فيما أعتقد فإن أغلب الحكام العرب إن لم يكن جميعهم يستحقون المحاكمة!!... سيان فى ذلك الحكام الحاليين أم الحكام السابقين على مدى القرنين: العشرين والواحد والعشرين (وربما أيضا على مدى قرون طويلة سابقة) ، ... أغلبهم إن لم يكن جميعهم يستحقون على الأقل أن يوجه إليهم الإتهام رسميا بارتكاب جرائم شتى تتراوح فى الجسامة تبعا لكل حالة من حالات هؤلاء الحكام الذين لا أظن أن أحدا منهم قد نجا من ارتكاب جريمة أو أخرى، بدءا من الجرائم اليسيرة مثل: الإعتياد على أداء الشهادة الكاذبة أوالحنث مرات لا تحصى باليمين الذى أداه فى بداية فترة حكمه!!، أوالإدلاء مرار وتكراراببيانات مضللة مع العلم بأنهاكذلك!!، ثم مرورا بالجرائم المتوسطة الجسامة مثل استغلال المنصب فى التربح والإستيلاء على المال العام بدون وجه حق أوالإهمال الذى من شأنه أن يلحق بالوطن أفدح الأخطار ، وانتهاء إلى الجرائم الأشد جسامة مثل التعذيب والقتل لأبناء وطنهم سواء كان القتل بأيديهم شخصيا فى بعض الحالات أو بأيدى أجهزتهم الأمنية فى حالات أخرى،.... وهكذا إلى أن نصل فى النهاية إلى جريمة الجرائم وهى الخيانة العظمى التى أظن أن بعضهم قد ارتكبها فعلا،.... أجل .. ربما قد تسفر المحاكمة النزيهة والعادلة للحكام العرب عن أن بعضهم برىء مما ننسبه الآن إليهم ،غير أن الأدلة والقرائن والشواهد المتاحة لسائر المتابعين لأحوال حكامنا وسيرة حياتهم، هى فى اعتقادى كافية وأكثر من كافية لتقديمهم جميعا للمحاكمة، وكافية أيضا فيما أتصورلإدانة عدد غير قليل منهم إدانة حاسمة لا سبيل إلى الشك فيها، ... لماذا إذن يحاكم صدام حسين وحده رغم أن الكثيرين من حكامنا أولى بالمحاكمة منه وأجدر؟؟ ...الجواب ببساطة هو أن من لهم الحق والمصلحة فى المحاكمة العادلة لهؤلاء الحكام ليست لديهم القدرة عليها، ومن لديهم القدرة ليست لديهم المصلحة ولا العدالة!!، وما يحدث الآن فى العراق ليس محاكمة عادلة أصلا ولكنه فى حقيقة الأمر شكل من إشكال الإذلال الذى يمارسه الأمريكى العنصرى المنتصر ضد العربى المتمرد المهزوم!!، ..... آمل ألا يزايد علىّ أحد فى كراهيتى للطغاة وللطغيان عموما ، ولطغيان صدام حسين خصوصا .. آمل ألا يزايد على أحد فى ذلك فموقفى منه ومن طغيان كل طاغية موثق ومعروف، وقد كنت واحدا من القليلين الذين رفضوا رفضا قاطعا أن يشاركوا فى مهرجان المربد الشعرى الذى كان يقام فى العراق فى كل عام من موقع إحساسى بأن الغاية الحقيقية من وراء ذلك المهرجان هو الإشادة بصدام حسين والترويج له (... بالمناسبة فإننى لا أدين جميع الذين كانوا يشاركون فيه فربما كان من بينهم من لديه قناعة حقيقية بأن المهرجان كان أداة من أدوات تعميق الإنتماء الثقافى الواحد بين مبدعى الأمة العربية ، غير أننى شخصيا لم تكن لدى مثل تلك القناعة مما كان يدفعنى دائما كلما وجهت إلى الدعوة إلى الإعتذار) ..آمل ألا يزايد علىّ أحد حين أقول إن القوة التى تهيمن على محاكمة صدام حسين( وأعنى بها الولاياتالمتحدةالأمريكية ) هى قوة أشد منه ظلما وبطشا وطغيانا لكنها للأسف الشديد لا تجد من يحاكمها!! ، والواقع أن ما يوصف بأنه محاكمة صدام حسين ما هو فى حقيقة الأمر إلا محاكمة للعجز العربى الصارخ، ...هذا العجز الذى حوكم ويحاكم فى كل يوم ، والذى تسفر محاكمته دائما عن إنزال العقاب أو بالأحرى إنزال الإذلال المناسب الجدير بكل عاجز ومتخلف ومهزوم . [email protected][email protected]