جاءت قضية المحامى أحمد الجيزاوى وإلقاء السلطات السعودية القبض عليه بمطار جدة بتهمة حيازة مواد مخدرة كى تفتح ملف المصريين المسجونين فى المملكة, والذى لا تعرف الحكومة المصرية كل التفاصيل عنه, فى قضية الجيزاوى هناك أكثر من ملاحظة ينبغى التوقف عندها, منها مثلا: حديث المسئولين بالسعودية عن اعتراف المحامى المصرى كتابة بحيازته للمخدرات ثم تأكيد القنصل المصرى بالسعودية اطلاعه على هذا الاعتراف يدفعنا للتساؤل: إذا كان مبررًا أن تعلن السلطات السعودية ذلك فما ينبغى للسفارة المصرية الحديث فى القضية قبل الاطلاع الكامل على تفاصيلها, فهل عرفت السفارة المصرية ما ذكرته سلطات مطار القاهرة فى بيانها حول قضية الجيزاوى حيث أكدت أن إجراءات التفتيش المعتادة مع الركاب المسافرين، والتى جرى تطبيقها على الجيزاوى أثبتت أن الجيزاوى لم يكن بحوزته مواد مخدرة أو أية مواد محظورة وممنوعة أثناء سفره. بعبارة أخرى كيف كانت سلطات مطار القاهرة تسمح بسفر راكب معه مواد مخدرة بمثل تلك الكميات ولا تضبطها, وعندما يسافر الجيزاوى من القاهرة غير حائز لأية ممنوعات, فإن السؤال الذى يفرض نفسه هنا: كيف جرى دس تلك المواد المخدرة عليه والتى تقول السلطات السعودية إنها ضبطتها معه, أيضًا هل يمكن الفصل بين القضية التى رفعها الجيزاوى ضد المملكة أمام القضاء المصرى لصالح مصريين مسجونين بالسعودية عما جرى لهذا المحامى الشاب فى جدة؟. إذا كنا ننتصر للشاب الجيزاوى فهذا حقه علينا حتى تظهر الحقيقة واضحة لا لبس فيها, كما أن الدولة المصرية فى أعلى قمتها مطالبة بالاهتمام بتلك القضية وبكل قضايا المصريين المسجونين داخل السعودية حيث إنه ملف مسكوت عنه منذ عهد مبارك، الذى كان يمالئ كل الأنظمة العربية على حساب مصالح مصر والمصريين, وكم هى حجم الجرائم التى ارتكبت بحق المصريين فى أكثر من بلد عربى وأدار مبارك ظهره لها حماية لنظامه ومصالحه, لذا ينبغى أن يعرف العالم أن مصر بعد الثورة لا يمكن أن تفرط فى حقوق ابن من أبنائها, ليس عن غطرسة قوة أو عدم احترام لقوانين البلاد بل أن تجرى معاملة كل مصرى خارج بلده باحترام. ورغم تقديرى لمشاعر الغضب التى اجتاحت عددًا كبيرًا من المصريين ودفعتهم للاتجاه إلى مبنى السفارة السعودية بالقاهرة للتعبير عن شدة غضبهم إلا أننى أتحفظ على بعض التصرفات التى صدرت عن بعض المتظاهرين مثل شتم المملكة ورسم نجمة داود الإسرائيلية على جدار السفارة أو سب السفير فمثل تلك التصرفات الصغيرة لا تفيد الجيزاوى, لدينا ألف طريقة نحصل بها على حقوقنا ويكفينا جميعًا كمصريين فخرًا أننا أسقطنا نظامًا بوليسيًا قمعيًا بثورة سلمية أبهرت العالم, ونتذكر أنه يمكننا تحقيق ما نريده بهدوء بشرط ألا يندس بين هؤلاء بعض راغبى ركوب الموجة وأصحاب الحناجر الملتهبة، والمزايدون الذين قد يزيدون الأزمة اشتعالاً بدلاً من حلها. المجلس العسكرى والحكومة المصرية والبرلمان يجب أن يؤكدوا للعالم أنه لا تهاون بعد اليوم فى حق مصرى خارج بلاده وأن يكون ذلك بالفعل وليس بالكلام. قضية الجيزاوى اختبار حقيقى للدولة المصرية بكل سلطاتها بعد ثورة يناير, فهل تنجح فيه؟.