تعاني مصر من أزمة تفاقم الديون الداخلية والخارجية بصورة غير مسبوقة، خاصة على مدار السنوات القليلة الماضية، حيث ارتفع الدين الخارجي بنسبة 30% فى الربع الأول من السنة المالية 20162017 على أساس سنوي، بينما زاد الدين العام المحلى 22% فى الفترة ذاتها، وهو الأمر الذي يؤشر لارتفاعات مقبلة غير مسبوقة في ظل توسع الدولة في الاقتراض الخارجي والداخلي. وأوضحت بيانات البنك المركزي، أن إجمالي الدين الخارجي زاد في إلى 60.153 مليار دولار فى الربع الأول الذي انتهى فى 30 سبتمبر الماضي من 46.148 مليار دولار فى الربع المقابل من 20152016، وارتفع الدين العام المحلى 22% إلى 2.758 تريليون جنيه (152.3 مليار دولار) من 2.259 تريليون جنيه فى الربع المقابل من 20152016. ومن ثم فإن إجمالي الدين العام يصل إلى نحو 3.9 تريليون جنيه. ويري خبراء اقتصاديون، أنه في ظل انتهاج الحكومة المصرية لسياسية الاقتراض الداخلي والخارجي فإن حجم الدين العام مرشح لتجاوز 4 تريليونات جنيه خلال الفترة القصيرة المقبلة، مؤكدين أن زيادة الدين المحلي بوتيرة متسارعة سيشكل الأخطر الأكبر على الاقتصاد المصري. وزاد الدين الخارجى بنسبة 7.9 % على أساس ربع سنوى من 55.764 مليار دولار فى يونيو، بينما زاد الدين المحلى 5.3% على أساس ربع سنوى من 2.619 تريليون جنيه بنهاية يونيو. وقفزت ديون مصر لدول نادى باريس بنسبة 35.3% فى الربع الأول لتبلغ 3.655 مليار دولار من 2.701 مليار فى الربع المقابل من 20152016. يقول عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي والمصرفي، إن الدين الخارجي مازال في مستوي الأمان عند 60 مليار دولار لكن المشكلة متمثلة في زيادة الدين الداخلي بشكل متسارع حتى أصبحت البنوك دائنة بنسبة 70% من حجم الدين الداخلي عبر تمويلها المستمر لعجز الموازنة العامة، وبالتالي فإن الدولة تحرم البنوك من تمويل العديد من المشروعات ومن ثم عدم دوران عجلة الاقتصاد بالسرعة المطلوبة لمواجه النمو المتزايد في معدل السكان. وأضاف حسانين، في تصريح خاص ل"المصريون" أن الدين الداخلي يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي ومن ثم فأنه قد يدفع الدين العام لتجاوز 3 تريليونات جنيه خلال الفترة القصيرة المقبلة في حالة فشلت الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي زيادة حصيلة الموارد مع خفض الإنفاق الحكومي. وأشار إلى أن مخاطر الدين تتمثل في حدوث أزمة ديون سيادية من شأنها أن تخفض الجدارة الائتمانية لمصر، وتمنع وجود استثمارات أجنبية وهروب الحالية، وعدم التوسع في الاستثمار المحلي . ويعتقد حسانين، أنه من الصعب أن يتم خفض معدل الدين الداخلي خلال العامين المقبلين في ظل وجود فائدة دين بنحو 600 مليار جنيه في ظل إيرادات بقيمة مماثلة ومن ثم سيستمر تزايد الدين العام على مدار الخمس سنوات القادمة. وفي نفس السياق، توقع الدكتور على عبد العزيز أستاذ إدارة الأعمال بكلية التجارة جامعة الأزهر والخبير الاقتصادي، أن يرتفع الدين العام المحلى والخارجي إلى 4.2 تريليون جنيه (3 تريليونات محلى وتريليون و200 مليار خارجى) مع العجز المتزايد للموازنة العامة والمتوقع له بنهاية السنة المالية أن يصل إلى 322 مليار جنيه، والذي يمكن حصر أسبابه في زيادة الإنفاق على مشروعات عديمة الجدوى وعلى استيراد السلاح دون الحاجة، وفى الوقت نفسه استمرار انخفاض إيرادات الدولة سواء بالدولار أو بالجنيه، ومنافسة الجيش لشركات القطاع العام والخاص والتي تعد من الأسباب التي ستقلل الإيرادات المباشرة من القطاع العام وغير المباشرة من الضرائب على القطاع الخاص، وهروب وتصفية المستثمرين لأعمالهم من الأسباب التى ستقلل من الإيرادات الضريبية والجمركية. وتابع عبد العزيز في تصريح خاص ل"المصريون": أيضًا ارتفاع الديون سيؤدى إلى زيادة أقساط الفوائد التي ستدفع والتي ستحمل الموازنة بقروض جديدة للقدرة على دفعها في أوقاتها، وفى ظل حالة الاضطراب السياسي وفقدان الثقة في الاقتصاد المصري فان حجم الفوائد المدفوعة عن الديون سيتضاعف وبالتالي سيساهم في زيادة عجز الموازنة وارتفاع الدين العام. أما عن أثر ارتفاع الدين العام فيري "عبد العزيز" أنه سيكون أضعاف الاستثمار نظرًا لسهولة الفرصة البديلة وزيادة التضخم بسبب لجوء النظام لطباعة الجنيه من أجل سداد الديون وأيضًا انخفاض التصنيف الائتماني والذي صنفته مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني ب B مع نظرة مستقبلية سلبية ستؤدى إلى ارتفاع الفوائد لجذب المستثمرين في أذون وسندات الحكومة.