على الرغم من رفض المجلس القضاء الأعلى بالإجماع مشروع قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية أمس الأول، إلا أن البرلمان عقد أمس جلسة لمناقشته مع لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ما يؤكد وجود إصرار لديه، لتمريره خلال الفترة القادمة، في تحد واضح مع السلطة القضائية. ويتضمن مشروع القانون الذي قدمه إلى البرلمان وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، ترشيح الجمعيات العمومية للهيئات القضائية ثلاثة أسماء ليختار رئيس الجمهورية من بينهم، بعدما كانت الجمعيات العمومية ترشح أقدم الأعضاء، ويُرسل اسمه لرئيس الجمهورية للتصديق عليهم. وعقد مجلس القضاء الأعلى اجتماعا، الأحد، لمناقشة مشروع القانون، وشدد على تمسك القضاة بطريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية الواردة في قانون السلطة القضائية الحالي، والذي ينص على مبدأ "الأقدمية في الاختيار". ورأي النائب السابق محمد أنور السادات، ورئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، أن "مؤسسات الأزهر والقضاء يعلمون شئونهم ويجب مراعاة استقلاليتهم واحترام وجهات نظرهم خاصة وأنهم أقدر الناس على تصحيح مسار مؤسساتهم برؤيتهم ودرايتهم بما هو أنسب وأصلح". وشدد السادات على ضرورة مراعاة مبدأ الفصل بين السلطات وعدم افتعال أزمات من لاشيء خاصة وأن هناك موضوعات لا يوجد أي خلاف بشأنها كالطريقة المتبعة في تعيين رؤساء الهيئات القضائية، وهناك قنوات شرعية لهذه المؤسسات تستطيع من خلالها تنظيم عملها على أكمل وجه، مطالبًا بالتوقف كثيرًا ومراجعة النفس مرات ومرات قبل الحديث عن تنظيمها وتعديل آليات تشكيلها. وأوضح، أنه "يوجد من مشاكل وهموم المواطنين وقضاياهم الملحة ما يستوجب النظر والالتفات إليها، وطرح مشروعات قوانين تعالج تلك القضايا والمشكلات وليس الدخول في خلافات لا داعي لها مع مؤسسات لها استقلاليتها وقنواتها الشرعية وقاماتها وعلماؤها الذين يستطيعون إصلاح أي خلل بالطريقة التي تناسبه". من جانبه، قال الدكتور محمد طلعت، الفقيه الدستوري، إن "نظام الفصل بين السلطات داخل السلطة الحالية "مرفوض"، وهذا واضح في إصرار السلطة التشريعية على إصدار قانون رفضه القضاء بالإجماع". وشدد على أن "الغرض من إصرار النظام علي إخراج مشروع القانون إلى النور هو السيطرة على هذه السلطة التي تتحكم باستقلالية منذ نشأتها". وأضاف طلعت ل"المصريون"، أن "سعي النظام للسيطرة على القضاء هو بغرض التحكم في جميع القرارات والقوانين التي تصدر عنه". وأوضح أن "الهيئات القضائية هي صاحبة الحق في صياغة القانون، وأن رفضها إلغاء الأقدمية في اختيار رؤساء الهيئات، لابد أن يراعيه المجلس، لأن تلك رغبتها، وعدم الاكتراث بها يعد انحرافًا للدور التشريعي، الذي لا يعترف بقانون الفصل بين السلطات". من جانبه، قال الدكتور مصطفي السعدواي، الفقيه الدستوري، إن "مناقشة المشروع المقدم بشأن تعديلات على الهيئات القضائية بالبرلمان يؤكد أن البرلمان يصر على الصدام مع القضاء من أجل تحقيقي غرض بعينه". وأضاف ل "المصريون": "الغرض هو محاولة وضع الأشخاص محددين من قبل النظام الحالي لسيطرة على جميع أعمال السلطة القضائية ،لتتحكم باستقلالية في إصدار الإحكام والقوانين". وتابع السعداوي: "القضاء أكدوا خلال اجتماعهم الأخير أنهم يد واحد ضد كل من يريد السيطرة عليهم أو التحكم في استقلاليتهم"، ورأى أن "القانون يمس بمبدأ استقلال السلطة القضائية ومن غير المقبول تعديل قانون رفضها رجال القضاء"، محذرًا من أنه إذا تم تمريره سيقود لأزمة بين القضاة والسلطتين التشريعية والتنفيذية.