أكدت مناقشات جلسة الاستماع التي نظمتها لجنة تقصي حقائق أزمة الدواء، اتجاه الدولة لرفع أسعار بعض الأدوية، وهو ما جاء على لسان عادل عبد العليم، رئيس الشركة القابضة للأدوية. وأشار "عبد العليم"، خلال الجلسة التي ترأسها محمد العماري، رئيس لجنة شئون الصحية بوزارة الصحة، إلى أن شركات الأدوية التابعة للدولة تطلب إعادة هيكلة وظيفية ومالية لتحقق أرباحًا، مطالبًا بإعادة تسعير الأدوية لعلاج ما وصفه بالتشوهات السعرية. وأشار إلى أن 90% من الأدوية التي تنتجها شركات قطاع الأعمال سعرها أقل من عشر جنيهات؛ مما يجعلها لا تربح؛ في ظل وجود 25 ألف عامل يتقاضون رواتبهم وحوافزهم، وتصل موازنة الأجور لمليار و350 مليون جنيه. وأوضح أن خسارة الشركات الحكومية تراكمت؛ بسبب عدم سماح التشريعات لها بالاستثمار، إضافة إلى مديونيات لقطاعات تابعة للدولة وصلت لمليار جنيه. ولفت إلى أنه يبحث مع وزير قطاع الأعمال، أشرف الشرقاوي، إعادة هيكلة الموظفين من خلال عدة طرق، أبرزها المعاش المبكر الشركات ذات أعداد العمالة الكبيرة، فضلًا عن أن الشركات تبحث الدخول في مشروع إنتاج الأنسولين وخامات أخرى. وكان أحمد عماد الدين، وزير الصحة، كلف لجنة التسعير بالإدارة المركزية للشئون الصيدلية بالوزارة بدراسة تحريك أسعار الأدوية الأقل من 10 جنيهات، بهدف حصول الشركات المنتجة على سعر التكلفة لتجنيب الشركات الخسائر. محيي عبيد، نقيب الصيادلة، أكد أن توجه الدولة لرفع سعر الأدوية يرجع إلى أن غالبية الشركات المنتجة للأدوية تشتري المواد الخام من الخارج، وهو ما يعني ارتفاع ثمنها؛ خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار، وما تبعه من تعويم العملة المحلية. وفي تصريحات خاصة ل"المصريون"، قال "عبيد"، إن العديد من الشركات أوقفت إنتاج بعض الأدوية؛ وهو ما أدى إلى اختفائها من السوق، مشيرًا إلى أن المريض هو من يدفع ثمن ذلك؛ خاصة عندما يضطر إلى شراء الأدوية المستوردة. وألمح إلى استيراد 100% من ألبان الأطفال، بالإضافة إلى استيراد 95 من المواد الخام المستخدمة في تصنيع الأدوية، مشددًا على ضرورة حدوث توازن بين اقتصاديات المريض المصري، والتي تتسم بالفقر واقتصاديات الشركات التي يهمها الربح. وتابع: أنه رغم إنشاء مصنع للمواد الخام يمكن أن يحل الأزمة، فإن ذلك صعب؛ لارتفاع تكلفته، والتي تتجاوز النصف مليار جنيه، فضلًا عن احتياجه للوقت ولمستثمر على استعداد لتحمل خسارة بدء المشروع. وأوضح أن هناك توجهًا بإعداد آلية تستهدف تتبع الدواء من المصنع حتى وصوله إلى الصيدلية والمريض، مرورًا بمراحل التخزين والتوزيع، مشيرًا إلى أن سعر الأمبول الواحد من حقن بيتادين 50 قرشًا، وهو ما يعتبر أقل كثيرًا من سعر العبوة أو المياه المعبأة. وطالب الوزارة، بإصدار منشور دوري بالأسعار الجديدة، وإرسال نسخة منها إلى الجهات المعنية، ومنها نقابة الصيادلة، والتصدي للزيادات غير المبررة؛ خاصة مع رفع أسعار الأدوية من قبل الموزعين والمنتجين دون مبرر، مشددًا على ضرورة إلزام شركات الأدوية بتطبيق القرارات الوزارية بشأن رفع الأسعار. وكان نقيب الصيادلة، دشن حملة بعنوان "المريض يؤمر"، مشيرًا إلى أن أصحاب الشركات التي تنتج الأدوية يضغطون على الدولة لزيادة الأسعار بحجة نقص الدولار. وقال: "نتواصل مع أي مستشفى تعاني من أي نقص في المحاليل، ونتحدث مع شركات الأدوية لتوفير المحاليل المطلوبة لها". فيما قال علي عوف، عضو غرفة صناعة الدواء، إن هناك 90 مصنعًا تتعرض لخسائر، مشددًا على أهمية وجود آلية لدعم صناعة الدواء، قائلًا "مشكلة ارتفاع أسعار الدواء ليس مشكلة الشركات، ولكن مشكلة الحكومة التي تضع نظام للتأمين الصحي يوفر الدواء لغير القادرين". وطالب عوف، خلال جلسة استماع لجنة تقصي حقائق أزمة الدواء، بتحريك أسعار أصناف الدواء الخاسرة بالتنسيق مع وزارة الصحة، مشيرًا إلى أن حجم سوق الدواء في مصر يبلغ 50 مليار جنيه، بالإضافة إلى أن 500 ألف مواطن يعملون به. وأوضح سعر العملة يؤثر في سعر تكلفة الدواء، مؤكدًا وجود أكثر من 100٪ ارتفاعًا في سعر التكلفة؛ بسبب ارتفاع سعر العملة فقط. وكان 2000 دواء من ضمن 8000 آلاف نقصت من السوق المصرية، حسب نشرة نواقص الأدوية الصادرة عن الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة. وأوضحت النشرة أن عدد الأصناف التي لا يوجد لها أي مثيل بلغ 42 صنفًا، فيما بلغ عدد الأدوية التي تشهد نقصًا ملحوظًا لكن لها بدائل يمكن استخدامها شريطة استشارة الطبيب، 193 صنفًا، كما شملت النشرة 213 صنفًا دوائيًا ناقصًا بالصيدليات. من جانبه، قال النائب إبراهيم أحمد، إن الحكومة تقع في أخطاء بزيادة الأعباء على عاتق الفقراء، مطالبًا بوضع آليات واضحة لحل أزمة الدواء، مؤكدًا أن ارتفاع سعر الدواء يعني الحكم على الفقراء بالموت. وتوقع "أحمد"، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن يتم تحريك بعض أسعار الأدوية خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن شركات الأدوية والصيدليات تستغل قرارات الغلاء لرفع الأسعار أضعافًا مضاعفة على المرضى الفقراء.