ترشيح الشاطر من جانب الإخوان المسلمين لرئاسة الجمهورية ليس له إلا معنى من اثنين إما أن الإخوان اتفقوا مع المجلس العسكرى على الترشيح وإما أن الأمر مجرد فرقعة ولعب بورقة ضغط والسبب بسيط الشاطر سبق الحكم عليه من النظام السابق ولا يوجد طريق لإعلان نفسه مرشحًا رئاسيًا إلا بالحصول على عفو عام يسمح له بالترشح بالضبط مثل قضية أيمن نور الذى ظل مجمدًا حتى قام المجلس العسكرى بإصدار قرار بالعفو عنه وهو ما أتاح له فرصة الترشح ولولا العفو لكان أيمن نور خارج السباق ولو افترضنا أن الشاطر لم يحصل على هذا العفو فلن يحق له الترشح ولن تقبل اللجنة الانتخابية أوراقه حتى لو أتى بمليون توكيل، إذن الحل الوحيد أن يكون المجلس قد أصدر عفوًا عنه وهو ما سيظهر خلال الساعات القادمة. لكن تظل هناك ملاحظة مهمة عن حالة الاستعلاء الإخوانى والاستقواء بالأغلبية وأنا واحد من الذين قالوا نعم للإعلان الدستورى الذى اكتسحت فيه الآراء المنادية بنعم الأصوات القائلة لا، وكانت أغلبية كاسحة، أنا شخصيًا كنت أنطلق من فكرة الرغبة فى الاستقرار وعودة المؤسسات إلى عملها وأن يتم تطهيرها ونحن نعمل، ولم أعطِ صوتى لأننى أنتمى إلى الإخوان ولا لأننى أنتمى إلى التيار السلفى أو أن شيخ الجامع قال إن من يرفض الإعلان الدستورى خارج عن الملة. وأنا نفسى الذى سأذهب لأصوت بلا على الدستور الذى سيعده الإخوان وحزب النور إذا جاء غير متوافق مع آرائى ورغباتى ورأيت فيه إقصاءً لأطراف أو التضييق على فصيل يشاركنا العيش فى الوطن، وقد يقول البعض ولماذا تستعجل الأحكام فلتنتظر حتى ينتهى الإخوان من إعلان دستورهم وساعاتها حدد اتجاهك، وأرد بأن هذا الأمر كان مقبولاً وجيدًا قبل أن أرى إرهاصات المناقشات والمساجلات فى مجلس الشعب والتى لا ترتقى إلى الوضع الذى كنا نأمله من مجلس منتخب يعبر عن أحلامنا. ويجب أيضًا أن نضع فى الانتباه أن أغلب الذين أعطوا أصواتهم للاستفتاء على الإعلان الدستورى هم من غير الإخوان المسلمين وغير منتمين للتيارات الإسلامية بل ممن يطلقون عليهم حزب الكنبة، ونفس هذا الحزب الراغب فى الاستقرار لن يسعى لاستبدال مبارك بديكتاتورية أفظع من ديكتاتورية مبارك وأعتقد مثلاً أن مكافحة الفقر والقضاء على العشش الصفيح وجعل سكانها يسكنون مساكن آدمية أهم ألف مرة من تقديم استجواب أو طلب إحاطة عن إغلاق المواقع الإباحية أو الحديث عن تدريس اللغة الإنجليزية أو غيرها من القضايا التى يثيرها للأسف المنتمون للأحزاب الإسلامية وللأسف لا توجد لديهم أجندة أولويات ولا يعرفون كيف يلعبون سياسة. وبالطبع متوقع هجومًا عنيفًا واتهامات بأننى أريد السماح بالمواقع الإباحية وإننى علمانى ولن أعدم مطالبات البعض بمنع مقالى لأنها حدثت عدة مرات من قبل، لكننى مصر على أن أقول ما أعتقد أنه الحق من وجهة نظرى وأحترم كثيرًا من يختلف معى وينقدنى ولا أغضب منه لكننى لا أحب من يسب ويشتم ويسفه لمجرد أن رأيى لا يتماشى مع قناعاته الفكرية. ومن هذا المنطلق أريد الإشارة إلى محتوى اللقاء بين المجلس العسكرى وبين ممثلى الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة عن شكل الدستور الجديد والذى نشرته جريدة اليوم السابع على لسان الدكتور مصطفى النجار (والرجل ولله الحمد مميز جدًا فى إفشاء الأسرار). ولدى ملاحظتان الأولى أن خطاب المجلس العسكرى عن الدستور كان عقلانيًا جدًا (وأشكركم مقدمًا على اتهامى بأننى فلول وتبع المجلس العسكرى) فى وقت كان حديث الحرية والعدالة مغلف بالكبر والتكبر والاستقواء بالاستفتاء على الإعلان الدستورى، وهو رهان يعتقدون أنه رهان ناجح، لكننى أراه رهانًا خاسرًا جدًا لعدة أسباب أهمها أن الأرض التى اكتسبوها فى الأيام الأولى للثورة قد خسروا جزءًا كبيرًا منها نتيجة الممارسة السياسية والبرلمانية تحت القبة ونتيجة أيضًا لروح الحزب الوطنى التى حلت على ممثلى التيار الإسلامى تحت القبة وجعلتنا نتذكر فتحى سرور وأحمد عز بوجوه أخرى. الملاحظة الثانية أن حزب النور كانوا أكثر مرونة وتفهم من الإخوان المسلمين وكان لديهم القدرة على تقديم تنازلات كبرى لتحقيق التوافق الوطنى المنشود. أما أهم الملاحظات فهى قول المشير إن تفاقم مشكلة الإعلان الدستورى قد تدفع إلى تغيير خارطة الطريق وتأجيل تسليم السلطة وهى نقطة يجب أن ينتبه لها الإخوان وكل القوى السياسية لأن التوافق حول الدستور هو أهم نقطة فى خارطة الطريق، أما الصدام الذى أراه قادمًا بين الإخوان والمجلس فنحن الخاسرون ومن وراءنا الإخوان والمجلس العسكرى، وإصرار الإخوان على الدفع بمرشح رئاسى نوع من عدم التقدير السياسى بغض النظر عن أن هذا حق مكفول لكل القوى السياسية، إننى أرى فى الأفق مشهدًا يعود بمصر إلى سنوات طويلة ماضية مالم تتغلب الحكم والكياسة على صناع القرار السياسى فى مصر الآن.