كشف مصدر كنسى أن الأنبا بيشوى، سكرتير المجمع المقدس، المرشح على الكرسى البابوى، بدأ إجراء باتصالات موسعة مع عدد كبير من الكهنة المشلوحين من أجل التوقف عن شن الهجوم عليه، مع وعدهم بالخدمة بمجرد انتخابه بطريركًا، لكن طلبه قوبل بالرفض الشديد، وسط تأكيدات من قبل ائتلافات الكهنة المشلوحين بأنهم لن يقدموا أى تنازلات لصالح أى شخص مهما كان. والأنبا بيشوي، والذي يُلقب ب "الرجل الحديدي" داخل الكنيسة، يتمتع بصلاحية التجريد والشلح، فهو المسئول عن إدارة المحاكمات الكنسية، وهو لا يحظى بتأييد قطاع كبير من رجال الدين داخل الكنيسة بسبب قراراته التي طالت العشرات. "المصريون" تنفرد بنشر روايات "الهلاك" كما يسميها أصحابها لأشهر المشلوحين الذين طالتهم عصا الأنبا بيشوى خلال السنوات الماضية، والبداية مع الراهب أغاثون، راعى كنيسة مصر القديمة، والذى كان قد تعرض لعقوبة الوقف من جانب البابا شنودة إثر خلافه الشهير مع الرئيس الراحل أنور السادات. وبحسب مصدر وثيق الصلة به، فإن سبب العقوبة يرجع لاستقباله آنذاك حسنى مبارك، نائب الرئيس أنور السادات فى الدير إبان فترة نفى البابا حيث كان نائب الرئيس يحمل رسالة شفهية من السادات يطالب البابا بقطع اعتكافه بالدير قبيل عيد الميلاد، لكن البابا وبخه بشدة وطالبه بعدم استقبال مبارك أو مندوبين عن السادات تحت أى بند. وكان قرار وقفه بإيعاز من الأنبا بيشوى، ثم قام البابا شنودة برفع العقوبة عنه لكنه لم يحدد له أى دير أو كنيسة يعود لها، فظل طريدًا شريدًا حتى اشترى له أخوته شقة بمصر الجديدة "يكاد لا يخرج منها" ولا يرد على "هاتفه" إلا لأفراد عائلته دون أى صحفى أو إعلامى، وكأنه قرر أن يعيش باقى عمره فى جزيرة منعزلة. الثانى هو القمص أندراوس عزيز، الذى يحكى عن تجربته مع الأنبا بيشوى قائلاً: "لقد عشت أيام الجحيم على الأرض بعد أن طردنى البابا شنودة من جنته فى الأرض، والذى يقول عن نفسه "إذا غضبت على أحد فلا أرضى عنه أبدًا"، وكأنه يستمتع بذل كل من هم دونه خصوصًا الشخصيات التى يلتف حولها الجماهير لأنه لا يريد أن بطلاً يتصدر المقدمة غيره! بدايتى كانت بعد تخرجى من الكلية الإكليريكية حيث تم رسامتى على الخرطوم عام 1968؛ لأنى ولدت فيها وأنا أحمل الجنسية المصرية، ثم انتقلت إلى الجضارف "مكان آخر بالسودان". حصلت بعدها على منحة دراسية لليونان، وهناك كانت الكنيسة تعطى المتفوقين منحة باسم "الأيكى" من الكنيسة بحوالى 4 آلاف درخمة، والتى لم تكف "الأكل والشرب"، وكان الأب الكاهن يبعث لى 10 جنيهات شهريًا كنوع من المساعدة، ولكننى اضطررت للعمل حتى أستطيع أن استكمل مصروفاتى. وعندما عدت لم أجد مكانًا لى فى كنائس الخرطوم، فأعطانى "الأب الكاهن" شهادة "حسن سير وسلوك" وأوصانى بالذهاب للأنبا شنودة ليرسمنى على أحد الكنائس بمصر، وأعطانى مبلغًا لشراء شقة فى مصر، ولكنه لم يعيرنى أى اهتمام فصرت لا أجد قوت يومى، فقامت زوجتى، وهى من أسرة ثرية، بشراء محل تجارى، ووقتها شعرت أن كل الأبواب مغلقة بعد أن أوصد البابا فى وجهى جنة الدنيا، التى يتربع على عرشها. وكأن الله استجاب لدعائى "حدث الصدام الساداتى – البابوى الشهير"، وبمجرد سفر البابا رسمنى الأنبا غريغوريوس راعى لكنيسة الملاك ميخائيل بك بشبرا، وعندما عاد البابا فى 1984 كان قد انتهى انتدابى بالكنيسة، ولم أكن وقتها أمتلك دفتر توثيق، فطردنى البابا من الكنيسة..ولم تشفع توسلاتى له بأننى رب أسرة ولدى طفلان فى الإعدادية ولا راتب لى، وكأن البابا قد نزعت الرحمة من قلبه.. فعلاً هذه هى الأبوة المثالية يا أنبا شنودة! وعلى إثر ذلك سد الكل أبوابه أمامى مرة أخرى باعتبار أن البابا غضبان على، حتى كدت "أشحت" لأستطيع أن أصرف على أسرتى، فنزلت زوجتى للعمل، وعملت أنا كسائق تاكسى! بعدها انتقلت أنا وزوجتى – وهى من أسرة ميسورة الحال – فاشترت "محلين" بشرم الشيخ، وقضينا هناك حوالى 10 سنوات – وهى عمر ضائع من الخدمة. وفى عام 1987 حصلت على دفتر توثيق بواسطة أحد سكرتارية البابا "عشان صعبت عليه" ولكننى ظللت فى شرم الشيخ حتى ضغطت الكنيسة على صاحب القرية السياحية فأنهى تعاقده معنا لمزيد من التضييق علينا، حتى أن البابا حاول اختراق أسرتى بضرورة أن تفارقنى زوجتى ولكنه فشل! وآنذاك طلب منى الأساقفة أن أقبل "قدم" البابا حتى يصفح عنى ولكننى رفضت، واكتفيت بالعمل من هذا التاريخ حتى 1999 موثق زواج ..بلا كنيسة! وفى العام المذكور جاء لى فى المنزل "رجل عمره 25 عامًا وامرأة 42 عامًا مع كل منهما تصريح "منفصل" بالزواج، ومن ثم قمت بتزويجهما وأقمت القداس بالكنيسة المارونية بمصر الجديدة، وأثناء ذلك فوجئت بالعشرات دخلوا على الكنيسة وانهالوا على ضربًا وسبًا واختطفونى تحت تهديد السلاح إلى الكاتدرائية. هناك وجدت ضحكة الأنبا بيشوى الساخرة هى التى استقبلتنى داخل الكاتدرائية، وخطف الأنبا دفتر التوثيق وصوره ثم أعاده إلىَّ وقال "سيبوه يروح" فهرعت أجرى خوفًا صوب باب الكاتدرائية، فقابلت الأنبا يؤانس فى طريقى، وسألنى "لو أخذت منك دفتر هاتقدر تطلع بداله؟" وبالفعل استولى عليه. وخرجت من الكاتدرائية لأعود بعد ساعات مع المحامى لنحرر محضرًا بسرقة الدفتر، وكان يوأنس قد أعطاه وقتها للبابا الذى لم يجد أمامه سوى اعتماد قرار "تجريدى" واتهمنى بالتزوير حتى لا تظهر الكنيسة بأنها تحاربنى، وبعث البابا لفاروق سيف النصر وزير العدل آنذاك رسالة تؤكد له أننى مزور. وانتهى الأمر إلى حفظ التحقيقين "الخطف فى الكاتدرائية و اتهامى بالتزوير" وقد طعنت على التجريد فى مجلس الدولة وقُبل الطعن، فطعنت الكنيسة ولكننى كسبت الطعن أيضًا، وقررت المحكمة إلغاء التجريد وكل ما يترتب عليه من آثار، وظللت أمارس توثيق عقود الزواج ولكن دون أن أرعى كنيسة. أما القس الراحل إبراهيم عبد السيد الذى "وقف عن العمل" ووصل الأمر أن البابا أصدر قرارًا بعدم "الصلاة عليه" فظل أهله لا يجدون كنيسة يصلون عليه فيها ليدفنوه، حتى عثروا على واحدة قرب المدافن "بمصر الجديدة" لم يكن قد وصلها القرار فصلوا عليه فيها ودفن. تروى ابنته سوسن إبراهيم عبد السيد أزمته مع الكنيسة قائلة "كان والدى من القلائل المعروف عنهم سعة أفقهم فى الكنيسة ويكفى ميراثه الفكرى الذى خلفه للأجيال القادمة"، مضيفة أن والدها لم يتعرض لمحاكمة لأن الكنيسة لم تجد شيئًا يدينه تقدمه به للمحاكمة وإنما قام الأنبا بيشوى ببعث رسالة عام 1992 له نصها "أنت فى إجازة مفتوحة" وحتى آخر شهر له قبل وفاته كان يحصل على "مرتبه من الكنيسة" ومعى صورة الشيكات. وبمزيد من التفاصيل تقول سوسن "لقد تم استدعاء أبى من قبل الأنبا بيشوى فى يوليو سنة 1992 إلى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وتم إبلاغه شفاهة بأنه فى إجازة مفتوحة دون إبداء أسباب ودون إجراء أى تحقيقات معه ودون تحديد لمدة هذه الإجازة ولقد انتاب أبى رحمه الله ذهولاً كاملاً حتى أنه عاد إلى المنزل دون أن ينطق بكلمة واحدة. وبعد شهور من الصدمة وملازمته الفراش لمرضه من جراء ما حدث تجرأت وفتحت معه هذا الموضوع لمعرفة الأسباب ودهشت حينما أخبرنى بأنه لا يدرى ما حدث أو ما فعله استوجب هذا العقاب وكان حديثى معه فى أواخر شهر ديسمبر من نفس العام ومع اقتراب عيد الميلاد المجيد عز علىَّ ألا يقيم أبى صلاة قداس العيد فى كنيسته فعرضت عليه أن أتوسط لمقابلة البابا شنودة ومحادثته فلم يمانع وذهبت إلى اجتماع معهد الرعاية يوم الثلاثاء مساءً وتقدمت نحو البابا شنودة لمعرفة إياه بنفسى فاقتضب جبينه وسألته عن سبب منح أبى هذه الإجازة فأجابنى: إن أباك لا يحضر جلسات المجلس الإكليريكى المخصص لمحاكمته فنفيت له ذلك صادقة إذ لم يحدث أن استدعى أبى إلى جلسة واحدة من هذه الجلسات وتخلف عنها وعرضت عليه تحديد موعد لإحدى هذه الجلسات وسأكون مسئولة أمامه على حضورها فحدد لى اليوم التالى أى يوم الأربعاء صباحًا وعدت إلى المنزل لأبلغ أبى بما حدث مؤكدة أن ما يصل إلى البابا شنودة معلومات مغلوطة عن عدم حضوره لجلسات المجلس الإكليريكى وعليه ذهبنا فى اليوم التالى وفى الميعاد المحدد لنا وتوجهت مباشرة إلى المقر البابوى منتظرة البابا شنودة لأبلغه بحضور أبى فى موعده وكان برفقته الأنبا بيشوى فهمس البابا فى أذنه عدة عبارات ثم أمرنى بالتوجه إلى المبنى الآخر المقرر فيه اجتماع المجلس الإكليريكى بصحبة أبى. وهناك مكثنا عدة ساعات دون أن نستدعى من أحد وكانت تناقش هناك عدة قضايا أحوال شخصية بحضور الأنبا بولا والقس داود تادرس ثم طلبت مرة أخرى مقابلة الأنبا بيشوى وبعد عدة ساعات أخرى خرج الأنبا بيشوى متسائلاً عن والدى الذى كان يجلس فى سيارته منتظرًا استدعاءه ثم فوجئت بتوجه الأنبا بيشوى صوب سيارة أبى طالبًا منه فتح شنطة السيارة وقام بتفتيشها ثم دخل إلى السيارة وبدأ بتفتيش التابلوه وحتى تحت الدواسات فى مشهد تجمع عليه المارة فى أنحاء الكاتدرائية متسائلين عم يحدث وللحق فلقد أصبت بانهيار حاد وشعرت بدوار وكدت أن أقع أرضًا لولا أن تلقفتنى إحدى السيدات الحضور لمشاهدة هذه المهزلة ولم يتوقف الأنبا بيشوى عما كان يفعله إلا بعد سماعه لصراخى وبكائى وبعد أن تأكد أنه لن يجد شيئًا يستطيع أن يدين به أبى داخل سيارته ثم دلف إلى داخل المقر البابوى مستدعيًا إياى مرة أخرى. وفى إحدى الغرف الواسعة متعددة الكراسى جلس وبجانبه أحد القساوسة ممسكًا بيده قلمًا وأوراقًا وبدأ فى التحقيق معى "نعم فى التحقيق معى أنا وليس أبى" وكانت أسئلته غريبة لا تتعلق من قريب أو بعيد بقضية أبى وكان الكاهن الجالس معنا يدون الأسئلة والإجابات أما عن هذه الأسئلة فكانت من نوعية أين تسكنين؟ وهل عقد شقتك تمليك أم إيجار؟ وما هى طبيعة علاقتك بزوجك؟ وأسئلة أخرى يعف قلمى عن ذكرها مرة أخرى. ثم قام بإمضائى على هذا التحقيق ومضى مسرعًا.. فجريت وراءه مرة أخرى لأسأله عن وضع أبى وبعد وقت طويل من الانتظار خرج ممسكًا بورقة بيضاء قائلاً اذهبى لوالدك وقولى له أن يوقع هذه الورقة فإذا تم ذلك سأقوم بإعادته مرة أخرى إلى كنيسته. وللحق فلقد كنت قد أنهكت قواى من الجرى وراءهم طوال اليوم تاركة ابنة لى رضيعة مع أمى والأخرى لم تتعد السنتين، وذهبت إلى أبى ومعى الورقة مخبرة إياه بما يريده الأنبا بيشوى أن يفعله فنظر إلى أبى نظرة أسى لن أنساها طوال عمرى قائلاً يا ابنتى من فعل جرمًا لا يوقع عليه فما بالك بى ولم أفعل شيئًا، هل تريدين أن أوقع على ورقة بيضاء! ..لا لن أفعل. وعدنا إلى المنزل فى ذلك اليوم الأسود دون إحراز تقدم يذكر ولم نتجرع سوى المهانة التى لحقت بنا. ولقد تمت الصلاة على جثمان أبى بحضور كاهن أرثوذكسى ونائب عن كل من الطائفة الكاثوليكية والبروتستانتية فى كنيسة المقابر ثم جاء كاهن آخر فى اليوم الثالث للوفاة وأقام صلاة أخرى بمنزلنا وفى الأربعين أقمنا قداسًا إلهيًا بكنيسة العذراء بمسرة تأبينًا لروح أبى الذى مات شهيدًا للظلم وعاش وسيعيش بآرائه وكتاباته إلى الأبد. يذكر أن القس إبراهيم عبد السيد قام بتأليف العديد من الكتب القيمة نذكر منها "أموال الكنيسة، الإرهاب الكنسى، البطريرك القادم، الرهبنة، الحب المفقود فى كنيسة شيكاغو، سرجيوس بطل الوحدة الوطنية.. وغيرها العشرات.."