حرب لتكسير العظام شهدتها الايام الماضية عقب صدور قرار رئيس مجلس الوزراء الخاص بإعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية, أبطال تلك المعركة المنتجون والمستوردون استخدمت فيها جميع الاسلحة المشروعة وغير المشروعة. هاجم المنتجون القرار ووصفوه بالكارثي الذي سيدمر الصناعة المحلية التي نجحت في تغطية احتياجات السوق المحلي وأن ما سيتم استيراده غير مطابق للمواصفات ويمثل كناسة ثلاجات ولا يصلح للاستخدام الآدمي بأي حال من الأحوال وأن من يسمح بوقف الجمارك بشكل مؤقت له هو من يسمح بدخوله للسوق لاغم عدم مطابقته المواصفات. ودافع المستوردون عن قرار إعفاء الدواجن المجمدة المستورة من الجمارك بشكل مؤقت كضرورة لحماية المستهلك من ارتفاع الاسعار ولسد العجز بالسوق المحلي الذي يصل فعليا الي نحو50%, وزعموا أن المتضررين من القرار عدة شركات تحتكر السوق المحلي وأن تلك الصناعة التي تمتعت بالحماية لعشرات السنين لم تطور من نفسها وارتضت بما تحققه من أرباح بالمليارات علي حساب المستهلك وأصحاب المزارع الصغيرة وأنه رغم حصولها علي الغاز المدعم والعمالة الرخيصة غير المؤمن عليها وانها تقدم ارقام كاذبة حول الصناعة لتضليل الرأي العام ولا يعمل بها أكثر من30 الف عامل. وما بين المستورين ومحتكري سوق الاستيراد ومنتجي الدواجن المحليين ومحتكري ذلك السوق عادة ما يدفع المواطن المصري الثمن سواء من صحته وماله بالنسبة للمنتج المجمد المستورد, وأيضا من ماله بالنسبة للمنتج المحلي المبالغ في سعره. المفاجأة في الموضوع أن هذا القرار كانت الحكومة تعتزم إصداره في مثل هذا التوقيت من العام الماضي وتقدم اتحاد منتجو الدواجن باستغاثات للسيد الرئيس ورضخت الحكومة باتفاق قائم علي توريد كميات محددة لوزارة التموين بأسعار مخفضة علي أن يتم تأجيل القرار لمدة عام.. وفي ذات الوقت لم تقم الصناعة الوطنية بتطوير نفسها وخضعت للسوق وآلياته وارتفع سعر المنتج بصورة كبيرة.. وللانصاف فإن الحكومة ممثلة في وزراء الزراعة والتجارة والصناعة والمالية ارتكبت خطأ جسيما فلم تقدم اي مساعدة او دعم للصناعة ولم تساعد في منح التراخيص أو توفير أراض بالظهير الصحراوي وتركت الجمارك مرتفعة علي مدخلات الإنتاج من أعلاف ولقاحات وخلافه وفي النهاية يتحمل النتائج المواطن. بدأ الدكتور نبيل درويش رئيس اتحاد منتجي الدواجن كلامه بأن صناعة الدواجن التي يعمل بها قرابة2 مليون و500ألف عامل باستثمارات تقدر بحوالي65 مليار جنيه تعد السلعة الوحيدة التي حققت الاكتفاء الذاتي بإنتاج بلغ مليارا و200 مليونفرخة وقرابة12 مليار بيضة سنويا. ويضيف: تلك الصناعة لم تتلق أي دعم من الدولة باستثناء الرسوم الجمركية علي الدواجن المستوردة التي ألغاها القرار الاخير في الوقت الذي تقوم فيه كثير من الدول بوضع رسوم جمركية لحماية صناعتها المحلية كما فعلت العام الماضي جنوب افريقيا بعد ان قامت برفع الرسوم الجمركية علي الدواجن المستوردة من27% لتصل الي82%. ويطالب بوضع سعر استرشادي طبقا لعناصر التكلفة الفعلية وقد تقدم بهذا الطلب لوزير التموين علي ان يكون هامش الربح المستهدف فقط5%.. وضرورة ان تقوم وزارة الزراعة- وهي الوزارة المعنية بهذه الصناعة- بدورها في المساندة سواء بتوفير الاراضي اللازمة لعمليات التوسع في الظهير الصحراوي, او المساعدة في منح التراخيص للمزارع العشوائية للسيطرة علي الامراض وعمل قاعدة بيانات كاملة لضبط الانتاج والاستهلاك وتكون البورصة معبرة بشكل حقيقي عن السوق, وانشاء مصنع للقاحات خاصة ان لدينا عجز في اللقاحات يصل الي95%, ومساندة الاتحاد في انشاء معهد متخصص لتدريب العاملين في هذه الصناعة يتخرج منه فني متخصص في جميع مجالات صناعة الدواجن وهناك معهد مماثل في هولندا. قلت لرئيس اتحاد منتجي الدواجن إن هناك اتهاما لصناعة الدواجن بانها رغم تمتعها بالحماية لعشرات السنين مازالت عشوائية؟ ورد قائلا: اننا صناعة منظمة وان لدينا قرابة30 شركة كبيرة تم تاسيسها بمواصفات تتفوق علي الشركات الموجودة في اوربا وامريكا ضاربا مثال بالعنابر التي تجدها في الخارج مبنية من الخشب في حين لدينا بالخرسانة وايضا معامل التفريخ. يضيف: هذه الشركات تتحكم في انتاج100% من الجدود والامهات وقرابة80% من الكتاكيت, اما باقي المربين البالغ عددهم قرابة25 الف في الارياف هم قاطرة تلك الصناعة وعملهم بشكل عشوائي لعدم مساندة الوزارة لهم في منحهم التراخيص والشروط التعجيزية او توفير الاراضي المطلوبة لهم. في نفس الاتجاه يدافع المهندس انس عبد الخبير من منتجي الدواجن عن الصناعة المحلية مؤكدا انها تحقق الاكتفاء الذاتي وقد وصلت عام2006 لتغطية الاحتياجات المحلية وكان هناك فائض تم تصديره للخارج كما انه النشاط الوحيد الذي لم يتم زيادة اسعاره خلال العام2016 رغم تعويم الجنيه وارتفاع اسعار الدولار وبالتالي ارتفاع اسعار مدخلات الانتاج بنسبة100% لدرجة ان سعرالدواجن حاليا اقل من سعر الفول والطعمية والعدس علي حد قوله- وسعر البيع من المزارع15 جنيها رغم ان تكلفته تصل الي18 جنيها. ويؤكد أنه اذا كانت الحكومة تريد مساندة المستهلك فعليها رفع الجمارك عن مدخلات الانتاج من اعلاف ولقاحات والتي تصل الي65% من تكلفة الانتاج واصحاب المزارع علي استعداد أن يسلموها للدولة بسعر14 جنيها للكيلو بما يوازي75 سنتا دولار الا ربع علي ان تتولي الدولة عملية التوزيع, علما بأن الدجاجة الصالحة للاستهلاك الادمي وفقا للمواصفات العالمية تباع في بورصة بروكسل بسعر3 آلاف و500 دولار للطن وفي بورصة رومانيا بنحو ألف و500 دولار للطن بمتوسط سعر الفرخة2 دولار بما يعادل37 جنيها, علما بأن المتعارف عليه صحيا أن الفرخة التي يتراوح وزنها بين900800 جرام هي الفرخة المريضة التي تسمي في سوق الدواجن المصري بالفراخ الساردة اما الفرخة السليمة الخالية من الامراض تباع داخل المزرعة وزن من22501850 جراما وتفقد بعد ذبحها حوالي20% من وزنها ليصل الصافي المجمد في المتوسط1750 جراما. سألته وهل تمانع في استيراد الدواجن المجمدة من الخارج؟ وعلي الفور رد قائلا: مع الاخذ في الاعتبار عدة نقاط منها: تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل فما دمت رفعت الجمارك عن الدواجن المستوردة يجب ان ترفع الجمارك عن مدخلات الانتاج المستوردة, وان يشترط ان تكون الدواجن المستوردة طبقا للمواصفات الدولية القياسية المعمول بها في بورصتي بروكسل واوكرانيا. وعدت للتساؤل: وهل الدواجن المحلية مطابقة للمواصفات العالمية؟ ورد: بل اكثر من ذلك فإن الاعلاف لدينا نباتية100% وخالية من الدهون واللحوم وخلافه, ورغم تعرض المزارع المحلية للعديد من الامراض الا انها لاتباعها النظم الحديثة استطاعات ان تسترد عافيتها وان تغطي السوق المحلية نتيجة اتباعها اسلوب الامان الحيويوان تنشئ مزارع علي احدث النظم العالمية في الظهير الصحراوي, وكل ما نطالب به من الدولة الحماية وليس الدعم. وهنا فجر مفاجأة بأن السوق المحلية غير مجهزة لحفظ وتوزيع الانتاج المحلي الذي يصل الي2 مليون دجاجة يوميا, الأمر الذي يؤكد استحالة ان يكون هناك احتكار لهذه الصناعة التي لها وقت معلوم لا يمكن تخزينها فإما البيع او الذبح او الموت كما ان الشركات لا تملك الثلاجات التي تستوعب الانتاج اليومي. من جانبها وصفت الدكتورة مني محرز مدير عام اتحاد منتجي الدواجن القرار بالخاطئ لعدم الحاجة اليه, وقالت إن هذا القرار الحكومي جاء في التوقيت الخاطئ بسبب ما تعانيه الدولة من مشكلة كبيرة في العملة الصعبة منجانب ومن جانب آخر ادي الي عرقلة مشروع ضخم كنا بصدد الاتفاق عليه يهدف الي التوسع في الانتاج الداجني في مناطق الظهير الصحراوي ومناطق التنمية الجديدة بعدد من محافظات الدلتا بالاتفاق مع هيئة التعميربوزارة الزراعة خاصة فيما يتعلق بنقل المزارع الموجودة داخل الكتل السكنية بالدلتا لتطبيق اشتراطات الامن الحيوي وتقليل النافق وبالتالي خفض التكلفة والاسعار بالتبعية وتوفير مئات الالاف من فرص العمل الجديدة بهذا القطاع. موضحة ان خفض الاسعار الذي يروج لهذا القرار سيكون اما بسبب ان المستورد سيئ او ان المستوردين سيطرحون كميات باسعار مخفضة في البداية فتنهار الصناعة المحلية وبعد ذلك يقومون برفع الاسعار بعد التحكم في السوق بالكامل. في غضون ذلك دافع أحمد شيحة رئيس الشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية عن القرار ووصفه بالسليم100% وان الهجوم الذي يتم عليه يأتي من جانب مجموعة أسماهم بالمحتكرين الذين يخافون علي مكاسبهم الخاصة من المنافسة ويعلمون تمام العلم أن المستورد من حيث الجودة أعلي من الانتاج المحلي خاصة ان منظمة الصحة العالمية- حسب شيحة تصنف مصر بأنها الاعلي عالميا بوباء انفلونزا الطيور. بادرت بتوجيه سؤال له: ومن يضمن جودة المستورد؟ ورد شيحة علي الفور بأن الاستيراد يتم وفق رقابة صارمة من جانب وزارات الصحة والزراعة والتجارة حيث تسافر لجان من وزارتي الزراعة وزالصحة المصرية لمعاينة الدواجن خلال مراحلها العمرية بالمزارع المراد الاستيراد منها للاطمئنان علي انها مطابقة للمواصفات العالمية وبعدها تخرج لجنة اخري لتراقب عمليات الذبح وتضع الختم علي كل كرتونة في الشحنات وعقب وصول تلك الشحنات الي الموانئ المصرية تقوم هيئة الرقابة علي الصادرات والواردات بسحب عينة عشوائية لاختبار جودتها. وأضاف شيحة ان حجم الانتاج المحلي الذي يبلغ700 ألف طن سنويا لا يكفي حاجة السوق المحلي التي تتراوح بين مليون ونصف المليون طن إلي2 مليون ونصف المليون طن سنويا حسب استهلاك دول الخليج البالغ30 كيلو للفرد سنويا وانه يتم بالفعل استيراد قرابة60 الف طن سنويا وصل حجم الاستيراد ذروته عام2008 الي120 الف طن موضحا ان هناك قرابة عشرة يحتكرون هذه الصناعة بداية من الجدود والامهات والامصال واللقاحات ويتحكمون في السوق بالكامل وان الكتكوت الذي يتراوح سعره من5,1 الي2 جنيه يبيعونه لاصحاب المزارع الصغيرة بسعر5 جنيهات ناهيك عن الاعلاف والامصال واللقاحات ويستخدمون البلطجة في محاربة القرار الذي يهدف الي مواجهة ارتفاع الاسعار المحتملة. ولكن ما هي حقيقة صفقة ال147 الف طن دواجن وانه تم فتح الاعتماد المستندي لها منذ شهر ونصف وانها دخلت بالفعل ميناء الاسكندرية بعد صدور القرار موزعة بين الشركة القابضة للصناعات الغذائية واحدي شركات مسئول كبير في اتحاد الغرف التجارية؟ قال شيحة ان ذلك مجرد شائعة ليس لها اساس من الصحة علي الاطلاق خاصة ان مثل تلك الشحنة تحتاج علي الاقل لقرابة235 مليون دولار وهذا رقم مخيف كيف يمكن تدبيره والبنوك تعاني ازمة طاحنة لعدم توافر عملات صعبة خاصة من الدولار, كما ان الميناء ليس لديه قدرة استيعابية لاستقبال حوالي6 آلاف حاوية وطبقا لبيانات ميناء الاسكندرية فإن البضائع الموجودة ملك القطاع الخاص فقط70 حاوية منذ4 اشهر وهناك بضائع تابعة للقوات المسلحة وهيئة السلع التموينية توزع علي محدودي الدخل. من جانبه اكد السفير جمال بيومي مهندس اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاوربي انه كان لدينا93 سلعةمحمية من الرسوم الجمركية بداية بامواس الحلاقة وصولا للسيارات وتم خفض هذا العدد الي3 سلع هي المنسوجات والتبغ والسيارات اما الدواجن فهي منتج زراعي لا يدخل في الاتفاقية وكانت الرسوم المطبقة علي الدواجن المستوردة80% خفضت الي50% ثم الي30% وتمتعت باقصي درجات الحماية حتي بالعوائق الفنية غير الجمركية ففي عهد توالي الدكتور احمد جويلي وزارة التموين اشترط علي ان يكون ختم اسم المستورد علي الدجاج المستورد وليس علي الكيس. وقال: انا ضد الحماية التي قد تكون لصالح بعض الكروش الكبيرة مطالبا بضرورة دراسة عناصر التكلفة وايضا مدي كفاية الإنتاج للسوق المحلي وتقديم تسهيلات ودعم حقيقي لهذه الصناعة بعد ذلك من تسهيلات في المدخلات والخدمات والضرائب.