اقتصاديون: الأسعار لن تنخفض والتضخم سيُحدث ركودًا اقتصاديًّا كبيرًا على الرغم من تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي التي وعد فيها المواطنين بانخفاض الأسعار، إلا أن معدل الأسعار ظل متصاعدًا بصورة سريعة وفق ما رصده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والذي كشف عن ارتفاع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 24.3% في ديسمبر، صاعدًا من 19.4% في نوفمبر، وفى أكتوبر 13.6%. وتعانى مصر في السنوات الأخيرة تدهورًا اقتصاديًا، وسط تفاقم عجز الموازنة وارتفاع التضخم وتراجع إنتاج الشركات والمصانع، وبالتالي تراجع واردات العملة الأجنبية؛ نتيجة تراجع السياحة والاستثمار الأجنبي، وانخفاض إيرادات قناة السويس، وبالتالي ارتفاع كبير في الأسعار؛ نتيجة نقص الدولار المستمر في الوقت الذي تستورد فيه مصر نحو70% من احتياجاتها، مما دفع خبراء اقتصاديين إلى التوقع بمزيد من ارتفاع الأسعار وزيادة معدل التضخم متجاهلين وعود الرئيس السيسي بخفضها على مدار ستة أشهر ومن قبلها في شهر واحد. وارتفع معدل التضخم السنوي إلى 24.3% لشهر ديسمبر 2016مقارنة بشهر ديسمبر 2015، وبزيادة عن شهر نوفمبر الماضي سجل 20.2%. وأشار الجهاز إلى أن معدل التضخم لشهر ديسمبر سجل ارتفاعًا قدره 3.4% عن شهر نوفمبر 2016؛ بسبب ارتفاع أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 10.2%، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 5.7%، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 5.3%، ومجموعة الزيوت والدهون بنسبة 6.7%، ومجموعة الفاكهة بنسبة 5.3%، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 6.1%. كما زادت مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 6.9%، ومجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة 12.0%، ومجموعة منتجات غذائية أخرى بنسبة 9.4%، وقسم الرعاية الصحية بنسبة 5.6%، ومجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة 3.2%، ومجموعة الذهب بنسبة 7.9%. ومن جانبه، يقول حسام الغايش، خبير أسواق المال، إن ارتفاع معدل التضخم لمستويات قياسية من شأنه أن يُحدث ركودًا في الاقتصاد المصري، ويخلق العديد من الأزمات المباشرة على المواطنين، وبالتالي انخفاض القدرة الشرائية للمواطن بعد تراجع قيمة النقود والدخل الشخصي بنسبة التضخم المعلنة. وأوضح الغايش في تصريح خاص ل"المصريون"، أنه بالنسبة للدولة فإن ارتفاع مستوى التضخم كان متوقعًا؛ نتيجة تحرير سعر الصرف، وتقليص دعم الطاقة، وبالتالي كان يجب أن يواجه ذلك ببرامج اجتماعية للمحافظة على قدرة محدودي الدخل على مواجهة تقلبات الأسعار الكبيرة والمفاجئة. وأشار إلى أن التضخم مرشح للزيادة بشكل كبير، خاصة أن شهر يناير الجاري يشهد ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع، وبالتالي نتائج قياس التضخم في نهاية الشهر ستكون مرتفعة بنسبة تتراوح من 2% إلى 3% مع نهاية الشهر. وفي نفس السياق، يرى عبدالحميد إمام، الخبير الاقتصادي، أن الوضع الحالي في مصر يشهد مستويات تضخمية غير مسبوقة، وذلك بسبب السياسات النقدية التي يتعامل بها البنك المركزي مع الأزمات الاقتصادية، والتي كان أهم قراراتها التعويم؛ حيث إنه من الخطأ أن يتم اتخاذ قرار التعويم في ظل اقتصاد يعتمد على استيراد غالبية احتياجاته الغذائية والصناعية والدوائية من الخارج، سواء كانت هذه الاحتياجات في شكل منتجات تامة الصنع أو مدخلات إنتاج (مواد خام). وتوقع "إمام" أن يؤدي ارتفاع التضخم إلى تراجع القوة الشرائية للمواطنين بما يضر بالنمو الاقتصادي، ويقود إلى زيادة أكبر في أسعار الفائدة التي بلغت بالفعل من16%. إلى 20% في الشهادات البنكي، خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار الجمركي للضعف بعد تعويم الجنيه في 3نوفمبر الماضي؛ حيث إن كل البضائع المستوردة كانت تسدد قيمة الضريبة الجمركية بناءً على تسعير الدولار بنحو 8.8 جنيه، وبعد التعويم وصل سعر الدولار الجمركي إلى 18 جنيهًا، مما جعل التجار يرفعون أسعار السلع إلى الضعف. ويوضح الخبير الاقتصادي أنه على الحكومة حال أرادت تنفيذ وعود الرئيس السيسي بخفض الأسعار أن تقوم باتخاذ الإجراءات العاجلة للحد من الطلب على الدولار من خلال خفض عجز الميزان التجاري وهذا لن يحدث إلا إذا اعتمد المواطنون على المنتج المحلى بشكل مباشر, بجانب الإسراع في تنفيذ مشروعات التنمية خاصة المشروعات الزراعية والصناعية منها، وتفعيل حقيقي للمشروعات الصغيرة والمتوسط والتي يمكنها أن تساعد بشكل مباشر في حدوث نهضة اقتصادية وتشغليه للعمالة المصرية. وتابع: "يمكن أن يتراجع معدل التضخم وبالتالي انخفاض الأسعار مع نهاية 2017 بشرط حدوث اتزان حقيقي بين سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية والانتهاء من مشروعات التنمية الحالية الزراعية والصناعية والبدء في استخراج الغاز ومشروعات البتروكيماويات التي تحت الإنشاء، وإلا تفاقم الوضع الاقتصادي، وواصل التضخم تحقيق مستويات قياسية مع تزايد أزمات ومعاناة المواطنين. ومن جهته، يرى الدكتور علي عبدالعزيز، أستاذ إدارة الأعمال بكلية التجارة جامعة الأزهر، والخبير الاقتصادي، أنه على الرغم من ارتفاع نسبة التضخم في شهر ديسمبر إلى 24% إلا أن هذه النسبة غير معبرّة عن التضخم الحقيقي على أرض الواقع والذي ترتفع فيه نسبة التضخم لما فوق ال50% وهى نتيجة منطقية لقرار خفض قيمة الجنيه في نوفمبر الماضي أمام الدولار ووصول سعر الدولار لأكثر من 19 جنيهًا, ونتيجة منطقية لزيادة أسعار الوقود. وأوضح عبدالعزيز أن الكثير من السلع تعتمد على الاستيراد في وقت يتعمد فيه النظام تعطيل المستثمرين بإجراءات مستفزة في البنك كالإجراءات الاحترازية وعدم توفير الدولار المطلوب ودخول الجيش منافس في الكثير من القطاعات وبالتالي، يشهد السوق ركود غير مسبوق يصاحبه مستوى عالٍ من التضخم وهو ما نسميه في الاقتصاد الركود التضخمي والذي يصيب الأسواق ببطء في الحركة؛ بسبب ارتفاع أسعار مكونات الإنتاج على التجار وانخفاض القوة الشرائية للمستهلكين. وأردف: "استمرار حالة كهذه حتمًا ستخلق جيشًا من العاطلين ومزيدًا من ارتفاع الأسعار ومزيدًا من انخفاض القوة الشرائية مع ارتفاع الدين العام وفوائده، وأن ما يتحدث عنه السيسي مرارًا من خفض الأسعار، لا يوجد له آليات أو عمل حقيقي على أرض الواقع".