وزير الصناعة والنقل: نعتزم طرح عدد من رخص إنتاج خام البليت    الثالث خلال 24 ساعة.. إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن    استشهاد 16 فلسطينيا بينهم 4 أطفال جراء قصف إسرائيلي في غزة    وزير الرياضة يهنئ صلاح بفوزه بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي    ريال مدريد يجهز وداعا مميزا لأنشيلوتي    عودة تير شتيجن وفولكروج لقائمة المنتخب الألماني    طقس الأيام المقبلة.. تقلبات حادة في درجات الحرارة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 23-5-2025 في محافظة قنا    إنجاز غير مسبوق.. اعتماد نهائي لمركز الأورام ومبدئي للمستشفى التخصصي بجامعة قناة السويس    الأعلى للجامعات يبدأ مقابلة المتقدمين لرئاسة جامعة كفر الشيخ غدًا    "صلاح على أون سبورت " تريند على تويتر في ليلة تتويجه التاريخية    طقس معتدل على مراكز وقرى محافظة الشرقية    أخبار مصر: زلزال جديد يضرب اليونان ويقلق المصريين، قفزة في الذهب، محمد رمضان يدفع الملايين ل MBC، تحذير من موجة حارة    السكك الحديد: إجراءات تشغيل احترازية بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    تفاصيل تقرير البرلمان بشأن مشروع قانون مياه الشرب والصرف الصحي    إطلاق 3 قوافل طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية "حياة كريمة"    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 23 مايو 2025    اليوم .. حار نهارا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 35 درجة    مدير أمن البحر الأحمر يوجّه بتنظيم الحركة المرورية بشوارع منطقة الكوثر بالغردقة    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    ترامب يحث الاتحاد الأوروبى على خفض الرسوم الجمركية أو مواجهة جمارك إضافية    أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم.. الماكريل ب170 جنيه    "كاسبرسكي": 9.7 مليون دولار متوسط تكلفة سرقة البيانات في القطاع الصحي    ضبط 4 أشخاص لسرقتهم الشقق السكنية بالتجمع الخامس    «التنسيق الحضاري» يطلق حفل تدشين تطبيق «ذاكرة المدينة» للهواتف الذكية    في يومه العالمي.. احتفالية بعنوان «شاي وكاريكاتير» بمكتبة مصر العامة بالدقي    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    بسمة وهبة لمها الصغير: مينفعش الأمور الأسرية توصل لأقسام الشرطة    السبت.. حفلة فنية لذوي القدرات الخاصة بمركز تنمية المواهب بأوبرا دمنهور    بيراميدز ضد صن داونز مباشر في نهائي دوري أبطال أفريقيا.. الموعد والقنوات والتشكيل    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    حقيقة انفصال مطرب المهرجانات مسلم ويارا تامر بعد 24 ساعة زواج    رئيس البنك الإسلامي يعلن الدولة المستضيفة للاجتماعات العام القادم    انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    تكريم سكرتير عام محافظة قنا تقديراً لمسيرته المهنية بعد بلوغه سن التقاعد    صبحي يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة ويؤكد: الشباب محور رؤيتنا للتنمية    سقوط مروجي المواد المخدرة في قبضة مباحث الخانكة    شيخ الأزهر يعزي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه    انفجار كبير بمخزن أسلحة للحوثيين فى بنى حشيش بصنعاء    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    ضبط مركز أشعة غير مرخص فى طهطا بسوهاج    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    عمرو أدهم: مجلس الزمالك بذل مجهودًا كبيرًا في رفع إيقاف القيد    عودة لحراسة الزمالك؟.. تفاصيل جلسة ميدو وأبو جبل في المعادي (خاص)    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)    رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب    قباء.. أول مسجد بني في الإسلام    صراع ناري بين أبوقير للأسمدة وكهرباء الإسماعيلية على آخر بطاقات الصعود للممتاز    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    «المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    «لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور وجيه يعقوب.. وكتابه (أسماء الله الحسنى)

الدكتور وجيه يعقوب السيد أستاذ الأدب العربى فى كلية الألسن - جامعة عين شمس – قسم اللغة العربية، والأستاذ بكلية الأداب جامعة الكويت الآن، من الأساتذة الموسوعيين الذى تعدد نشاطه وتشعب بين الأدب والفكر الإسلامى وأدب الأطفال وتبسيط مواد التاريخ، إضافة إلى عمله فترة طويلة بالصحافة وكتب فى العديد من الصحف وأجرى الحوارات مع أعلام عصره، ومنهم الدكتور مصطفى محمود الذى أغرم به وبأسلوبه فى كتاباته وتأثر بها، وأغرم أيضاً بالدكتور محمد حسين هيكل باشا وبكتابه "حياة محمد" واقتنى منها نسخا كثيرة كان يهديها لأصحابه، ورد هجوم الدكتور محمد سعيد رمضان البوطى فى كتابه "فقه السيرة"، ودفعه هذا الحب لمطالعة كل آثاره الأدبية والسياسية والفكرية، وطالع كتب التراث واستقى منها مواداً لقصصه الممتعة التى كتبها للأطفال وهى تصلح لكل الأعمار، ورغم هذا التنوع إلا أنه كان من المتفوقين خلال سنى دراسته، وكان من الأوائل، وعين معيداً وارتقى فى سلم العلم وحصل على الأستاذية فى الأدب ولم نرى منه شذوذا فى الفكر وإنما كان أصيلاً فى الفكر مدافعا عن هوية أمته.
ولد الدكتور وجيه يعقوب فى السادس من أغسطس عام 1968، وتخرج فى كلية الألسن قسم اللغة العربية عام 1990 بتقدير عام جيد جداً، وحصل على درجة الماجستير في الأدب والنقد عن موضوع "استلهام التراث في روايات جمال الغيطاني"، كلية الألسن، جامعة عين شمس، عام 1995م، بتقدير ممتاز، وعلى درجة الدكتوراه في النقد الأدبي الحديث عن موضوع "الرواية المصرية في ضوء المناهج النقدية الحديثة"، من كلية الألسن، جامعة عين شمس، عام 1999م، بتقدير مرتبة الشرف الأولى.
له العديد من الكتب النقدية منها: الرواية والتراث العربي، هيئة قصور الثقافة، مصر، 1997م، و"دراسة في رواية ثنائية الحب والغضب لعلي أبو الريش"، الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الإماراتية، ديسمبر 1998م، و"من قضايا الشعر الجاهلي"، مكتبة الآداب، القاهرة، 2000م، و"محمد حسن عبد الله ونقد الرواية"، كتاب تذكاري، دار قباء، 2000م، و"الرؤية الإسلامية في شعر علية الجعار"، مؤتمر رابطة الأدب الإسلامي بمصر، و"خصائص الأدب في ضوء نظرية النقد الإسلامي"، مؤتمر رابطة الأدب الإسلامي بمصر، 2000م، و"الرواية المصرية في ضوء المناهج النقدية الحديثة"، مكتبة الآداب، القاهرة، 2004م، ومناهج النقد الروائي"، مكتبة آفاق، الكويت، 2013م،."سرديات الرواية العربية"، مكتبة آفاق، الكويت، 2014م، و"الرواية والتراث العربي"، مكتبة آفاق، الكويت، 2014م، و"من قضايا الشعر الجاهلي"، مكتبة آفاق، الكويت، ط 2، 2014م، و"يعقوب يوسف الغنيم وأدب الأطفال"، مؤتمر يوم الأديب الكويتي، قسم اللغة العربية، جامعة الكويت،2010م...علاوة على الأبحاث..
فى هذا الحوار التى أجراه الدكتور عمرو أبوالفضل يتحدث الدكتور وجيه عن أهم كتبه وهو "أسماء الله الحسنى" الذى خصص لكل ثلاثة أسماء جزء فى أسلوب جذاب وممتع يسلب الألباب تحدث أيضاً عن الدافع لتأليف هذا الكتاب وقد كتبه على حلقات فى إحدى مجلات الأطفال العربية، والأسلوب التى عالج به هذه القضية التى تستعصى على فهم الكبار فما بالك بالأطفال الذين لم يعاركوا الفكر بعد وقد نجحت التجربة بفعل سحر أسلوبه، وتحدث عن أهمية معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته؟ وما معاني هذه الأسماء ودلالتها في حق الله تعالى؟ وما حظ المؤمن من كل اسم، وموضوعات أخرى سوف نطالعها فى هذا الحوار المثمر:
* ما الدافع لتأليف هذا الكتاب؟
- كنت أكتب الصفحة الدينية لإحدى مجلات الأطفال العربية، وكان زميل آخر يشاركني كتابة هذا الباب. وكان هذا الزميل عليه رحمة الله قد شرع في كتابة باب بعنوان (أسماء الله الحسنى) ثم توقف لأسباب لا أعلمها، فطلب مني رئيس التحرير كتابة هذا الباب، فلما تأملت المنشور من تلك الأسماء وجدته بحاجة إلى كثير من التعديلات والإضافات حتى تتناسب والأعمار الصغيرة، وبعد أن انتهيت من تقديمها وكتابتها للمجلة رأيت أن أعيد نشرها في كتاب مستقل، فوجدت مرة أخرى أنها تحتاج لمراجعة شاملة وإضافات جوهرية، لأن طبيعة المجلة تختلف عن طبيعة الكتاب، وخرجت الأسماء مجزأة في نحو ثلاثين جزءا مصحوبة بالصور الطبيعية والألوان التي تحبب الطفل في القراءة، وتعاقدت مؤخرا على طباعتها في كتاب واحد مع بعض الإضافات مع دار نشر كويتية. وهنا يجب أن أذكر أن بعض من اقتحم مجال الكتابة للطفل، لا يدرك خصوصية الكتابة لهذه الفئة العمرية، ويظن أن الطفل ما هو إلا رجل صغير، ومن ثم كل ما يفعله هو تبسيط اللغة ومخاطبة الطفل من باب الاستعلاء والنصيحة، في حين أن عالم الطفولة عالم آخر تماما يحتاج إلى تعامل مختلف.
*هل سلكت أسلوباً جديدا في شرح الأسماء الحسنى؟
- لا شك أن الكتب التي تناولت الأسماء الحسنى كثيرة جدا قديماً وحديثاً، ومن أشهرها ما كتبه الإمام الخطابي، والإمام القرطبي، وابن القيم، وابن حجر العسقلاني، وابن تيمية، والشيخ عبد الرحمن السعدي، والشيخ عبد الحميد كشك، وغيرهم، وهذا يدل على أهميتها الكبيرة. وهذه الكتابات بمثابة مصادر أساسية لكل من يتصدى للكتابة عن الأسماء الحسنى، لكن معظم هذه الكتابات متشابهة تبدأ عادة بالمعنى اللغوي للاسم ثم المعنى الاصطلاحي وعدد مرات تكراره في القرآن الكريم وما يستفاد منه، وهذا جهد عظيم ويغطي جوانب كثيرة في شرح الأسماء الحسنى بلا شك. لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن ما يقدم للأطفال وللشباب بل للقارئ المعاصر يجب أن يكتب بطريقة خاصة تناسب تفكيرهم وتراعي طبيعة المرحلة العمرية والفكرية لهم. وقد حرصت في أثناء كتابة الأسماء الحسنى أن يكون تقديم الاسم مصحوباً بقصة أو حكاية لها علاقة بالاسم الجليل حتى تكون أدعى للاستيعاب والفهم والتفاعل، كما حرصت أن تكون السلسلة مكتوبة بلغة بسيطة وسهلة وغير معقدة وأن تتجنب مواطن الخلاف الذي لا طائل من ورائه سوى إهدار الوقت والجهد، وأن يعقب كل اسم ما يستفاد منه وما ينعكس على حياتنا وواقعنا. وهذا الكتاب يعد بالنسبة لي من أهم الكتب التي قدمتها للأطفال وللناشئة، فقد عايشت هذه الأسماء معايشة حقيقية وتفاعلت معها، وكنت أرى بركة هذه الأسماء وثمرة الدعاء بها،وألمس ذلك بنفسي من خلال توفيق الله تعالى وتيسيره. وأنا لا أزعم هنا أني قدمت شيئا جديدا أو أتيت بما لم تأت به الأوائل، فقد اعتمدت على كتاباتهم ونقلت عنها وما أعظم ما قدموه، ولكني حاولت على قدر اجتهادي أن أقدمها بصورة مشوقة للأطفال، وقد لاقت نجاحاً كبيراً ولله الحمد والمنة، فقد نشرت في مجلة "باسم" وفي المجلة التي أصدرتها أخبار اليوم وأعيد نشرها أكثر من ثلاث مرات.
*ما أهمية معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته؟ وما معاني هذه الأسماء ودلالتها في حق الله تعالى؟ وما حظ المؤمن من كل اسم؟
- لا غنى عن معرفة أسماء الله الحسنى لكل مسلم، فعن طريقها نعرف صفات الله تعالى التي نتعبده بها وندعوه بها، ويكفي أن نتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحصاها دخل الجنة" لنعرف أهميتها وضرورتها، ويقصد بالإحصاء هنا كما قال الإمام الخطابي في سفره النفيس: شأن الدعاء أحد هذه الوجوه:
أحدها، - وهو أظهرها– أن يكون الإحصاء بمعنى العد، يريد: أنه يعدها ليستوفيها حفظا، فيدعو ربه بها. كقوله سبحانه: (وأحصى كل شيء عدداً) الجن/ 28
والوجه الثاني، أن يكون الإحصاء بمعنى الطاقة، كقوله سبحانه: (علم أن لن تحصوه) [المزمل/ 20]، أي: لن تطيقوه. وكقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "استقيموا، ولن تحصوا"، أي: لن تطيقوا كل الاستقامة. والمعنى: أن يطيقها المرء بحسن المراعاة لها، والمحافظة على حدودها في معاملة الرب سبحانه بها، وذلك مثل أن يقول: يا رحمن، يا رحيم، فيخطر بقلبه الرحمة، ويعتقدها صفة لله جل وعز، فيرجو رحمته، ولا ييأس من مغفرته. وكقوله تعالى: (لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) [الزمر/53]. وإذا قال: (السميع البصير) علم أنه لا يخفى على الله خافية، وأنه بمرأى منه ومسمع؛ فيخافه فيسره وعلنه، ويراقبه في كافة أحواله، وإذا قال: (الرزاق) اعتقد أنه المتكفل برزقه، يسوقه إليه في وقته، فيثق بوعده، ويعلم أنه لا رازق له غيره، ولا كافي له سواه، وإذا قال: المنتقم؛ استشعر الخوف من نقمته، واستجار به من سخطه، وإذا قال: (الضار النافع)؛ اعتقد أن الضر والنفع من قبل الله جل وعز لا شريك له، وأن أحدا من الخلق، لا يجلب إليه خيرا، ولا يصرف عنه شرا، وأن لا حول لأحد، ولا قوة إلا به. وكذلك إذا قال: (القابض الباسط)، و(الخافض الرافع)، و(المعز المذل). وعلى هذا سائر هذه الأسماء، وهذا هو حظ العبد الحقيقي من هذه الأسماء لا مجرد حفظها وعدها.
أما الوجه الثالث، فهو أن يكون الإحصاء بمعنى العقل والمعرفة، فيكون معناه أن من عرفها وعقل معانيها، وآمن بها دخل الجنة، وهذا المعنى مأخوذ من الحصاة، وهي العقل. والعرب تقول: فلان ذو حصاة، أي: ذو عقل ومعرفة بالأمور، وهذا أيضا معنى حسن ويليق بأسماء الله تعالى وصفاته الحسنى.
والوجه الرابع، أن يكون معنى الحديث: أن يقرأ القرآن حتى يختمه فيستوفي هذه الأسماء كلها في أضعاف التلاوة. فكأنه قال: من حفظ القرآن وقرأه فقد استحق دخول الجنة، وذهب إلى نحو من هذا أبو عبد الله الزبيري رحمه الله - وقال: تأملت الأسماء التي جاءت في الأخبار والآثار، فلما قابلتها بما جاء في القرآن وجدتها مائة وثلاثة عشر اسما، وإنما زادت على العدد المذكور في الخبر؛ لأني حسبتها متكررة. كقوله: القدير، والقادر، والمقتدر، والرازق، والرزاق، والغفور والغافر، والغفار، فحذفت التكرير، فوجدتها سواء على ما وصفت لك، أي تسعة وتسعين اسما.
*هل معرفة الأسماء تعتمد على آيات الله في الكون وفي النفس الإنسانية؟
- معرفة أسماء الله تعالى الحسنى توقيفية جاء بها الكتاب والسنة كما قال أكثر العلماء، وتشهد الآيات الكونية على قدرة الله تعالى وعظمته، فالكون هو كتاب الله الناطق الذي يشهد بأنه الخالق المدبر الواحد الأحد الفرد الصمد. يقول الشاعر:
وفي كل شيء له آية ** تدل على أنه الواحد
*ما رأيك فيما أثير حول عددها وأنها ليست 99 اسما، حيث قال البعض إنها أقل من ذلك وقال البعض إنها أكثر من ذلك؟
- حديث الرسول صلى الله عليه وسلم المشهور: إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها - وفي بعض الروايات من حفظها - دخل الجنة، ورد في صحيح البخاري وفي غيره من الكتب الصحيحة. وقد قال العلماء رضي الله عنهم: إن هذا لا يعني أنها محصورة في هذا العدد، ولكنها تدل على أنها أشهر الأسماء وأعلاها في الذكر، وهم يستشهدون على ذلك بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم المأثور: حيث كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يدعو بهذا الدعاء: "اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك .. إلخ، فهذا يدلك على أن لله أسماء لم ينزلها في كتابه، حجبها عن خلقه، ولم يظهرها لهم.
وقد قال الشيخ أبو سليمان الخطابي رحمه الله في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسما" :إن هذا الحديث فيه إثبات هذه الأسماء المحصورة بهذا العدد، وليس فيه نفي ما عداها من الزيادة عليها، وإنما وقع التخصيص بالذكر لهذه الأسماء؛ لأنها أشهر الأسماء، وأبينها معاني وأظهرها، وجملة قوله:"إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة" قضية واحدة لا قضيتان، ويكون تمام الفائدة في خبر "إن" في قوله: "من أحصاها دخل الجنة"، لا في قوله.: "تسعة وتسعين اسما"، وإنما هو بمنزلة قولك: إن لزيد ألف درهم أعدها للصدقة. وكقولك: إن لعمرو مائة ثوب من زاره خلعها عليه. وهذا لا يدل على أنه ليس عنده من الدراهم أكثر من ألف درهم، ولا من الثياب أكثر من مائة ثوب، وإنما دلالته: أن الذي أعده زيد من الدراهم للصدقة ألف درهم، وأن الذي أرصده عمرو من الثياب للخلع مائة ثوب.
*انشغل الفقهاء والعلماء قديما بالأسماء والصفات وكتبوا مؤلفات كثيرة أحدثت خلافات فقهيه عميقة ومعارك فلسفية نتج عنها فتن، هل يمكن أن نتعرف في عجالة على أبرز هذه المعارك؟
- الخلافات بين الفرق والمذاهب الإسلامية جزء من التاريخ وربما يكون ممتداً إلى يومنا هذا، وأنا شخصياً أمقت هذا الخلاف وأعتبره سببا مباشرا من أسباب ضعف هذه الأمة ونكبتها عبر التاريخ، خاصة أنه عادة ما يكون خلافاً فلسفياً عقيماً لا يفيد المسلم البسيط في شيء، وأتذكر دائما مقولة المرأة البسيطة التي رأت الإمام المجدد أبا حامد الغزالي وهو يسير وسط كوكبة من تلاميذه يحيطونه بكل إجلال وتبجيل، فلما سألت عنه وقيل لها إنه الإمام أبو حامد الغزالي الذي أقام على وجود الله ألف دليل، قالت بعفوية وببساطة وتلقائية: ذلك لأن في نفسه ألف شبهة، وهل يحتاج إثبات وجود الله عز وجل إلى دليل؟ أسموات ذات أبراج وأرض ذات فجاج، ألا يدل ذلك كله على الله العزيز القدير؟
إن أبرز خلاف حول الأسماء الحسنى كان بين أهل السنة والجماعة وبين الجهمية والمعتزلة وغيرها من الفرق، ويرجع السبب في الخلاف إلى منطلقات كلا الفريقين في الاستنباط والفهم والتفسير. فأهل السنة والجماعة يعتمدون على القرآن والسنة وتفسير الصحابة ووفق أصول متفق عليها من علماء المسلمين، ومن ثم هم لا يشتطون كثيراً في تفسير النصوص، بينما المعتزلة والجهمية وغيرها من الفرق الإسلامية أطلقوا المجال للاجتهاد المطلق في كل شيء وبدون ضوابط، وأفسحوا المجال للعقل بلا قيود في مسائل العقائد، وتأثروا بفلاسفة اليونان وخلطوا الديني بالدنيوي والثابت بالمتغير، ولذلك تضمنت تفسيراتهم جموحاً وشططاً وتفسيرات بعيدة كل البعد عن تفسيرات أهل السنة والجماعة. ولعل من أبرز تلك الاختلافات: هاتين الآفتين اللتين هما أصل بلاء المتكلمين عامة: آفة التعطيل وآفة التشبيه، فبعض هذه الفرق يثبت الأسماء الحسنى لله ولكنه ينفي الصفات، ومنهم من يجعل الأسماء كالأعلام المحضة المترادفة، والعلم المحض لا يدل إلا على العلمية. وقد قال أبو الحسن الأشعري تعليقاً على انحرافهم: وهذا قول أخذوه عن إخوانهم من المتفلسفة، الذين يزعمون أن للعالم صانعاً لم يزل ليس بعالم، ولا قادر، ولا حي، ولا سميع، ولا بصير، ولا قديم. كما أنهم لم يثبتوا كل الأسماء الحسنى التي أثبتها أهل السنة والجماعة، وقالوا بأن هذه الأسماء مخلوقة وغير ذلك من الأقوال التي دحضها وفندها العلماء الأثبات. ولعل من أهم الكتب في الرد على هؤلاء: ما كتبه ابن القيم في كتابه "فرائد الفرائد في شرح أسماء الله الحسنى"، حيث وضع أصولاً كلية تبلغ عشرين أصلاً تقريباً للرد على هذه الفرق، وهي كما قال عنها: أصول عظيمة وقواعد وضوابط مهمة في فقه أسماء الله الحسنى، مستمدة من الشرع معلومة بالاستقراء والتتبع لنصوص الكتاب والسنة، تعين مطالعها وقارئها على فهم الأسماء الحسنى فهما صحيحا سليما، بعيدا عن شطط أهل الأهواء وانحرافاتهم الكثيرة في قواعدهم التي قعدوها وأصولهم التي أصلوها بعقولهم الفاسدة، وأهوائهم المنحرفة، فناقضوا بها أصول الشريعة، وعارضوا بها النصوص المحكمة، وأضلوا بها كثيراً، وضلوا عن سواء السبيل. وأود أن أقول في هذا الصدد: إن أغلب العلماء المثيرين للجدل في هذا العصر يعيدون إنتاج هذه المسائل الخلافية ويدلسون بها على الناس ويحدثون هذا الضجيج وهذا الانقسام تحت اسم حرية الفكر والتجديد، وهم في الحقيقة مجرد نقلة وقد اختاروا أن ينقلوا أسوأ ما في التراث وتركوا ما أجمع عليه العلماء تحت دعوى محاربة الجمود والتخلف وغير ذلك من الأمور التي لا تخفى دوافعها.

*ما حقيقة العلاج بأسماء الله الحسنى؟ وماذا عن فائدة الدعاء بأسماء مخصوصة؟ وهل الاهتمام بأسماء الله الحسنى يقتصر على الصوفية؟
- بداية يجب أن نكون على يقين ومن خلال معايشة الأسماء الحسنى كما جاءت في كتاب الله، وفهمها على نحو صحيح، أن الله تعالى قادر على كل شيء وأنه عز وجل لا يعجزه شيء في السماوات والأرض. فالله هو الضار والنافع وهو الشافي وهو الكافي وهو الذي ينزل الضر وهو الذي يرفعه، ولنا في أنبياء الله تعالى أسوة حسنة، حيث كان الدعاء سلاحهم وسفينة نجاتهم في أوقات الضيق والشدة. والذي يتدبر القرآن الكريم يجد دائما رفع البلاء مرتبطا بالدعاء الصادق خاصة حين تعجز الأسباب عن فعل شيء. يقول تعالى:" وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين *فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين . الأنبياء: 83، 84
ولأسماء الله الحسنى أثر نفسي كبير على من يتدبرها ويرددها ويعيها ويعايشها بلا شك. لكن الإسلام قد علمنا ضرورة الأخذ بالأسباب إلى جانب الدعاء، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على التداوي وطلب الشفاء. فالذكر – على عظمته وأهميته - ليس كافياً للعلاج والتداوي، وهو ليس بديلاً عنهما، ولكن حين تعجز الأسباب أو حين نأخذ بها فإننا نلجأ معها إلى خالق الأسباب وموجدها، وندعوه بأسمائه الحسنى أن يصرف عنا الضر كما فعل الأنبياء والمرسلون وعباد الله الصالحون، "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم". وهناك مئات القصص والحكايات التي تؤكد استجابة الله تعالى للمضطرين وأصحاب الحاجات حين لجأوا إلى الله وحده. وكلنا يعرف حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أخبرنا عن رجل من الأمم السابقة، سافر إلى إحدى البلدان وكان عليه دين لصاحبه، وحين حل الأجل وهو في السفر وعجز عن العودة، وضع المال في عبوة فارغة ورمى بها إلى البحر، ودعا ربه وتوسل إليه بكرمه وفضله ولطفه أن يصل المال لصاحبه فوصل، وهذه الأحاديث وأمثالها الغرض منها في نظري بث اليقين في نفس المؤمن بقدرة الله تعالى على كل شيء، لا أن نفهمها ونحاكيها بصورة حرفية، وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لك: حين تعجز الأسباب عن إسعافك وإنقاذك فالجأ لخالق الأسباب، "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب"، وهناك حكايات كثيرة تؤثر عن الصالحين تؤكد على ذلك، ومن ثم لا يحسن إنكار هذه الأمور، فالله على كل شيء قدير.
أما بالنسبة للصوفية، فهم وإن كانوا أكثر من تكلموا وكتبوا عن الأسماء الحسنى، لكن هذه الأسماء يجب ألا يقتصر الاهتمام بها على فئة دون أخرى، بل على كل مسلم أن يتدبرها ويفهم معانيها ومقاصدها، وأن يدعو الله بها كما أمره الله تعالى بذلك" ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها"
*هناك موضة أن يقدم بعض المطربين أغاني بأسماء الله الحسنى فما رأيك؟
- لا أتحدث هنا من باب الإفتاء أوالتحليل والتحريم فلهذا الأمر أهله وأصحابه وهم أقدر على ذلك مني، لكن هذا الأمر – وإن كانت نية من يقوم به حسنة وطيبة - مؤسف جدا ولا يتناسب مع إجلال المسلم لربه ولأسمائه وصفاته، لأنها تكون مصحوبة عادة برقص وغناء وأشياء لا تتناسب مع روح هذه الأسماء. كيف نقول: السميع العليم الرقيب الغفور الرحيم الملك الصمد، ونحن لا نراقبه، ونفعل ما يغضبه، كأنه لا يرانا ولا يسمعنا؟ يجب أن تصان هذه الأسماء الحسنى عن مثل هذا اللغو، وأن يكون ذكر المؤمن لها ودعاؤه بها مصحوبا بالخشوع والتدبر والانكسار. للأسف الشديد أصبحنا نمارس الدين والعبادات وكأنها طقوس، نظن أننا بمجرد أدائها كأننا فعلنا ما يجب علينا فعله. إن أردت تحصين بيتك وطلب البركة من الله تعالى فافعل ما يجلب لك التحصين والبركة بالدعاء الصادق والعمل الصالح والصدقة، لا أن تكتفي بترديد أدعية بلا روح، لا تراعي فيها جلال الخالق عز وجل وعظمته وقدرته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.