إذا جاء في القرآن الكريم عبارة (وما أدراك) فانتبه... فإنها تنبهنا لشيء خطير مهم... وتبصرنا بوجوب الاهتمام بهذا الشيء... واليقظة له... مثل: (وما أدراك ما الطارق)، (وما أدراك ما الحاقة)... الخ...
فكيف لو جاء بعدها (ثم ما أدراك) مرة أخرى؟
هذا هو ما جاء بعينه في سورة الانفطار: (وما أدراك ما يوم الدين) (ثم ما أدراك ما يوم الدين)...
إي والله...
أليست واحدة تكفينا يا رب؟!...
فما يكون الأمر؟... وما يكون المطلوب؟... المرة الأولى أوجبت علينا الاهتمام والتنبه واليقظة؟
لا شك أن الثانية توجب المزيد من هذا الاهتمام وتلك اليقظة وذلك التنبه... وكأنها تقول لنا أن الأمر في غاية الخطورة ومنتهى الأهمية، فانتبهوا ثم انتبهوا...
قضية (يوم الدين) هي القضية المحورية لسورة الانفطار... سورة الانفطار تركز على تصوير يوم القيامة تصويرا مخيفا بتبعثر المخلوقات المنتظمة وتغير حالها ومسارها...
لذلك تكررت فيها (ما أدراك)...
- فالسماء تتشقق... - والكواكب تتساقط متناثرة... - والبحار يختلط بعضها ببعض... - والقبور يقلب ترابها لخروج من فيها...
عندئذ تعلم كل نفس حقيقة ما قدمت وأخرت ولا يعد تنفع الأماني والأكاذيب والحجج...
إنه يوم الدين... وببساطة.. يوم الدين يعني يوم الجزاء... وهو ما تمهد له آيات السورة الكريمة، التي تنقلك رويدا رويدا.. حتى تضعك في قلب الحدث... في قوله جل وعلا: (يصلونها يوم الدين)!..
وقبلها بقليل ترمي بسهم لهذا (اليوم) على غفلة منا ونحن نقرأ... كلا بل تكذبون ب(الدين)... أي بالجزاء...
فليس الأمر كما تصور أولئك المخدوعون... إنهم كانوا يكذبون بيوم الجزاء...
إن هؤلاء المكذبين سيدخلون نارا يوم الجزاء وهو يوم القيامة...
وما أعلمك بيوم الجزاء؟... ثم ما أعلمك بيوم الجزاء؟...
ببساطة ووضوح؛ إنه يوم لا يستطيع أحد أن ينفع أحدا... ويكون الأمر كله لله... فلا أحد ينطق أو يتحرك أو يقضي أو يحكم...
وانظر لخاتمة السورة بلفظ الجلالة (لله)... وعندما تقف على الهاء وأنت تقرأ بها فينتهي النفس من رئتيك وينقطع من بين شفتيك... فقد قضي الأمر وانقطعت الأسباب...
إنه تصوير عملي بسيط مصغر عن ذلك اليوم الذي ينتظر البشر جميعا ليحكم (الله) وحده بينهم...
حقا... الأمر يومئذ لله...
هذا ما تدور حوله آيات سورة الانفطار... ويكون كل ذلك: إذا السماء تشققت لنزول الملائكة() والكواكب تساقطت() والبحار اختلط بعضها ببعض() والقبور انقلب ترابها ليخرج من بها() عندئذ تعلم كل نفس ما قدمت من عمل وما لم تعمل() فيا أيها الذي كفر بربه ما الذي جعلك تخالف أمر ربك() الذي أوجدك بعد أن كنت عدما وجعلك سوي الأعضاء معتدلا() وأعطاك صورة خاصة بقدرته() ليس الأمر كما تصورتم أيها المغترون الذين تكذبون بيوم الجزاء() وإن ملائكة يحفظون أعمالكم ويسجلونها عليكم() وهم كرام يكتبون أعمالكم() يعلمون ما تفعلونه فيكتبونه() إن المكثرين من أفعال الخير والطاعات في نعيم دائم يوم القيامة() وإن أهل الفجور في نار() يدخلونها يوم الجزاء وهو يوم القيامة() وهم ليسوا بغائبين عنها أبدا() وما أعلمك ما يوم الجزاء() ثم ما أعلمك ما يوم الجزاء() يوم لا يستطيع أحد أن ينفع أحدا والأمر في هذا اليوم لله وحده يتصرف بما يشاء وليس لأحد أي أحد أي شيء يومها... كل شيء يومها لله.
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.