يا بنى مصر, لم أقل: يا أمة القبطِ فهذا تشبث بمحالِ, قالها شوقى قبل عشرات السنين ولكن فيما يبدو أنها لم تصل بعد للبعض. ولمن سيعطى المسيحيون صوتهم فى الانتخابات الرياسية؟ وهل صيغة السؤال السابقة سليمة؟ أم أن الأولى هو صيغة: أى المرشحين سيحصد غالبية الأصوات المصرية؟ يعنى هل لابد أن يتفق الأقباط على مرشح بعينه؟ أم أن لكل مواطن - مسلمًا كان أم مسيحيًا- الحرية الكاملة لمنح صوته من شاء من المرشحين دون تدخل عام أو إملاء لمجموع أو قطاع بعينه من الناس. والمسيحيون فى مصر مصريون تاريخًا وجغرافية ولغة ومحبة لهذا البلد, ومنذ قامت الثورة زادت مخاوف الأقباط, وزادت معها المواجع - الحقيقية أحيانًا والمفتعلة أحيانًا-, فرأينا أحداث أطفيح وأسوان وإمبابة وغيرها, وتألمنا لصدى ذلك كله أمام ماسبيرو والتى انتهت إلى واقعة ماسبيرو الشهيرة والتى راح ضحيتها عشرات المواطنين المصريين المسيحيين وعدد غير معلن من أبناء القوات المسلحة. أستحضر هذا الكلام, وأنا أقرأ خبرين مختلفين عن أصوات المسيحيين المصريين فى الانتخابات التى بدأ سباقها, الخبر الأول, للناشط القبطى مايكل منير، رئيس حزب الحياة، يؤكد فيه أن الأقباط لم يتفقوا على مرشح محدد للرئاسة، إلا أنهم لن يدعموا بالتأكيد مرشحًا إسلاميًا وخاصة الدكتور محمد سليم العوا والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، أما الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فلن يحصد أصوات المسيحيين لانتمائه الفكرى لجماعة الإخوان المسلمين, واصفًا الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل بأنه "إقصائى" وخاصة للمرأة، الأمر الذى يحرمه من أصوات الكثير من سيدات مصر. أما الخبر الثانى فهو للدكتور شريف دوس, يؤكد فيه أنه سينتخب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وأنه قام بتوقيع توكيل لنفسه وأهله وأصدقائه لأبو الفتوح وأنه معجب به وليس لديه حرج فى إعطاء صوته لمرشح ينتمى للتيار الإسلامى, لأن هذا لا يتعارض مع شخصيته المصرية الصميمة. انتهى الخبران, ولن ينتهى الجدل, ولن تنتهى محاولات البعض التحدث باسم المجموع., أما الدكتور دوس فهو أقرب إلى الواقعية السياسية, فلم يطعن فى مرشح بعينه, وإنما قدم تصورًا وتسويقًا لمن رآه يحقق أهدافه كمواطن مصرى وليس كمواطن مسيحى. أما مايكل فقدم نفسه كمتحدث شعبى عن القبط, يقرر ماذا سيفعلون, وينتقد - باسم الجميع - مرشحًا بارزًا كحازم أبو إسماعيل, مع أنه فى الحقيقة لا يمثل على أقصى تقدير غير حزب الحياة الذى يترأسه. وأعتقد أن محاولات تقديم أصوات الأقباط على أنها أصوات مسيحية صرفة ومن منطلق كنسى, هى كمحاولة من يبحث عن مزيد من الاستقطاب الطائفى الممقوت, فالحل والمنطقى, هو ترك كل مواطن أمام اختياره الشخصى, دون إملاء أو أوامر مسبقة, أيًا كان ذلك الاختيار. [email protected]