هناك خطأ مؤكد في مؤسسة الرياضة في مصر ، وخاصة نظام كرة القدم ، كنت في السابق أختلف مع الناقد الرياضي المتميز الأستاذ فراج إسماعيل ، في تعليقاته على النفخ المستمر في بطولات بعض الأندية مثل النادي الأهلي وأعتبره متحاملا ، ولكني الآن أصبحت أكثر اقتناعا بوجهة نظره ، بعد أن رأينا خسارة الأهلي في مباراتين متتاليتين ومن فرق ليست ريال مدريد أو تشيلسي ، مع كامل احترامنا للجميع ، ثم من يرى مستوى فريق الزمالك القطب الثاني للكرة وهو يتحول إلى فريق مدارس ويخسر من فرق مؤخرة الدوري ، والإسماعيلي الذي كان ينافس على البطولات من عامين وهو ينافس اليوم للهروب من القاع ، من يرى ذلك يتأكد أن هناك خللا ، فليس لدينا دوري محترم ، ولا ندية ولا منافسات جادة ، وأعتقد أن ذلك يعود بالأساس لسببين ، الأول فوضى اللوائح والنظم الخاصة بانتقالات اللاعبين وما سمي بالاحتراف الداخلي ، حيث من الطبيعي أن يتم تفريغ الأندية من لاعبيها الأفذاذ لصالح نادي الأهلي أو الزمالك ، وأذكر أن نادي الترسانة على سبيل المثال ظل لعدة سنوات يترنح في الدوري العام ويحتفظ ببقائه في الممتاز ويعتمد في بقائه بشكل أساسي على لاعب واحد ، وهو محمد أبو تريكة ، وعندما ذهب أبو تريكة للأهلي هبط الترسانة في العام التالي مباشرة ، وكذلك هبط المنصورة والهبوط يهدد الإسماعيلي والمصري أيضا ، لا بد من وجود منظومة تحمي فرق الأقاليم وتدعم الفرق المنافسة للأهلي والزمالك ، لكي تكون هناك ندية ومنافسات حقيقية ، وما زلت أذكر قبل نظام الاحتراف المدمر هذا أن فرقا مثل دمياطوالمنصورة والاتحاد والمصري وغيرها كانت تمثل بعبعا للأهلي أو الزمالك إذا ذهبوا لها هناك في أرضها بين جماهيرها فقد كانت فرقا قوية لها أنياب ولها طموح ولها إخلاص لاعبيها الذين لا يشغلهم في أول الموسم أمل الانتقال للأهلي أو الزمالك ، والأمر الآخر يعود إلى ظهور فرق الشركات والقطاع العام وأجهزة الأمن والجيش ، والتي أصبحت تصادر على حق شعب مصر في أن يتمتع ويتسلى بفريق يعبر عنه فعلا لمجرد أن يتباهى بوجودها السيد رئيس مجلس إدارة الشركة أو معالي الوزير ، أنا لا أتصور في بلاد تعقل الأبعاد الاجتماعية والنفسية للرياضة أن لا يكون في الدوري الممتاز فرق تمثل طنطا أو المنصورة أو الشرقية أو دمياط أو كفر الشيخ أو دمنهور أو أسوان أو بني سويف ، أو سيناء ، وتحرم شعوب هذه المحافظات من أن تشجع فرقا تمثلها ، في حين أرى نصف الدوري عبارة عن نوادي شركات الحكومة والجيش ، وهي نوادي بلا تاريخ ولا مشجعين ولا معنى أصلا ، وكان ينبغي أن تعود إلى دوري خاص بها وهو دوري الشركات ، لقد كان الأمر مضحكا عندما شاهد الناس فريق حرس الحدود يلاعب فريق الجيش في الدوري الممتاز منذ أيام قليلة ، ودفعت وزارة الدفاع بكتيبتين وضعت أحدهما على يمين الملعب والأخرى على شماله ، وصدرت الأوامر لكل كتيبة بالهتاف والتصفيق المنتظم للفريق صاحب اللون الفلاني ، وبالمناسبة الشرطة لها أيضا فريق كرة ينافس على الصعود وربما يكون هناك فريقان لها أسوة بالقوات المسلحة ، فريق الأمن المركزي مثلا وفريق مباحث أمن الدولة ، ويا ويله وسواد ليله الفريق الذي سوف يواجه فريق مباحث أمن الدولة ، ها يروح ورا الشمس ! ، وتضرب كفا بكف وأنت ترى فريق شركة المقاولون العرب يواجه فريق شركة إنبي للبترول ، وتحشد الشركتان عمالهما المفترض أنهم في قطاع إنتاجي مهم لكي يتركوا مصانعهم ومواقعهم الانتاجية من أجل يصفقوا بالأمر المباشر للفريق ويتقاضوا مكافأة مميزة عن يوم المباراة ، لأنه لا توجد جماهير أصلا للناديين ، وبالمناسبة وزارة البترول لها فريق آخر ينافس على الصعود وهو بتروجيت ، ويتردد أن الوزارة تتعمد عدم صعوده حتى لا يكون الأمر محرجا ، وهناك فرق شركة الألمونيوم وشركة أسمنت السويس وشركة أسمنت أسيوط وشركة الكروم ، والحمد لله اختفى فريق دينا وأرجو أن لا يخلفه فريق محاسن وفريق فيفي ، يعني الحكومة صادرت على الناس المشاركة السياسية والمشاركة الكروية أيضا ، يا جماعة فيه حاجة غلط ، لا أتصور أن ثلاثة أرباع محافظات مصر تحرم من المشاركة في الدوري الممتاز في حين تستولي شركات الحكومة ومؤسساتها على ثلاثة أرباع الدوري ، ولو صعدت فرقها الأخرى التي تتنافس فلن يبقى في الدوري من نوادي الشعب سوى الأهلي والزمالك ، إن الرياضة اليوم نشاط إنساني له أبعاد اجتماعية ونفسية لا تخفى ، ولو كان الأمر مجرد فلوس لأمكن لبعض المليارديرات أن يحجزوا بطولة الدوري والكاس لعشر سنوات مقبلة من الآن لأي فريق ينشئونه ولو كان بدون أي اسم ولا جمهور ولا حتى ملعب رسمي . [email protected]