عاد لمقولة د مصطفى الفقى، سكرتير الرئيس المخلوع للمعلومات، بأن رئيس مصر القادم يجب أن يحظى بموافقة أمريكا ورضا إسرائيل، عاد لها بريقها هذه الأيام، بعدما دخلت الأحزاب ذات الأغلبية البرلمانية التيه بالبحث عن مرشح رئاسى توافقى، والإعراض مؤقتاً عمن تموج بهم الساحة من مرشحين، منهم إسلاميون ملء السمع والأبصار، ويحظون بتأييد شعبى كبير، ومنهم المستقلون والمدعومون من بعض القوى والأحزاب الليبرالية. والحقيقة أن طرح مزيد من المرشحين الإسلاميين (إن جاز المسمى) يعقد المشهد فى الجانب الشعبى وبشق الصفوف لصالح مرشحى الفلول، بعد إن لجأوا إلى التنسيق والتحالف، والعمل بليل وفى سرعة مذهلة لتحرير توكيلات تدفع بمرشحيهم إلى استكمال أوراق اعتمادهم كمرشحين فعليين يستفيدون بوحدة هدفهم، وتفرق كلمة التيار الإسلامى وعدم اتفاقهم على مرشح سواء يحول تحلقهم حوله دون تفتت الأصوات ونفاذ الفلول إلى صدارة المشهد من جديد. فلو افترضنا أن الكتلة التصويتية لأتباع التيار الإسلامى فى الشارع سوف تصوت بنسب متفاوتة للمرشحين الثلاثة الأُول (أبو إسماعيل، أبو الفتوح، العوا) الذين يتصدرون المشهد كأبناء للحركة الإسلامية، ويرفعون شعاراتها فإن القسمة على ثلاثة أفضل من القسمة على أربعة، وإنها على اثنين أقرب إلى الولوج لمرحلة مطمئنة وهى دخول الإعادة لأن الانتخابات فى كل الأحوال لن تحسم فى جولة واحدة. وعليه يكون الدفع بمزيد من المرشحين ذوى الخلفية الإسلامية معول تفتيت لأصوات المؤيدين لوصول مرشح إسلامى لكرسى الرئاسة، لأن التردد وعدم التعامل مع الملف بقدر أهميته خلق نوعًا من البلبلة والانقسام داخل الأحزاب الإسلامية، بما يجعل العشوائية والاجتهاد الفردى هو البوصلة التى توجه الأفراد بعيداً عن حسابات القيادات، لاسيما أن بعضهم قد نحا منحى العناد والمكابرة، وهو ما يفيد تلقائياً الجانب الآخر الذى طفق ينسق بين مرشحيه بدعم البعض وسحب البعض الآخر، وحشد الأنصار من الفلول، وبعض الفصائل التى تدعى زوراً انتماءها للثورة، وهى لم تكف عن التحريض للانقلاب على التجربة البرلمانية المنتخبة شعبياً بهدف العودة مجدداً لبلاط الفرعون لينعموا معه بثمرات الفساد بعدما يئسوا من اختيار الشعب لهم. ولاشك أن غل يد البرلمان عن طرح الثقة من الحكومة ومساءلة وزرائها ووجود المادة 28 من الإعلان الدستورى وما بها من عوار تنعدم معه الضمانات التى تكفل نزاهة الانتخابات، واللغط الذى يثار حول بعض أعضائها، ووجود قيادات الداخلية محترفى تزوير الانتخابات، وافتعال أزمات السلع الأساسية من بنزين وغاز وسولار، وشح المواد الغذائية والتهاب الأسعار، وارتفاع صوت البلطجة، وما زاد عليه من التلويح بتحريك طعون فى شرعية انتخابات البرلمان، كلها إرهاصات تشى بالنية المبيتة على تزوير الانتخابات، توطئة لتنصيب رئيس موال للنظام المخلوع تربى على يده وأخلص له ومستعد لبذل الروح من أجل إنقاذ رقاب رجاله من مقصلة القصاص، ويعيد من هم على كراسى اليوم إلى غياهيب الظلام، وهم يراهنون على أن الشعب أنهكته المشكلات حتى كاد يكفر بالثورة ومن جاء بعدها. مع العلم أن الظروف الدولية والإقليمية تدعم هذا المسلك، الذى يريد أن يعود بالشعب إلى حقبة الاستبداد، لتعود للقوى المحيطة بمصر والمتربصة بها كنوزها الإستراتيجية التى تؤمن لها المصالح والأطماع، فديمقراطية حقيقية لا ترضى أمريكا، وقرار وطنى لا يرضى إسرائيل، وهو ما يغرى الفلول لتوحيد صفوفهم بذلك الدعم للانقضاض على حلم الشعب فى الانتقال إلى مصاف الشعوب الحرة ليعيش فى عزة وكرامة. فهل يعى المغامرون فى التيار الإسلامى عاقبة ما يفعلون؟؟ والله من وراء القصد وهو الهادى إلى سواء السبيل.