مكة المكرمة تعددت أسماؤها، ومنها "مكة، بكة، أم القرى، البلد الأمين، أم رُحْم، الحاطمة". ولها أسماء أُخَرى كثيرة أشهرها اسم مكة الذي ذكر في القرآن الكريم، قال تعالى: "وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا" سورة الفتح. وبناءً على ما سبق يمكن القول إن مكة عرفت بهذا الاسم؛ لأنها وسط الدنيا كأنها لبها وخالصها. فُتحت مكة في العشرين من شهر رمضان المبارك في السنة الثامنة للهجرة، ويصادف العاشر من شهر يناير من عام 630 ميلادي. انفردت غزوة فتح مكة عن غيرها من الغزوات بأنّ أمرها بقي سرًّا خلال فترة تجهيز الجيوش الإسلامية للمضي قدمًا نحو قريش. فكان رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، حريصًا على كتمان الأمر لمنع تسرّب الخبر إلى قريش، فتجهزت الجيوش بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم دون معرفتها بالهدف الحقيقي للمعركة ولا الاتجاه المقصود في الحركة.
ويعود سبب فتح مكة إلى إقدام قبيلة قريش على انتهاك الهدنة المتفق عليها بينهم وبين المسلمين المعروفة باسم صلح الحديبية. وتمثل الانتهاك بدعم قريش لأعداء المسلمين من بني الدئل بن بكر بن كنانة في الهجوم على حلفاء المسلمين وهم قبيلة خزاعة. تجهزّت الجيوش الإسلامية بأمر من رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، بعدد يفوق عشرة الآلاف مقاتل؛ للرد بما هو مناسب على الأعداء وحلفائهم، فتحركّت جموع الجيوش باتجاه مكةالمكرمة، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكةالمكرمة مسالمًا وليس محاربًا. إلا أنّ جيوش قريش حاولت مهاجمة جهة القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه واحتدم القتال بين الطرفين حتى سقط اثنا عشر قتيلًا من قريش، بينما استشهد من المسلمين اثنان فقط. يذكر أنه قد دخلت الطمأنينة إلى نفوس أهل مكة بعد أن دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبدأ يطوف حول الكعبة، وأوعز رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال بن رباح برفع الأذان من فوق الكعبة المشرفة.