مثل تلك الأحداث تبادر الدول الأخرى بإدانة الجريمة والتضامن مع مصر ، كالتزام أخلاقي ضد الإرهاب ، أما أن يتحرك ديبلوماسيو مصر في الأممالمتحدة لإدانة الحادث فهو كلام غريب وسخيف . أسخف من سلوك الخارجية سلوك قطاع من النخبة ، كل ما شغلها هو توظيف الجريمة لتصفية حسابات سياسية وفكرية مع السلفية أو الوهابية ، والحديث الخرافي في معظمه عن جذور الإرهاب ، رغم أن أكثر من يواجه الإرهاب اليوم ويضرب جذوره الفكرية ويفكك خطابه الديني هم السلفيون ومن يوصفون بالأفكار الوهابية ولذلك تعتبرهم داعش أعدى أعدائها وأخطر خصومها ، وأنهم أهداف لجرائمها ونشرت قوائم بأسماء دعاة ومشاهير من هؤلاء باعتبارهم على قائمة الموت لخطورتهم على التنظيم ، هذا رغم ثقتي الكاملة بأن الإرهاب ظاهرة مركبة ، والبعد الديني فيها مجرد تبرير معنوي لتوجهات جوهرها إحباطات سياسية واجتماعية واقتصادية . أشعر بقلق حقيقي على بلادي ، وأشعر بحزن أكبر ، ولا أملك سوى أن أواسي أهلنا الأقباط والمسلمين من ضحايا اليوم ، وأسأل الله أن يصبر أسرهم وذويهم وأن يخفف عنهم آلامهم ويعوضهم خيرا ، وأن يحفظ مصر من كل سوء . https://www.facebook.com/gamalsoultan1/