لابد وأن تشعر الأغلبية التى شكلت الجمعية التأسيسية وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة بالخطر لانسحاب الأزهر بما يمثله من مكانة ليس فقط فى نفوس المصريين، ولكن لدى العالم العربى والإسلامى من الجمعية التأسيسية للدستور، اعتراضًا على تهميش دوره، وأن تدرك هذه الأغلبية أنها لا تسير على الطريق الصحيح وأن شرخًا كبيراً قد حدث لابد من رأبه، وإن لم تشعر بهذا الخطر أو تجاهلت دلالاته فإنها الطامة الكبرى. فالأزهر الذى يمثل المرجعية للإسلام الوسطى والذى انبهر العالم بوثيقته التى حملت أهم المبادئ الدستورية وشارك فى وضعها علماء ومفكرون من كل الأطياف، ما كان ينبغى تهميشه فى هذه اللجنة التى ستضع الدستور الذى يحمل ملامح مستقبل مصر، وهو ما أثار غضب واستياء علماء الأزهر الذين أعلنوا فى اجتماع مجمع البحوث الإسلامية انسحاب الأزهر من اجتماعات هذه الجمعية وصدر بيان عن المجمع بالإجماع يعلن هذا الموقف الذى لم يتغير حتى بعد زيارة كل من د.محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة ود.محمد البلتاجى لشيخ الأزهر فى محاولة لإعادة الأزهر للمشاركة فى اللجنة التأسيسية، وأصر مجمع البحوث الإسلامية على قراره بعدم المشاركة للمرة الثانية فى اجتماعه الطارئ الذى عقد بعد هذه الزيارة، حيث كان الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قد رشح ثلاثة أسماء لتمثيل الأزهر فى هذه اللجنة وهم الدكتور نصر فريد واصل مفتى الجمهورية الأسبق ومحمد عبد السلام المستشار القانونى للأزهر والدكتور عبد الدايم نصير، مستشار شيخ الأزهر، وتم اختيار اسم الدكتور نصر فريد واصل فقط من بين الأسماء الثلاثة ليكون ممثل الأزهر فى اللجنة التأسيسية، أما الدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامى وعضو مجمع البحوث الإسلامية، فقد تم اختياره فى الجمعية التأسيسية كشخصية عامة وليس كممثل عن الأزهر. واعترض عدد من أعضاء المجمع على عدم تمثيل شيخ الأزهر فى الجمعية، وأبدى البعض اعتراضه على الطريقة التى تم بها اختيار أعضاء الجمعية وأرادوا انتقاد هذه الطريقة فى البيان الذى أصدره مجمع البحوث الإسلامية، ولكن رفض أغلبية الأعضاء حتى لا يفسر ذلك بأن الأزهر يأخذ صف طرف ضد طرف، ولذلك اكتفى البيان بإعلان انسحاب الأزهر وعدم مشاركته وتحفظ علمائه على تمثيل الأزهر بما يهمش دوره التاريخى فى هذا الحدث الوطنى. وقد التزم الدكتور نصر فريد واصل، بهذا القرار رغم أنه كان على رأس اللجنة المشكلة من الجمعية التأسيسية لمحاولة التصالح، ولم الشمل بعد قرارات الانسحاب منها، وأكد أنه لن يعود للمشاركة إلا بعد تمثيل الأزهر بالشكل اللائق، وأن كثرة المنسحبين من الجمعية يؤكد الحاجة الشديدة للتوافق ولم الشمل خاصة مع انسحاب الأزهر الذى يمثل رمزاً إسلامياً له مكانته المحلية والعالمية. ولا يمكن مع هذه الاعتراضات أن تسير الأغلبية عكس التيار و تتجاهل هذا الرفض الذى بلغ مداه بانسحاب الأزهر وممثلى الكنائس والقضاء، ولا يمكن أن يوصف انسحاب الأزهر بأنه مجرد زوبعة فى فنجان كما صرح أحد نواب حزب النور السلفى، فالأزهر ليس منافسًا سياسيًا للأغلبية يسعى لإحباط أعمالها، وحين ينسحب، فلا يمكن للأغلبية ادعاء أنها مثلت كل التيارات، أو أنها تسعى للتوافق بعد غياب كل هذه الأطراف وعلى رأسها الأزهر الشريف. فهل يمكن أن يصدر دستور مصر فى غياب الأزهر، رمانة الميزان فى مصر والعالم الإسلامى؟! [email protected] SHATANOFY