مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 17 نوفمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    لأول مرة| البريد تطلق تطبيق «فلوسي» وخدمة التسليم عبر محطات الطرود الذكية    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» اليوم 17 نوفمبر 2025    د.حماد عبدالله يكتب: الأمن القومى المصرى !!    هل يخفّض المركزي المصري «الفائدة» في اجتماعه الخميس المقبل؟    رويترز: الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد يجرى محادثات مع نظيره الفنزويلى    إعلام عبرى يزعم: حماس تخزن أسلحة فى اليمن ودول إفريقية داعمة للحركة    كشف شبكة تهجير يقودها إسرائيلي إستوني عبر مطار رامون    أمن الجيزة يفحص فيديو اعتداء مالك سيارة وزوجته على سائق بالجيزة    داخل غار بالصحراء.. حمادة هلال يبدأ تصوير الجزء السادس من مسلسل المداح وانضمام وجوه جديدة    أمريكا تسعى لتجاوز الصين قريبًا في إنتاج الدرونات    مصادر عسكرية سودانية: مقتل 6 من قيادات الدعم السريع في محور بابنوسة    إيران: البرنامج النووى لا يزال سليما رغم الأضرار الكبيرة فى المواقع النووية    رئيس جهاز 6 أكتوبر: قطع المرافق وإزالات فورية لمخالفات البناء    مروة صبري تعتذر ل دينا الشربيني: «أنا غلطت والصلح خير»    مدير الترميم بالمتحف الكبير: المركز أول مبنى في المشروع.. وتمر كل القطع عليه    منصورة عزالدين تناقش الهوية والتنوع الثقافي في الأدب الحديث بمهرجان الدرعية للرواية    إيطاليا تسقط أمام النرويج برباعية في تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم    احذر.. تزوير الكود التعريفي للمعتمر يعرّضك للحبس والغرامة وفقًا للقانون    كلب ضال يعقر 9 أشخاص فى منطقة الكرور بأسوان    عاجل- الفصائل الفلسطينية تؤكد شروطها تجاه أي قوة دولية محتملة في قطاع غزة    نتنياهو يواصل التهرب من تشكيل لجنة تحقيق رسمية في هجوم أكتوبر    تريزيجيه: فضلت منتخب مصر على أستون فيلا.. والقرار أنهى رحلتي في إنجلترا    أحمد سعد يطمئن جمهوره: أنا بخير وقريبًا بينكم    رجب بكار: منتخب مصر ضحى بي في أمم أفريقيا 2019    نائب رئيس اتحاد كاب فيردي: غياب صلاح لن يؤثر على قوة منتخب مصر    تريزيجيه: أنشيلوتي طلبني مرتين وهذا المدرب كان ينهي مسيرتي    اللجنة المصرية في قطاع غزة توزع الخيام على النازحين المتضررين من الطقس السيء | فيديو    هل تناول اللحوم والألبان خطر على الصحة في ظل انتشار الحمى القلاعية؟    ضبط 16 جوال دقيق مدعم وإغلاق مخابز مخالفة في حملة تموينية موسعة بالعياط    "هو ضاع وهي ضاعت".. شقيقة المجني عليه بالإسكندرية تروي تفاصيل قبل مقتله أمام أطفاله الثلاثة    السيطرة على حريق فيلا بطريق المنصورية دون إصابات وتحقيقات لكشف ملابساته    السجن المشدد عقوبة جريمة الإضرار بالأمن القومي من خلال تقنية المعلومات    حلم البديل يتحقق.. الكونغو الديموقراطية تقصي نيجيريا وتتأهل إلى الملحق العالمي المؤهل للمونديال    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا صفقة سوبر وشيكو بانزا «غير سوي»    مودي ناصر: طارق السيد فاوضنى للانضمام للزمالك والموسم الحالى هو الأخير مع إنبى    خبراء التكنولوجيا يؤكدون اقتراب مصر من ريادة الذكاء الاصطناعي إقليميًا بشرط توحيد الاستراتيجية    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التضامن: 10.2 مليون طفل من سن يوم إلى 4 سنوات    بولندا تستقبل 2026 باحتفالات مبهجة.. أسواق الهدايا تضيء مدينة بوزنان    بعد جولة ناجحة بأهم 3 عواصم أوروبية.. عين الحسود تصيب أحمد سعد    ياسمين العبد تسترجع أصعب أدوارها في لام شمسية: أصبت بانهيار بعد آخر مشهد    في عمق الشتاء، صيف. (10)    خلاف بسيط بالهرم يتحول إلى صفعة قاتلة تنهي حياة أب    هل التبسّم في الصلاة يبطلها؟ أمين الفتوى يجيب    خطوبتي مش بتتم وقالوا لي معمول سحر.. أمين الفتوى يجيب    داعية توضح حكم منع الميراث من زوجة الأب الثانية    لأول مرة بمستشفيات الفيوم.. نجاح تركيب منظمات ضربات القلب وأجهزة الصاعق الداخلي    ما حكم الامتناع عن الإنفاق على الزوجة والأولاد؟.. أمينة الفتوى تجيب    قضايا الدولة تفتتح مقرا جديدا لها بالوادي الجديد (صور)    أول رد رسمي من تربية أسيوط على واقعة سحب مقررين لأحد الأساتذة    انطلاق حملة التطعيم ضد الحصبة للأطفال حتى 12 سنة بأسوان.. صور    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    الرعاية الصحية تبحث تطوير خدمات القساطر القلبية المتقدمة لمرضى التأمين الصحي الشامل    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغلاء بين السياسة والتكافل
نشر في المصريون يوم 23 - 11 - 2016

لاشك أن الغلاء إذا أصاب قوما أحال معيشتهم ضنكا وأحوالهم إلى هم وكدر ، وموقف الناس تجاه الغلاء غالبا ما يصاحبه تسخط وتلاوم وسب ولعن ، وكل يرمي بتلك المعضله على صاحبه ، فمن متهم لحكومة فاسدة غير رشيدة في ادارة الدولة ، ومن يلقي باللائمة على الرئيس ومساعديه ، وهم محقون في ذلك ، والحكومة في جانب آخر تتهم الشعب بالكسل وعدم العمل ولم توفر أدواته ، وبالاسرف وغالبه يرزح تحت خط الفقر وبطالة الشباب خاصة قد فاقت الحد ، وحالهم ((فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون )).
إن التلاوم والتسخط والتلاعن يورث القلب ضغينة وأحقادا وحسدا وحزنا ، قد يقعد الانسان عن العمل فينغلق في شرنقة هذه الآفات فيتثبط ولا يهتدى إلى ما ينفعه.
لماذا لا نفكر بطريقة أخرى ايجابية بدلا من تلك الطريقة السلبية التي لاتقدم حلولا ولا تطعم جائعا ، لماذا لا نتراحم ، لماذا لا نتعاطف ، لماذا لا نتواسى ، لماذا لا يأخذ بعضنا بيد بعض ، فإن كان مسئولو الدولة قد نفضوا أيديهم من معاناة الناس ولا يهمهم إلا الملف الأمني ، فأدخلوا الناس في جحورهم خوفا أو يأسا ، وأصبحت الدولة بمواردها لقمة سائغة لمتنفذين فيها ، فلننفض نحن الشعب غبار هذا الران ونتجه إلى بعضنا البعض نلملم جراحنا ونقسم طعامنا بالسوية.
إن الناس إذا تعاونوا وآثر بعضهم بعضا ورأى الله منهم خيرا وحبا وألفة وتراحما أوشك الله أن يفرج كربهم وأن يبدل حزنهم فرحا ، وكدر عيشهم رخاء أو سترا ، ولكن أن يتنازع الناس فيما بينهم ويلتجئون إلى السب واللعن والتلاوم والتسخط فلن ينالوا من وراء ذلك فرجا ولن يكون إلا ماقدر الله لهم.
إن غلاء الأسعار من الابتلاءات التي يبتلي الله بها عباده إما تطهيرا لذنوبهم أو ليريهم بعض آثار سوء فعالهم (( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون))، ولذا لابد للناس من المراجعة الدائمة لدينهم وإيمانهم وعباداتهم وقربهم من ربهم ، والمؤمن دائما يلوم نفسه ويبحث في زلاته لعله أوتي من خلالها من حيث أو لايدري.
لما ضرب القحط المدينة أمر عمر بن الخطاب العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي بالناس الاستسقاء ، فقال في دعائه (( اللهم ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة )) ، وفي الحديث (( إن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه )) ، وقال تعالى (( وما أصابك من سيئة فمن نفسك )).
إننا في تلك الكلمات لا نحمل الناس أسباب الفقر والغلاء إزاء حكومات فاشلة وإدارة غير رشيدة للبلد ومواردها وضياعها فرصا كانت كفيلة بإخراج مصر من أزماتها الطاحنة ، ولكن نتلمس أسبابا غائبة عن كثير من الناس ومن أهمها الاعراض عن الله وشيوع المنكرات والسكوت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.
إن الذين يغشون في البيع والشراء هم من الشعب ، والذين يسبون الدين في الطرقات ليل نهار من الشعب ، والذين يرابون من الشعب والذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الناس هم طائفة من الشعب ، والذين لايصلون ويجاهرون بالافطار في رمضان من الشعب ،وهلم جرا.
تعالوا نتعرف على النماذج التي يُتأسى بها حقا في خلق التراحم والتكافل ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الأشعريِّين إذا أرملوا- نفد ما معهم - في الغزو، أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثمَّ اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسَّويَّة، فهم منِّي، وأنا منهم))
كيف كان سلفنا الصالح يؤثر بعضهم بعضا ويقسم طعامه بالسوية بينه وبين اخوانه فإذا شبعوا شبعوا جميعا وإذا جاعوا جاعوا جميعا ، وبدلا من أن يموت قوم بالتخمة وآخرون من الجوع يتقاسم الجميع الشبع أو الجوع وتلك أخلاق سامية تكاد أن تصبح من الأساطير في هذا الزمن الذي نعيش.
لقد حث الاسلام على التصدق حتى لم ير الصحابة أنهم أولى بأموالهم من اخوانهم
وفي الحديث ((طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثَّمانية))
عن جرير بن عبد الله عن أبيه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار قال فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة إلى آخر الآية إن الله كان عليكم رقيبا والآية التي في الحشر اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال ولو بشق تمرة قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت قال ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة ))
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة في عام أضحى أن يدخروا لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام ، ثم رخص بعد ذلك فلما سئل عن ذلك قال انما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت عليكم أي من أجل المساكين الذين وفدوا إلى المدينة.
وفي الحديث (((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )).
يقول الحسن البصري رحمه الله ((لقد رأيت أقواما كانت الدنيا أهون عليهم من التراب و رأيت أقواما يمسي أحدهم و ما يجد إلا قوتا فيقول : لا أجعل هذا كله في بطني لأجعلن بعضه لله عز وجل فيتصدق ببعضه ولعله أجوع ممن يتصدق به عليه)) سير أعلام النبلاء 585/4.
قال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر : ما رأيت أحدا أفضل من القاسم أبي عبد الرحمن ، كنا بالقسطنطينية ، وكان الناس يرزقون رغيفين رغيفين ، فكان يتصدق برغيف ويصوم ، ويفطر على رغيف )) سير أعلام النبلاء 195/5.
إننا نكاد نجزم أنه لو تراحم وتواسى كل أهل حي أو مدينة لن يبقى أحد من الناس طاويا من جوع ، أو عاريا من كسوة أو مرتعشا من برد لا يجد ما يتقيه به.
وعن الفضيل بن عياض-رحمه الله- أنهم اشتروا شعيرا بدينار -وكان الغلاء- فقالت أم علي – زوجة الفضيل – للفضيل قورته لكل إنسان قرصين ، فكان علي – وهوكأبيه في الزهد والعبادة - يأخذ واحدا ويتصدق بالآخر ، حتى كاد أن يصيبه الخواء .حلية الأولياء299/8.
وهذا الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الامام المعروف ، لما وقع الغلاء بمصر شوهد في ثلاث ليال يؤثر بعشائه ويطوي ، يعني: يبيت جائعا. سير أعلام النبلاء457/1.
وانظروا إلى تحمل المسئولين لأماناتهم واشفاقهم منها
عن عطاء بن أبي رباح قال: حدثتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز: أنها دخلت عليه فإذا هو في مصلاه، سائلة دموعه، فقالت: يا أمير المؤمنين، ألشئ حدث؟ قال: يا فاطمة إني تقلدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلّم فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود، والمظلوم المقهور، والغريب المأسور، وذي العيال في اقطار الأرض، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم، وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم، فخشيت أن لا تثبت لي حجة عن خصومته، فرحمت نفسي فبكيت.سير أعلام النبلاء 132/5
قال عياض بن خليفة: رأيت عمر بن الخطاب عام الرمادة وهو أسود اللون، ولقد كان أبيض، فيقال: مم ذا؟ فيقول: كان رجلًا عربيًّا، وكان يأكل السمن واللبن، فلما جاع الناس حرمها، فأكل الزيت حتى غير لونه، وجاع فأكثر من الجوع؛ (الطبقات الكبرى/3-247).
فهل لنا ولمسئولينا في هؤلاء أسوة حسنة؟!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.