سادت حالة من الجدل الواسع فى صفوف المعارضة المصرية ،بعد ان كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس الاثنين، ماوصفتها ب«وثيقة سرية» لمسودة بيان مشترك كان يفترض أن يلقيه قبل أشهر، كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وزعيم المعارضة الإسرائيلية إسحاق هرتسوغ، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، في القاهرة أو شرم الشيخ. واعتبرت المعارضة أن العلاقات السرية بين النظام المصري وسلطة الاحتلال الإسرائيلي على مدار السنوات الماضية تشير إلى أن المنطقة تتجه لمرحلة «كامب ديفيد 2»، وهي مرحلة سيجري فيها توسيع التطبيع ليخرج لإطار تحالف استراتيجي بين الأنظمة العربية وسلطة الاحتلال الإسرائيلي. ووفقا لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فإن مسودة البيان السري، كانت ستمثل مبادرة سلام إقليمية تتضمن استعداد نتنياهو لتسوية إقليمية على أساس حل الدولتين، وتقيد أعمال البناء في المستوطنات بشكل كبير. وقال عبد العزيز الحسيني القيادي في تحالف التيار الديمقراطي، وأحد مؤسسي اللجنة الشعبية للدفاع عن سيناءل«القدس العربي»، إن «العلاقات بين النظام المصري والكيان الصهيوني، انتقلت من مرحلة معاهدة «كامب ديفيد 1» التي وقعها الرئيس المصري الراحل أنور السادات مع إسرائيل، إلى مرحلة «كامب ديفيد 2» التي ستشهد تعميق المعاهدة الأولى كما وكيفا، بحيث تضم الأردن، ودول الخليج وعلى رأسها السعودية، وتتضمن تنسيقا استراتيجيا وتطبيعا على كل المستويات». وأضاف أن ما يجري من لقاءات واتفاقات سرية، بين النظام المصري، وسلطة الاحتلال الإسرائيلي، يتماشى مع تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بشأن السلام الدافئ، وتطبيع العلاقات على كل المستويات. وبين أن أي فعل يحافظ أطرافه على إخفائه وكتمانه وإحاطته بشيء من السرية، يشوبه الكثير من التساؤلات والمخاوف عن أسباب ذلك، ويستدعي التفكير في أن ما يجري بالضرورة لا يمثل مصلحة القضية الفلسطينية، وأن أطرافه يعرفون جيدا أن إعلانه سيثير غضب قطاعات شعبية. وتابع: «كل هذه الترتيبات لا تعني شيئا، أمام المواقف الشعبية الرافضة، بمعنى أن هذه المبادرة لن تعطي الفلسطينيين أبسط ما يسعون إليه وهو حق العودة، وبالتالي محاولة إنهاء القضية الفلسطينية لن تمر كما تسعى أطراف المبادرة». من جانبه، قال مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، ل «القدس العربي»، إن موقف النظام المصري من إسرائيل، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، شهد تدهورا أكبر مما كان عليه في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. وأوضح أن مبارك كان يتعامل مع إسرائيل إرضاءً للولايات المتحدةالأمريكية، بينما يتعامل السيسي مع الاحتلال الإسرائيلي باعتباره، الطريق إلى البيت الأبيض، لافتاً إلى أن السيسي يتعامل مع إسرائيل باعتبارها قوة إقليمية ربما تتوسط لحل عدد من الأزمات مثل أزمة سد النهضة الإثيوبي الذي يؤثر على حصة مصر من مياه النيل. وتوقع فشل كل هذه المبادرات التي تحمل السلام عنوانا، وتقضي على القضية الفلسطينية في المضمون، أمام الرفض الشعبي، والتعنت الإسرائيلي، مبرهناً على ذلك، باتفاقية أوسلو التي فشلت بعد مرور ما يقرب من ال24 عام على توقيعها على تنفيذ حل الدولتين. وشدد على أن الاحتلال الإسرائيلي لن يسمح بحل الدولتين، على الرغم من أن الحل يتضمن دولة فلسطينية منزوعة السلاح والسيادة وعلى الرغم مما قدمه الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من تنازلات. وأشار إلى إن اتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة السعودية الخاصة بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية التي فشل النظام المصري في تمريرها، وواجهت رفضا شعبيا واسعا، كانت في إطار خدمة إسرائيل لجعل الممر المائي ممرا دوليا، ما يخدم إسرائيل وإطار التنسيق الاستراتيجي بين الأنظمة العربية وعلى رأسها مصر والسعودية والاحتلال الإسرائيلي. وتابع الزاهد: «أقصى ما تنوي إسرائيل تقديمه في المفاوضات، هو تبادل الأراضي مع عرب 48 مقابل منحهم أخرى في صحراء النقب، حتى يتمكنوا من إعلان الدولة اليهودية، ومنح دولة للفلسطينيين في غزة يكون امتدادها في سيناء». وبين أن «قطاع غزة لا يمثل هدفا للإسرائيليين الآن لأنه يفتقد لإمكانية إقامة مستوطنات وهو ما يهم سلطة الاحتلال»، مؤكداً على «ضرورة استمرار تبني منهج المقاومة ورفض كل الاتفاقات التي من شأنها خدمة الاحتلال الإسرائيلي على حساب الحق العربي». أما محمد البسيوني، أمين عام حزب الكرامة، فقال ل«القدس العربي»، إن «العلاقات السرية بين النظام المصري والاحتلال الإسرائيلي التي تتكشف كل يوم، تثبت بما لا يدع مجال للشك، أن هناك محاولات لتصفية القضية الفلسطينية، وأن الأنظمة العربية تتجه إلى مرحلة جديدة من العلاقات، هي الأسوأ في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي». وأضاف أن «النظام المصري بات بتعامل مع إسرائيل باعتبارها بوابته لأوروبا وأمريكا، على عكس الأنظمة السابقة التي كانت تتعامل مع إسرائيل من باب إرضاء الأمريكان»، مشيراً إلى أنه لا يمكن فصل وثيقة البيان الذي كشفت عنه وسائل إعلام إسرائيلية، عن القمة التي عقدت في شباط/ فبراير 2016 في مدينة العقبة الأردنية، وجمعت السيسي ونتنياهو والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني».