خيم الشعور بالصدمة أمس على إسرائيل، بعد الهزيمة المهينة التي تلقتها بقرار اتخذه أكبر اتحاد لأساتذة الجامعات والأكاديميين البريطانيين، الذي يصل مجموع أعضائه الى 69 ألف عضو، بفرض مقاطعة أكاديمية على إسرائيل، ويوصي أعضاءه بمقاطعة كل الأكاديميين الإسرائيليين والجامعات والمعاهد العليا في الدولة العبرية، ما لم يعلن هؤلاء الأكاديميون ومؤسساتهم معارضتهم الصريحة للسياسات الإسرائيلية حيال الفلسطينيين. وبموجب القرار سيفرض الاتحاد البريطاني للأساتذة والمدرسين العاملين في مجال التعليم العالي، حظرا على نشر أي دراسات علمية أو أوراق أكاديمية لأعضائه، في الدوريات والمجلات العلمية والبحثية الإسرائيلية. وفي كندا قررت 21 منظمة كندية، بينها نقابات ومؤسسات كنسية، مقاطعة إسرائيل سياسيا وتجاريا، وذلك بسبب مواقفها العنصرية التي تمارسها ضد الفلسطينيين، وجاء قرار المنظمات الكندية إثر نشاط استمر أشهرا، بدأته كنيسة في مدينة أوتاوا، واختتم بمؤتمر عقدته كبرى النقابات الكندية ( C.U.B.A ) في اقليم أونتاريو، وقالت كاترين نستويفسكي رئيس لجنة التضامن الدولي في النقابة التي تمثل 200 ألف عامل، إن أسرائيل تمارس سياسة شبيهة جدا بسياسة الفصل العنصري، التي اتبعت في حينه في جنوب افريقيا، ولن نوقف هذه المقاطعة إلا إذا حظي الشعب الفلسطيني بحقه في تقرير المصير، وحظي اللاجئون الفلسطينيون بحقهم في العودة أو في قبول التعويض. * * * ولعل من المعالم الرئيسية لرفض الضمير العالمي لمجمل السياسات العنصرية الإجرامية لإسرائيل، استطلاع الرأي الذي أجرته المفوضية الأوروبية في 15 دولة أوروبية، وكان السؤال الأساسي المطروح على الأوروبيين هو: من هي الدولة التي تشكل أكبر خطر على السلام العالمي؟ وجاء الجواب بأن إسرائيل هي هذه الدولة، وتراوحت نسب التعبير عن هذا الرأي بين 74% في هولندا المعروفة بتأييدها التاريخي لإسرائيل، والسويد 52% والتي تعتبرها إسرائيل متحفظة في تأييدها، بينما تراوحت نسب الدول الأوروبية الأخرى في حدود الثلثين ( بين 60% و 69% ) وذلك في دول مثل المانيا وبلجيكا وبريطانيا واليوانان والنمسا واسبانيا. ولم يعد سرا أن جنرالات إسرائيل قد توقفوا عن زيارة أوروبا خوفا من الاعتقال، لأن دعاوى قضائية تنتظرهم جميعا بتهمة كونهم مجرمي حرب، ولعلنا نذكر جميعا ما أعلنه عمدة لندن كين ليفينغستون من أن شارون مجرم حرب يجب أن يكون في السجن وليس على رأس حكومة. على صعيد الأفراد، تتصدر القائمة التي تجهر بالتنديد بالسياسات الصهيونية شخصيات يهودية وإسرائيلية هامة، تؤكد أن هذه السياسات لطخة عار في تاريخ الشعب اليهودي، وأن إسرائيل ستتلاشى كدولة وستنتهي خلال العقود الأربعة القادمة، وهناك عشرات الدراسات والمؤلفات للمفكرين اليهود ضد كل ما تمثله إسرائيل من دموية وتوسع وعنصرية وإجرام. * * * أوليس من حقنا بعد هذا الاستعراض الموجز، الذي يعكس الغضبة العالمية ضد الكيان الصهيوني وسياساته الإجرامية، أن نتساءل لماذا تختلف الصورة تماما على الصعيد العربي والإسلامي؟ حتى مكاتب مقاطعة إسرائيل، اختفت أخبار اجتماعاتها وقراراتها من أجهزة الإعلام العربية، وتقلص عدد حضورها فاقتصر على ممثلي أربع أو خمس دول، وحتى هذه الدول أصبحت تحضر على استحياء، ويتبرأ بعضها سرا أو علنا من قرارات المقاطعة. لا بل ان الشعب الفلسطيني هو الذي أصبح محاصرا، لا يجد قوت يومه ولا دواء مرضاه في حملة تجويع وإذلال لم يشهد مثلها هذا العصر، وعلى مرأى ومسمع من العرب والمسلمين أجمعين. في أوروبا وأمريكا وآسيا وأمريكا اللاتينية، قوى فاعلة واسعة الانتشار، لا تقل عنا إيمانا بالحق العربي والغضب من الإجرام الصهيوني والإذعان الأمريكي الأعمى لكل سياسات هذا الإجرام، وبالتعاون مع هذه القوى في إمكان العرب – إذا صدقت النية وصح العزم - أن يشعلوا الدنيا كلها نارا حول إسرائيل – دون حرب أو قتال – وأن يجففوا منابع التأييد لهذا الكيان الغاصب، حتى تتوقف الهجرة اليهودية الى الأرض المحتلة، وتبدأ الهجرة منها الى مختلف فجاج الأرض، وذلك يوم ليس ببعيد. [email protected]