أعفت الحكومة استيراد الدواجن من الضرائب الجمركية المقررة ولمدة ستة أشهر وبأثر رجعى بدءًا من 10 نوفمبر، ليفتح القرار باب التكهنات أمام الجميع حول مدى صدق الحكومة في ادعائها بأن الهدف من ذلك الحفاظ على توفير الدواجن للمواطنين، في الوقت الذي اعتبرت فيه الحكومة نحو 364 سلعة بأنها غير أساسية ورفعت الضريبة الجمركية عليها لتصل إلى 60%. وينص القرار الصادر في 22 نوفمبر على أن "تُعفى من الضرائب الجمركية كميات الدواجن المجمدة التي ستستورد أو تم استيرادها خلال الفترة من 10/11/2016 حتى 31/5/2017". وفى أغسطس الماضي، قالت شركة "تشيركيزوفو" الروسية إنها أرسلت بالفعل شحنة من الدجاج المجمد، في يونيو، إلى مصر مكونة من 270 طنًا، وأكدت أن الكمية المصدرة من هذه الشركة وحدها إلى الجانب المصري، ستبلغ 10 آلاف طن نهاية العام الحالي. واعتبر أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أن قرار الحكومة برفع الجمارك صائب، لا سيما فى ظل تنفيذه فى موسم الشتاء الذى دائمًا ما يحمل معه معاناة من أنفلونزا الطيور التى تؤثر بدورها على الإنتاج المحلى، ما يدفع التجار إلى رفع الأسعار نظرًا لزيادة الطلب فى مقابل قلة العرض. والوكيل هو المستفيد الأول من القرار، لكونه تعاقد على 5شحنات بواسطة شركة "وكالكس" للتصدير والاستيراد، المملوكة له، بعد فتح اعتماد مستندى مولته البنوك المصرية بالدولار لاستيراد ما يقرب من 150 ألف طن دجاج مذبوح دخلت البلاد، ما يوفر له مكاسب تقترب من المليار جنيه. واستقبل ميناء الإسكندرية، نحو 147 ألف طن دواجن مجمدة من أوكرانيا والبرازيل ودول أوروبا الشرقية، تستفيد من الإعفاء الجمركى بما يقرب من مليار جنيه عائدات جمركية مستحقة على هذه الشحنات، مشيرة إلى أن الشحنات تم الاتفاق عليها الشهر الماضي. وتداولت مصادر صحفية بأن الوكيل استطاع استصدار قرار من رئيس الوزراء بإعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية بعد أن حصل على اعتماد بنكى بشراء الدولار بثمانية جنيهات ونصف الجنيه، حيث تم الإذن بالاستيراد قبل قرار التعويم الذى رفع سعر الدولار إلى الضعف. وأقرت الحكومة الخميس الماضي، فرض ضرائب جمركية على نحو 363 سلعة تصل نسبتها إلى 60% منها أدوات تجميل وأدوات مائدة ومستلزمات عطرية وغيرها من السلع الوقائية للجسم، التى يعتبرها المصريون أساسية. وقال أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن قرار إعفاء واردات الدواجن يهدف بالأساس إلى تخفيض المنتج وجعله فى متناول المستهلك البسيط لا سيما وأنه سيخلق منافسة مع المنتج المحلى الذى يتحكم فى أسعاره مجموعة من التجار. واستبعد شيحة فى تصريح إلى "المصريون"، أن يكون قرار الإعفاء له علاقة برئيس اتحاد الغرف التجارية أحمد الوكيل، الذى فشل فى الاستيراد لمدة خمس سنوات بسبب عدم نجاح توكيل استيراد الدواجن فى مصر. وأضاف أنه بالرغم من اختلافه الدائم مع سياسات الوكيل، إلا أن استيراد 140 ألف طن دجاج كما ذكر البعض يعنى وصول 6 آلاف حاوية بقيمة 235 مليون دولار وهى قيمة وكمية كبيرة لا يستطيع أحد أن يستوردها، خاصة أن إجمالى استيراد الدواجن الآن فى مصر لا يزيد على 100 ألف طن فى العام الواحد من إجمالى استهلاك مصر البالغ مليون و200 ألف طن سنويًا يتم إنتاج نحو800 ألف طن فيما يظل نحو 400 ألف طن فجوة بين الإنتاج والاستهلاك. ولفت إلى أن جميع مستلزمات صناعة الدواجن وعلى رأسها الأعلاف معفية من الجمارك، وتطبيق القرار بأثر رجعى كان نتيجة وجود شحنات فى الميناء لم يتم الإفراج عنها، وأن عدم خبرة الحكومة هو من وضعها فى هذا المأزق أمام الجميع لا سيما وأنها كانت لديها فرصة فى إقرار الإعفاء دون ذكر تاريخ قديم وتاريخ تطبيقه سيكون على الشحنات التى تخرج من الميناء فى وقت الخروج. وأشار إلى أن رفع جمارك نحو 364 سلعة سيؤدى إلى زيادة تكلفتها فى السوق على المستهلك، خاصة أن غالبية هذه المنتجات لا يوجد مثيل أو بديل لها فى السوق، والحديث عن التراجع عن الإعفاء هو أمر مقلق ولو ألغت الحكومة القرار فيجب عليها أن تقدم استقالتها لكونها حكومة ضعيفة غير قادرة على إدارة الدولة ولا تمتلك رؤية. وأوضح، أن هناك عددًا من التجار يحاولون فرض سياستهم الشخصية والسيطرة على سعر الدواجن فى مصر، برفضهم الاستيراد فى ظل وجود فجوة تقدر بنحو 400 ألف طن، ومن ثم على الحكومة أن لا ترضخ لهذه المحاولات. ورأى شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، أن "هناك جماعات مافيا فى قطاع التجارة والصناعة تتصارع على حساب المستهلك البسيط يعاونهم مسئولون فى الحكومة". وأوضح ل"المصريون"، أن "المنتجات المحلية من الدواجن تباع بأسعار مرتفعة مقارنة بالمنتج المستورد, ومن ثم الدولة انحازت للمستهلك ومن ثم أصحاب المزارع الذين يدعون أنهم يبيعون بنحو أقل من المستورد يمكنهم المنافسة وبالتالى يستفاد المواطن البسط". وذكر، أن زيادة الجمارك على نحو 364 سلعة، سيؤثر بالسلب على المواطنين، إلا إذا كانت هناك بدائل محلية لديها فرصة للنمو بعد استفادتها من اقتصاديات الحجم الكبير وتأثيرها إيجابى على المدى الطويل متأثر بزيادة الطلب عليها.