قطط تتجول داخل الطرقات وغرف المرضى.. ومرضى يشتكون من إهمال الأطباء وسوء النظافة.. وأطباء وممرضون يشتكون ضعف الرواتب والإمكانيات.. والمريض وحده هو من يدفع الثمن وأصبح الإهمال هو سيد الموقف. تعتبر مستشفي التأمين الصحي ببنها بمحافظة القليوبية من أهم المستشفيات الحكومية والتي تخدم قطاعًا كبيرًا من فئات المجتمع من موظفين وعمال وأصحاب المعاشات، ولكن أصبح الإهمال يسيطر عليها ويسبب معاناة للمرضي وذويهم ولصغار الأطباء والممرضين جميعًا علي حد سواء. كاميرا "المصريون" تجولت داخل أروقة مستشفى التأمين الصحي ببنها، ورصدت العديد من السلبيات داخل المستشفى لتكشف انتشار القطط داخل المستشفي وداخل غرف المرضي والذي أصبح أمرًا طبيعيًا اعتاد عليه المرضي وذووهم، وأصبح نموذجًا صارخًا للإهمال الضارب بأرجاء مستشفى التأمين الصحي ببنها، فلم يقتصر الوضع على الإهمال الطبي والفوضى ولكنه تضمن الإهمال العام في نظافة المستشفي وانتشار الحيوانات والحشرات والمخلفات الطبية، انتشرت القطط لتصل إلي داخل العناية المركزة، وعدم نظافة الحمامات وانبعاث منها روائح كريهة تصيب المرضي بحالة من الغضب والاستياء، خاصة أن هذه الحمامات داخل غرف المرضي، علاوة علي وجود بداخلها معدات طبية، بالإضافة إلي انتشار سلات القمامة داخل وخارج غرف المرضي ويوجد بها مستلزمات طبية تم استخدامها وبها آثار للدماء تتغذي عليها القطط مما ينذر بكارثة، بالإضافة إلي افتراش المرضي وذووهم الطرقات والأرض داخل غرف المرضي في مشهد يشعرك بأننا في أحد الأسواق العشوائية، كما تلقينا العديد من الشكاوي من المرضي بسبب الإهمال سواء من الأطباء أو النظافة، كما اشتكي الأطباء والممرضون أيضًا من سوء العدالة وضعف الإمكانيات. ويقول محمود السيد، بالمعاش وأحد مواطني مدينة بنها، إن مبني مستشفي التأمين الصحي ببنها، أصبح نموذجًا صارخًا للإهمال في جميع المجالات، وأصبح المستشفي يرفع شعار "الداخل مفقود والخارج مولود"، لافتًا إلى أن الإهمال الذي تفشي بالمستشفي كالصاروخ وأصبحت اللامبالاة هي سيد الموقف، ناهيك عن انتشار القطط التي وصلت إلي العناية المركزة بالمستشفي، مناشدًا محافظ القليوبية ووزير الصحة، التدخل ومحاسبة المقصرين على هذا الإهمال الجسيم - علي حد قوله. وتقول سيدة مسنة محجوزة بمستشفي التأمين الصحي ببنها، إنها دخلت المستشفي وهي تعاني من حالة مزمنة بالصدر وعملية قيء مستمر وقحة، وعندما قام الطبيب بالكشف عليها قرر صرف علاج لها للكبد، مؤكدة للطبيب أنها لا تعاني من مرض الكبد ولكنه أصر علي أن تتعاطي أدوية للكبد، مشيرة إلي أنها استجابت لعلاج الطبيب ولكنها ما زالت تعاني من نفس الأعراض التي دخلت بسببها المستشفي دون أي تحسن رغم أنها تتلقي يوميًا أكثر من 8 حقن. وأضاف فتحي السيد، موظف، أن المريض إذا احتاج لتحليل أو أشعة غير موجودة بالمستشفى يتم تحويله إلى معمل خاص ورغم أن التحليل في معظم الأحيان لا يحتاج إلا يومًا واحدًا إلا أنه بهذه الطريقة يأخذ أيامًا؛ مما يؤثر على حالة المرضى، مؤكدًا أنه رغم وجود تعاقدات بين هيئة التأمين الصحي ومستشفيات أخرى إلا أن مشكلة تأخر سداد مستحقات المستشفيات يعانى منها المريض وحده الذي لا يتلقى الخدمة بحجة عدم وصول المستحقات؛ مما يضطره إلى دفع ثمن الخدمة من جيبه الخاص مما يزيد عليه أعباء إضافية يفوق دخله. ويعلق طبيب حديث التخرج ويعمل بوزارة الصحة ومنتدب لمستشفي التأمين الصحي ببنها، علي الإهمال بالمستشفي، رافضًا ذكر اسمه؛ خوفًا من التنكيل به قائلًا "لا توجد مستشفي حكومي في مصر عدله؟ ومستشفي التأمين الصحي مثلها مثل غيرها من المستشفيات الحكومية بلا إمكانيات وبلا أطباء وانعدام الضمير والإمكانيات مش مساعداهم ولا أجهزة ولا مستلزمات طبية ولا حتى أدوية ولا حتى أقل حاجة يبقي فيه نظافة"، مشيرًا إلي أن راتبه لا يتجاوز 1400 جنيه، بينما زميله الذي يعمل في مستشفي خاص يتجاوز راتبه ال 15 ألف جنيه، قائلًا "إزاي اشتغل بنفس راضية وأنا أشعر بالظلم". وأكد الطبيب أن المستشفى لا يوجد بها سوى 6 أجهزة عناية مركزة، وأن الحالات التي تتردد يوميًا علي التأمين أكثر من 100 حالة يوميًا تحتاج دخول العناية المركزة فكيف نسعف هذه الحالات بدون إمكانيات، مضيفًا أنه لا يزال مشروع المبنى الجديد لمستشفى التأمين الصحي الذي بدأ العمل فيه منذ 15 عامًا في انتظار دخول الخدمة الطبية. وأشار إلي أن المستشفى الجديد كان مقررًا تنفيذه في عام واحد ولكن خلافات بين المقاول وهيئة التأمين الصحي أدت إلى توقف العمل، بعدها تدخل المهندس محمد عبد الظاهر، محافظ القليوبية السابق، وتم استئناف العمل للانتهاء من هذا الصرح الطبي الذى يضم 320 سريرًا، وبلغت تكاليفه 30 مليون جنيه، ويخدم أكثر من 15 مليون مواطن من المنتفعين بالتأمين الصحي، وعدم دخول المبنى الجديد للخدمة حتى الآن تسبب فى تكدس المرضى لعدم وجود أماكن بالعيادات الموجودة حاليًا فيتم تحويلهم إلى مستشفى النيل بشبرا، ومدينة نصر بالقاهرة؛ الأمر الذى يمثل مشقة كبيرة علي المرضي، بسبب بعد المسافة، على الرغم أن الهيئة فيها "فلوس كثيرة" لكن يستولي عليها كبار المسئولين بالهيئة، ولو تم توفير تلك الأموال لتم تشغيل هذا المبنى الجديد، والذي يعتبر من أكبر المستشفيات في القليوبية، والذي سوف يستوعب مئات المرضي، وأيضًا عدم وجود أطباء بشكل كافٍ لتشغيل المبنى، وفي حالة الاستعانة بأطباء من خارج التأمين سوف يكون أجر الطبيب اليومي لا يقل عن 500 جنيه، متسائلًا "لماذا لا يعطون حتى نصف هذا الأجر للأطباء العاملين بالمستشفي وهم سوف يشعرون بالعدالة ويقومون بعملهم علي أكمل وجه؟". وتساءل الطبيب "لو الحكومة مش هتقدر تصلح المستشفي وتخليها مصدر للعلاج تتقفل أفضل ما تبقي مجزرة للموت والإهمال بهذا الشكل. واختتم الطبيب بقوله: "الموضوع موضوع فساد كامل ومش هيتصلح بفرد واحد ولا اتنين منظومة كاملة بايظة وهي منظومة الصحة في مصر من نفوس وإدارة ومعدات طبية "لنا الله" الواحد بيشوف الدول الأخرى بيزعل وبيتحسر علي نفسى لحد إمتى هنفضل كدا؟ ياريت إللي بأيده يصلح حاجة يصلحها". وتتفق معه إحدى الممرضات واللاتي يتعرضن للظلم وعدم العدالة في الدخل، مؤكدة أنها تتقاضي 30 جنيهًا في النوبتجية في مستشفي التأمين الصحي، بينما زميلتها تتقاضي في النوبتجية في المستشفي الخاصة 100 جنيه، مؤكدة أن هذا الظلم يؤدى إلي الإحباط والذي يؤدى بطبيعته إلي الإهمال في كل شيء.