قد يبدو سؤالاً صادمًا، ولكنه ضرورى فى هذا الوقت بالذات: بأمارة إيه قمنا بثورة؟ بأمارة الخوف المعشش فى قلوب الناس من كلمة (أمريكا)؟ بأمارة أنَّ الرئيس الذى سيجوز القنطرة لا بد أن تكون (أمريكا) راضية عنه، ولا بد أن يكون العسكر راضين عنه، ولا بد أن تكون النخبة راضية عنه- ورضاها تبع لرضا أمريكا طبعًا – ولا بد أن تكون الكنيسة راضية عنه؟ طيب يا أولاد الحلال (مبارك) كانت تنطبق عليه الشروط خلعتوه ليه بس!!! كل ما فات يهون إن صادرًا عن أقلية لا يعبأ أحدٌ بها، ولكنه - للأسف - صار رأى أغلبية البسطاء الذين يريدون إيثار السلامة، فهم يتعاملون بمنطق: «أى رئيس وخلاص عشان حال البلد يمشى»!! كيف حدث ذلك وهم أنفسهم الذين طلَّقوا الخوف بالثلاثة منذ عام تقريبًا؟ البركة فى الإعلام ، والزَّن على الودان أمرّ من السحر!! ضرورة الرضا الأمريكى عن الرئيس القادم هو - كذلك - رأى غالبية أبناء الجيش، مع أنه من المفروض أنَّ هؤلاء – بالذات – إن وصل بهم الأمر لهذا الاستسلام النفسى العجيب فقل على الوطن الضياع!! وانتبهوا جيِّدًا؛ فالمقال على وشك الوصول لمنحنى خطر: إذ كل ما فات يهون للمرة الثانية، ولكن ما هو آتٍ لا يمكن أن يهون، فبكل صراحة ؛ وعلى مسئوليتى الشخصية - أداء الإسلاميين يتَّسم بنوع من الجبن والهلع يريد الكبار أن يمرروه على الصغار تحت مسمَّى الموازنات والقيادة الرشيدة الحكيمة الفقيهة ..إلى آخر تلك الأوصاف الفضفاضة... ألا يدرى هؤلاء الكبار أنَّ الشباب يريدون أن تُحكم مصر من القاهرة وليس من البيت الأبيض؟ أم أنَّ الأوان لم يأتِ بعد؟! هل تظنون أن الشعب انتخبكم حتى تأتوا له برئيس (عمولة)؟ هذا شيءٌ سهل يُجيده كلُّ أحد، واسأل الذين يُوقِّعون التوكيلات للفلوليين من الوفديين والكُتَليين.. أتعجب عندما أسمع أنَّ أكبر فصيلٍ إسلامى يتفاوض بكلِّ ما أوتى من قوة ليُقنع أحدهم بالترشح، وهو مع كونه شخصًا فاضلاً ومحترمًا، إلا أنَّ عدد من يعرفونه من عامة الناس لا يتجاوز واحدًا فى الألف، واستطلاع رأى بسيط فى أوساط الطبقات المتوسطة والفقيرة يُثبت صحة ادعائي... قد نقول: لا غبار على ذلك لو لم نجد من هو أفضل منه، ولكن مع وجود من هو أفضل منه حتى بمعاييركم التوافقية، وهو فى الوقت نفسه أكثر قربًا للناس وأكثر قبولاً لديهم؛ فهى - من وجهة نظري- خيانة!! أتعجب؛ كذلك من أنَّنا، وبعد تلك الثورة التى ندِّعى أنها قد جاءت بالعدالة والحرية، لا زلنا نتعامل بمنطق (جورج بوش): من ليس معنا فهو علينا.. حيث صار الكبار يضغطون على الصغار ( وعلى أعضاء برلمانيين) حتى لا يُعطوا توكيلاتهم للمغضوب عليهم من الكبار، وأنا أُسائل هؤلاء: لو أنَّ عضو مجلس شعب محترم تحصَّل على مقعده بإرادة حرَّة نزيهة، رأى من خلال الواقع أنَّ غالب أبناء دائرته يميلون إلى تأييد أحد المرشحين المحتملين، وفى الوقت نفسه تصله أوامر من الجماعة أو الحزب بأنَّ هذا (الفلان) بالذات خطّ أحمر!! فماذا عليه أن يفعل: هل يفعل ما يمليه عليه ضميره وقلبه بتأييد من يريده الناس الذين انتخبوه، أم يُقدِّم الالتزام الحزبى على ما عداه؟ لاحظ أنَّه لا يوجد أى فارق بين حالتنا تلك، وبين حالة (أحمد عزّ) حين كان بإشارة من إصبعه يحرِّك أعضاء الحزب الساقط كعرائس المسرح.. وبعد هذا الاستعراض السريع أعود فأسأل: "بأمارة إيه قمنا بثورة؟! بأمارة غول كان اسمه الخوف دلوقتى بقى اسمه (توافُقْ)؟ من إمتى الرأى ده كان عورة؟ خايف أرفع صوتى وأقول: عاوز... يقولولى : مفصول!!! أصلك طول عمرك واد مارق"!!! ***