"انتحار جماعى كمان أسبوع"، دعوة على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، أثارت ردود فعل واسعة دشنها نشطاء للانتحار الجماعى في 23نوفمبر الجارى تعبيرًا عن حالة الغصب واليأس التى أصابت الداعين لها جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فى البلاد . وسجل نحو سبعة آلاف شخص اهتمامهم بتلك الدعوة، وأعلن ثلاثة آلاف نيتهم الحضور، وشارك أكثر من 600 شخص الدعوة مع أصدقائهم. وقال منظم دعوة الانتحار الجماعى، إن "هذا هو الوقت المناسب للانتحار بعد الأحداث الأخيرة التى شهدتها مصر"، موضحًا أن "اختيار طريقة الانتحار المناسبة متاح لكل شخص". وأضاف مخاطبًا الشباب: "افتكر كل الأزمات والغلاء وقلة الفلوس والجنيه والبنزين وتذكرة المترو وخليهم حافز ليك على الانتحار ولو دول مش كفاية افتكر إن البسكوت بقى بجنيه ونص ومبقاش فيه أكياس كشرى بجنيه.. افتكر يا أخى أنك فى مصر.. والله الموفق". وعلقت أنجى إسماعيل، ساخرة: "الناس اللى هتنزل تنتحر الأسبوع الجاى أكيد هيسيبوا فلوس وراهم، لو سمحت أنا عايزة الفلوس دي". وسخر على أحمد، من فرض الضرائب الممنهجة فى الفترة الأخيرة، قائلاً: "دلوقتى هيطلعولنا بفرض ضريبة على الانتحار.. وأهو يستفادوا برضوا". ووصف محمد التميمي، الظروف الاقتصادية التى وصلت إليها مصر قائلاً: " كده كده مش مش هنحس بفرق عشان إحنا كده كده فى جهنم.. وبعدين إحنا فى الأصل ميتين وجينا مصر نتحاسب". وبحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية بمناسبة اليوم العالمى لمكافحة الانتحار، الذى يوافق 10 سبتمبر من كل عام، فقد شهدت مصر 157 حالة انتحار فى الفترة من يناير الماضي، وحتى مطلع أغسطس، أكثر من نصفهم شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا. وبينما تم إنقاذ سيدة هددت بالانتحار، الجمعة قبل الماضية، من أعلى لوحة إعلانات قريبة من ميدان التحرير، لفشلها فى الحصول على وظيفة؛ فقد تمكن سائق "توك توك" من الانتحار فى اليوم ذاته بمحافظة قنا؛ لعدم قدرته على توفير شقة للزواج بها، وانتحر فى اليوم نفسه رقيب شرطة بالمنيا، بعدما فُصل من عمله، وأصيب بحالة نفسية سيئة؛ لاضطراره للعمل سائق "توك توك". وردًا على هذه الدعوات، أكد متحدث باسم وزارة الداخلية فى تصريحات صحفية، أن مباحث الإنترنت تقوم بتتبع مسئول صفحة على فيس بوك تنشر دعوة للانتحار الجماعي، وسيتم القبض عليه بتهمة نشر أخبار وأفكار تضر بالأمن القومي، وتنشر المناخ التشاؤمى فى المجتمع، مستغلا القرارات الاقتصادية الأخيرة فى محاولة لزعزعة الاستقرار الأمني- بحسب قوله. وقال الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسي، إن "الدعوات المنتشرة مؤخرًا على الفيس بوك للمطالبة بالانتحار ما هى إلا دعوات للتهكم على الأوضاع الحالية التى تشهدها البلاد ومحاولة للهروب منها، ولكنها ليست وقتها لأنها من شأنها أن تبث الإحباط الزائد لدى المواطنين". وأضاف فرويز ل"المصريون"، أن "الأمر لا يتعدى كونه تعبيرًا ساخرًا للخروج من الحالة الكئيبة التى يعانى منها كثير من الشعب المصرى جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية". وحول أسباب لجوء بعض الأشخاص فى الآونة الأخيرة إلى الانتحار وخاصة من الشباب، أوضح استشارى الطب النفسي أن "ما يحدث نتيجة ما يسمى بالاكتئاب السوداوى وهو اكتئاب شديد نتيجة إحساس الشخص المكتئب بأن لم يعد هناك أى بارقة أمل فيما يعيشه أو يشعر به وبالتالى فيلجأ للانتحار للهروب من الدنيا"، متابعًا: "صاحب هذا الشعور إذا لم يخضع للعلاج النفسى الشديد فسيعاود الانتحار أكثر من مرة". وقالت الدكتورة ثريا عبدالجواد أستاذة علم الاجتماع، إن "كثيرًا من حالات الانتحار ترجع فى معظمها إلى تزايد الأعباء الاجتماعية، وصعوبة الأوضاع الاقتصادية والسياسية فى البلاد، وعدم الحصول على دخل مناسب يكفى للإنفاق على الأسرة". وأوضحت، أن "من يلجأ للانتحار يعانى من خلل فى شخصيته، لكن الأوضاع الاقتصادية تضيف ضغوطًا نفسية كبيرة عليه وهو ما يؤدى إلى مشكلات اجتماعية عديدة". ووصفت عبد الجواد، الدعوات التى انطلقت للانتحار مؤخرًا عبر مواقع التواصل ب "الهزلية"، وأنها "جاءت على سبيل الدعابة، موضحة أن "بعض الشباب يئس من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المأساوية ولجأ إلى الدعابة ليخرج من هذا الواقع الأليم". وقالت الدكتور هبة عيسوى أستاذ الطب النفسي، إن "الانتحار فى حد ذاته يعد تصرفًا غير عقلانى يلجأ إليه الشخص كى يتخلص من مأساة معينة فى حياته وحينها يكون الشخص المنتحر مكتئبًا، ويعانى من ضغوط نفسية كبيرة". وأوضحت أن "المنتحرين دائمًا يمرون بأزمات نفسية حادة يلعب الوضع المعيشى دورًا كبيرًا فى التأثير على حالتهم النفسية والاجتماعية وخاصة مع تراكم الأعباء الاجتماعية والمعيشية".