لنعترف بأن التيار الإسلامى يمر بمأزق شديد قبل الانتخابات الرئاسية، وأنه يضربه بزلزال يزيد عن 8 ريختر قد يحرمه - وهو الأرجح - من تولى الحكم من خلال أول انتخابات رئاسية حقيقية والتى ستجرى جولتها الأولى يومى 23 و24 مايو الجارى. مأزق التيار الإسلامى أنه خسر جزءًا لا يستهان به من شعبيته خلال الشهور الماضية، فقد ظهر منقسمًا على نفسه، ميالاً لطلب الإمارة – أو السلطة – حريصًا عليها، غير قادر على خدمة نفسه بنفسه بدفع الاتهامات التى لا تتوقف يوميًا، خصوصًا من برامج "التوك شو" الليلية التى لا تتوقف عن إهانة أطرافه بكل ما تملك، وهى برامج تقدمها أو تشارك فيها عناصر لا تخفى عداءها للفكرة الإسلامية وخصومتها العنيفة لإمكانية تولى إسلامى لرئاسة الجمهورية. وقبل أن تبدأ الانتخابات، نجحت تلك القوى فى شق التيار الإسلامى وتوجيه الأدوات الإعلامية المحسوبة عليه ضد بعض أطيافه، فكأنه لا يكفيها تلك البرامج التليفزيونية والصحف التى تنفق عليها أموالاً طائلة، والتى لم تترك نقيصة إلا وألصقتها بأطياف هذا التيار، بدءًا من السلفيين فى حادثة أذن القبطى فى قنا، وقد ثبت بعد جولات عاصفة من الهجوم أنها مفبركة، مرورًا بأنف نائب حزب النور السابق أنور البلكيمى، ثم فرية مشروع قانون "مضاجعة الوداع" للزوجة التى فارقت الحياة خلال الست ساعات الأولى من وفاتها، وهى التى نشرتها الأهرام للسخرية من برلمان يسيطر عليه الإسلاميون، فتناقلتها وسائل الإعلام العالمية، وبعد ذلك تبين لها أنها كاذبة ومكذوبة، الأهرام هى نفسها التى أثارت القصة المفبركة حول قيام سلفيى قنا بقطع أذن القبطى. أنهى هذا الإعلام المتجبر مقاومة السلفيين عبر اعتذارات متتالية من حزب النور وتراجعه عن تشدده فى قضايا معينة، بل وإجراء رئيسه الدكتور عماد عبد الغفور حوارًا مع راديو الجيش الإسرائيلى برره فيما بعد بأنه لم يكن يعرف أن الصحفى مجرى الحوار ينتسب له وأنه خدعه، على طريقة شيخ الأزهر الراحل سيد طنطاوى عندما صافح يد شيمون بيريز ثم قال إنه لم يكن يعرفه عندما باغته بالمصافحة.. وبعدها بدأت الحملات القوية والضربات المتقنة ضد الجماعة الأكبر التى تمثل أكثرية البرلمان. جذبت الحملات معها هذه المرة الإعلام المحسوب على الإسلاميين ليشاركها فى ضربات ولكمات مباشرة وقوية، نتيجتها هذا المأزق الذى دخله المشروع الإسلامى، فلا برلمانه أثبت نجاحًا يذكر، وإنما "مكلمة" لا أكثر ولا أقل. لم يشرع حتى الآن أى قانون، وتلاعب به رئيس اللجنة العليا للانتخابات، عندما رفض الانصياع لقانون العزل السياسى رغم إقراره من المشير طنطاوى ونشره فى الجريدة الرسمية، ثم استهانة الجنزورى به وتكبره على أعضائه وعجرفته الزائدة فى التعامل مع رفضهم لبيانه. الشعب لن يصوت سوى لحاكم قوى.. وللأسف الشديد خيب التيار الإسلامى ظنه، فتيار منقسم على نفسه، ويتعرض لسيل من الهجوم من إعلامه الفقير والمحدود الإمكانيات، كيف يمكنه قيادة دولة كبيرة مضعضعة اقتصاديًا وأمنيًا واجتماعيًا؟! خدعوك فقالوا إن الليبراليين والعلمانيين والأقباط سيصوتون لأبو الفتوح.. والنتيجة ستكون القصة الأخيرة للتيار الإسلامى الممزق الذى أظهر ضعفًا كبيرًا فى الممارسة السياسية والإعلامية. [email protected]