تشهد الساحة السياسية فى مصر هذه الفترة حالة من الصراع بين مجلس النواب والحكومة،بعدما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي في 16 يناير الجاري عن تعديل وزاري قريب، وذلك في أثناء حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية،قائلا"ما يحتاج إلى تصويب سنصوبه. ومنذ إطلاق هذا الإعلان بدأت تظهر علامات هذا الصراع ما بين البرلمان والحكومة بخصوص التعديل المنتظر، حيث صرح عدد من النواب برغبتهم في أن يعرض كل وزير من الوزراء المرشحين للحقائب الوزارية الجديدة رؤيته للوزارة والخطة التي سيعتمدها لإدارة الملفات الهامة بوزارته على البرلمان قبل طلب الحكومة الحصول على ثقة البرلمان في التعديل، وذلك للاطمئنان على قدرة الوزير على إدارة قضايا وزارته بشكل جيد وتقديم الدعم التشريعي الذي سيحتاجه مستقبلاً. وتعد تلك المرة الأولى التي يشعر فيها البرلمان المصري بقوة حضوره في قضية تشكيل أو تعديل الحكومة، وذلك وفقا للوضع المتميز الذي حصل عليه بموجب دستور مصر 2014، والذي نص على أن رئيس الجمهورية يكلف «رئيس لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب». وحسب الدستور «إذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، عُدٌ المجلس منحلاً ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الحل. وفي جميع الأحوال يجب ألا يزيد مجموع مدد الاختيار المنصوص عليها في هذه المادة على ستين يوماً». وفي حالة «حل مجلس النواب، يعرض رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته، وبرنامجها على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له. وفي حال اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، يكون لرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل»، طبقاً للدستور. سياسياً، يجب عرض المرشحين للوزارات على البرلمان حتى يتبنى تمرير التعديل، هكذا علق أحمد عيد، عضو لجنة الخمسين لكتابة الدستور في تصريح خاص ل«القدس العربي»، على الأزمة القائمة. وأضاف: «قد لا يتم هذا الأمر في الحالة الموجودة حاليا بسبب ضمان الحكومة لامتلاكها أغلبية برلمانية ستوافق على ما تطرحه وهي المتمثلة في ائتلاف دعم مصر والأصل أن يرسل رئيس الجمهورية أسماء المرشحين للبرلمان للتصويت عليها ولكن المساحة السياسية تقتضي طرح الأسماء عليهم مسبقاً». وعن روح المواد المتعلقة بنظام الحكم في الدستور ومضابط الجلسات أثناء كتابتها، لفت إلى أن «روح هذه المواد كان محاولة تأسيس نظام حكم مختلط بين الرئاسي والبرلماني، وقد كانت هناك معركة كبيرة في لجنة الخمسين بهذا الخصوص». وتابع: «كان توجه الكثيرين نحو إنشاء نظام برلماني ولكن بعد اعتراض أخرين تم التوصل للصيغة الحالية، فخرجت المادة 147 التي تنص على أنه لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. ولرئيس الجمهورية اجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس». النائب محمد فؤاد عضو مجلس النواب عن حزب الوفد قال في تصريح خاص ل»القدس العربي»: «طبقا لنصوص الدستور فهذه الطلبات غير دستورية وأنا أعتبرها غير سياسية أيضاً، فإما أن نشكل نحن كبرلمان حكومة جديدة ولدينا الصلاحيات الكافية لنفعل ذلك أو نتلقى ما ستعرضه علينا الحكومة ونسكت». وأضاف: «أعتقد بأنه لا توجد إرادة لأن يقوم البرلمان بهذا الدور فيوجد 318 نائبا سيصوتون كتلة واحدة على ما ترغب فيه الدولة، وهذه الأزمة تشبه أزمة سابقة أثارها بعض النواب برغبتهم في المشاركة في تعيين رؤساء المدن، وهو حق أصيل لوزير التنمية المحلية ولا علاقة لهم به». وعن حقيقة وجود مشاورات غير معلنة مع كتل بالبرلمان حول التعديل الوزاري ومرشحيه، قال فؤاد :»ما أعلمه أن ذلك لم يحدث حتى أن عددا من نواب ائتلاف دعم مصر اشتكوا من ذلك». وأوضح: «في التعديل الوزاري السابق قد تمت استشارة حزب الوفد بشكل ودي، ولكن لم يحدث هذا على الإطلاق هذه المرة». وتابع: «لست غاضبا من هذا التصرف فهذا من حقهم ومن حقي أنا أيضا أن أشكل حكومة والمشاركة الآن في التشكيل حتى ولو بشكل ودي هو استدراج يعوق مساءلتنا لها في المستقبل وكان رأينا من البداية في حزب الوفد هو ضرورة تغيير حكومة شريف إسماعيل كلها». ومن حق الحكومة أن تطرح الأسماء التي تراها مناسبة للتعديل الوزاري ومن حق البرلمان الموافقة أو الرفض، هكذا علق النائب أحمد محمد زيدان الدمرداش، عضو مجلس النواب وأحد أعضاء ائتلاف «دعم مصر» المحسوب على الدولة، في تصريح خاص ل«القدس العربي». وأضاف: «أنا مع طرح الزملاء النواب بضرورة عرض المرشحين للتعديل الوزاري على البرلمان قبل جلسة إعطاء الثقة حتى نتمكن من دراسة الموقف ومناقشة مدى احتياجنا لوزير تكنوقراط أم وزير سياسي». وأكد الدمرداش رداً على سؤال هل تم بشكل غير معلن التباحث مع كتل برلمانية حول المرشحين : «لم يحدث ذلك، فلم يتم عرض أسماء المرشحين للوزارات على ائتلاف دعم مصر للنظر فيها ونحن من جانبنا نرفض التمييز في أمر هام مثل هذا، فهذه حكومة مصر وليست حكومة حزب بعينه وبناء عليه نرفض أن يعرض علينا ولا يعرض على باقي الأحزاب المكونة للبرلمان».