فى مكالمة هاتفية مع الأخ الدكتور يسرى حماد الناطق باسم حزب "النور", أحببت أن أنشر محتواها ؛ لأنها تهم الأمة المصرية بعمومها فى مصر والعالم, وحزب النور السلفى كذلك, فقد أراد أن يعاتبنى على ما قلته فى حقه فى قناة "الحكمة", من أنه لا يحق للدكتور يسرى أن يكون فى موضع الحَكَم والاختيار لمرشح للرئاسة المصرية, وذلك أنه قد وضع نفسه فى موضع الخَصم وقد حكم على الدكتور حازم صلاح أبو إسماعيل بأنه لا يصلح للرئاسة المصرية ، وإن كان يرى أنه الأصلح ، لكنه ليس الأنسب ، كما صرح فى مقابلة منشورة له مرئية ومسموعة (على قناة النهار مع الأستاذ حسين عبد الغنى). وقلت للدكتور يسرى إنه لا يصلح كذلك أن يكون أحد أفراد ذلك التجمع الذى أعلنوا عنه ، وأنه سيكون من حزب الحرية والعدالة والأزهر الشريف والصوفية والهيئة الشرعية ، وقد أكدت له هذا المعنى وهو أنه بإصداره حكمًا مسبقًا على الدكتور حازم بعدم صلاحيته لقيادة مصر فى هذه المرحلة الراهنة فإنه لا يصلح أن يكون فى هذا التجمع المزعوم, وأن هذا التجمع سيستعرض جميع مرشحى الرئاسة ، ويناقشونهم فى برامجهم الانتخابية ويختارون مَن يرونه الأنسب والأصلح لترشيحه للرئاسة, فقلت له مؤكدًا ما قلته فى مداخلتى على قناة الحكمة فى برنامج الدكتور وسام عبد الوارث ، أنك وقد أصدرت حكمًا على الدكتور حازم أبو إسماعيل بعدم الصلاحية لرئاسة مصر فلا يحل لك أن تجلس فى موضع الحَكَم ؛ لأنك بتصريحك أنه ليس الأنسب لمصر الآن, قد أصبحت خَصمًا ، والخصم لا يجوز له أن يجلس فى موضع الحَكَم, وكذلك اللجنة المزعومة التى تنوون تشكيلها لا تصلح كذلك أن تكون فى موضع الحكم ؛ فإن بعض هؤلاء قد صرحوا علانية أنهم لن يرشحوا الدكتور حازم, ومن ثَمَّ فقد فقدوا شرعيتهم فى أن يكونوا فى موضع الحكم والاختيار والمفاضلة, وإذن فأنت وهذه اللجنة المزعومة من كل الأحزاب ليست مؤهَّلة أن تجلس فى موضع الحكم والاختيار, وأن تجعل من نفسها هى أهل الحل والعقد, وقلت له كذلك إنه لا يحل لك أن تتكلم أيضًا باسم جميع أفراد حزب النور, فإن رءوسًا وأفرادًا منه قد أيدوا الدكتور حازم أبو إسماعيل علانية. وقلت له إننا كنا نريد أن يقود حزب النور المسيرة السياسية فى مصر لما له من الجمهور الواسع والقاعدة العريضة والصفاء العقَدى والانطلاق من مبدأ التمسّك بالكتاب والسنة ظاهرًا وباطًنا ، ورفع شعار السلفية ، ولكننا فُوجئنا بعجز الحزب عن هذه القيادة والريادة وفشله فى أول اختبار حقيقى ، وهو اختيار مرشح لرئاسة جمهورية مصر من الذين تقدموا لذلك ، فمن قيادات الحزب مَن بادر إلى ترشيح ومبايعة حازم صلاح أبو إسماعيل ومن قيادات الحزب مَن بقى مترددًا منتظرًا لليوم ، ومن قيادات الحزب مَن بدأ يختبئ خلف الآخرين ، فيزعم أنه سيجمع الهيئة الشرعية ولجانًا من الأزهر ولجانًا من حزب الحرية والعدالة ، وأنهم سيستعرضون جميع المرشحين ، ثم يختارون مَن يرونه أهلاً لذلك, وأنت يا دكتور يسرى تعلم أن من بين هذه اللجان التى تريدون تشكيلها مَن أصدر حكمه مسبقًا فى استبعاد الدكتور حازم أبو إسماعيل ، فكيف تكون أنت وهؤلاء الذين أصدروا حكمهم مسبقًا ضمن لجنة ضمن من يختار الرئيس ؟! ، وكيف يكون الخصم حكمًا, وقلت للدكتور يسرى إنه لا يجوز لك أن تتكلم باسم جميع الحزب ، وأن تقدموا أحدًا للرئاسة إلا بأن تجمعوا جميع الأفراد المنتسبين إلى الحزب ثم تستفتوهم فى هذا الأمر ، ثم تعلنوا نتيجة هذا الاستفتاء ، أما أن يختار بعض الناس فى قيادة الحزب رئيسًا يزكونه ، ثم يقولوا للناس إن هذا هو اختيار حزب النور ، فإن هذا كذب وباطل ، وكذلك لا يحق لكم أن تتكلموا باسم الدعوة السلفية ، والتى هى أوسع من حزب النور إلا بعد استشارة عموم مَن ينتسبون إليها ، وإذا كان لبعض قيادات الحزب رأى فى مرشح ما فليتكلموا عن أنفسهم فقط ، وليس باسم الجميع. وفى نهاية مكالمتى الطويلة مع الأخ الدكتور يسرى حماد قال إننا فى الحزب لن نرشح أحدًا, فقلت إذًا فدَعُوا الاختيار لأفراد الحزب والدعوة السلفية أن يختار كل منهم مَن يراه صالحًا أو مناسبًا لرئاسة مصر ، وهذا أدنى المصلحتين وأخف الضررين, وإن كنت أتمنى أن يكون حزب النور قد أخذ الريادة ، وقاد مسيرة الحياة السياسية فى مصر ، ولكن بعد أن تفرق الحزب فى هذه القضية بهذه الصورة, فمن قياداته مَن سارع إلى تأييد الشيخ حازم أبو إسماعيل ومنهم مَن بقى مترددًا ، ومنهم مَن زعم أنه سيجمع كل التيارات ليستعرض المرشحين ثم يختار, والجميع يعلم أن كثيرًا من هذه التيارات له اختياراته الخاصة ، وقد أصدروا أحكامًا مسبقة فى الدكتور حازم بالذات ، وأنهم بذلك قد أصبحوا غير مؤهلين ؛ لأن يكونوا فى موضع التقييم والموازنة والاختيار والحكم. كانت هذه هى خلاصة وفحوى هذه المكالمة الطويلة بهذا التكرار مع الأخ الدكتور يسرى حماد وأحب أن أعلق عليها الآن بالآتى : أولاً: أرجو أن يُعلم أن المفاضلة والاختيار بين مرشحين أو أكثر للرئاسة أمانة كبرى وشهادة يُسأل عنها بين يدى الله ، ويجب أن يكون القائم بذلك أمينًا نزيهًا متجردًا قائمًا لله شاهدًا بالحق، وانظر فعل عبد الرحمن بن عوف - رضى الله تعالى عنه - عندما آل إليه الأمر بأن يختار ما بين عثمان وعلى ، رضى الله تعالى عنهما ، وانظر مقالته إنه لم يترك أحدًا فى المدينة إلا سأله ، وكان إذا لقى الرجل من الذين يستطيعون أن يدلوا برأيهم دون مخافة كاشفًا له عن وجهه ، وإذا لقى رجلاً ضعيفًا يمكن أن يغير رأيه ، فكان عبد الرحمن يتقنّع ويسأله أيهم يختار على أم عثمان ، ودخل على النساء فى بيوتهن ، وسأل ذوات الخُدُور من يخترن عليًّا أو عثمان ، ثم قال عبد الرحمن بن عوف فى نهاية جولاته هذه : وجدت إن الناس لا يعدلون بعثمان أحدًا ؛ ولذلك قدم - رضى الله تعالى عنه - عثمان على علىّ للخلافة. ثانيًا: حزنى الشديد وأسفى أن يفقد حزب النور موقعه فى قيادة العمل السلفى فى مصر ، وأن يتفرق أتباعه هذه الفُرقة الشديدة فى أمر كان يُفرض عليهم أن يكونوا صفًّا واحدًا فيه. ثالثًا: إن كان الأخ الدكتور يسرى حماد كلمنى بلسان الحزب فى أنه لن يكون لهم مرشح ، فأرجو أن يلتزموا بذلك فإن هذا أهون الشرّين وأخف الضررين. رابعًا: أرجو وقد أخرج حزب النور نفسه من مسألة اختيار رئيس ألا يشتغل أفراده بالطعن فى حازم أبو إسماعيل أو غيره فإن هذا سيكون عملاً مشينًا. خامسًا: على قيادات حزب النور أن تترك لجميع الأفراد المسجّلين فى الحزب حرية اختيار مَن يرشحونه ، وأن تُلزمهم بترشيح مَن يرونه الأصلح ، وأنه لا يجوز التأخّر عن ذلك ؛ لأن التأخر عن الإدلاء بالصوت لاختيار رئيس للجمهورية جريمة شرعية. سادسًا: يجب أن يعلم جميع المنتسبين إلى الدعوة السلفية أن قادة الدعوة وأئمتها وهم مجلس شورى العلماء ، والذين هم نور مصر ، بل نور العالم قد اختاروا الشيخ الدكتور حازم أبو إسماعيل ورشحوه لرئاسة الجمهورية ، ومعهم فى ذلك عامة علماء الدعوة فى مصر وخارجها. سابعًا: آمُل وأرجو من جميع إخوانى فى الدعوة السلفية أن لا يتخلف منهم أحد عن التصويت والبيعة للشيخ الدكتور حازم صلاح أبو إسماعيل ، والذى أجمعت عليه الآن كل أطياف الأمة المصرية ، وألا يخرج منهم أحد عن هذا الإجماع فإننا نريد لمصر رئيسًا قويًّا تجتمع عليه, يحظى بإجماع الأمة أو غالبيتها الساحقة ، وهذا متحقق بحمد الله فى الشيخ حازم أبو إسماعيل، والحمد لله رب العالمين.