المجلة أوالدورية العلمية يمكن إعتبارها هي المكان والزمان الافتراضي الذي يتعارف فيه الباحثون والعلماء ويتبادلون الأفكار والمعارف دون أن يلتقوا وجهاً لوجه، إلي جانب ذلك فالنشر في الدوريات العلمية من أحد أهم الدلائل الشاهدة علي منجزات العلماء بل ومنجزات الدول البحثية والعلمية من حيث الكم والكيف، لذلك فهي الدعاية الناجزة للعلماء والباحثين لأنفسهم ومن خلال ذلك يحصلون علي الدرجات العلمية والوظائف. فالدوريات العلمية وجُدت لتقدم وتعرض نتائج أبحاث ودراسات العلماء، لذلك تُقبِل شركات تطوير وصناعة التكنولوجيا والجامعات والأفراد حول العالم علي شرائها، وذلك لتزويد باحثيها ومنتسيبيها وأنفسهم بأهم مصادرالأفكاروالنظريات والتطبيقات الطازجة، مما يدفع بهذه الشركات والجامعات والأفراد لمزيد من التقدم التكنولوجي والعلمي، لذلك تتسابق دور النشر العالمية علي حصد الارباح من وراء "بيزنيس" إدارة وطباعة الدوريات العلمية.
ولربح ذلك البيزنيس تحرص دور النشر العالمية علي ألا تقبل غير أبحاثٍ تحمل أفكاراً جديدة وذات قيمة علمية وتطبيقية، وذلك من خلال محكمين هم من بين العلماء المشهود لهم بالتميز ولهم أبحاث منشورة في موضوع البحث المطلوب تحكيمة، وقد تأخذ عملية التحكيم أكثرمن سنة، وإذا قُبل البحث تطلب دور النشر تحويل حق النشر والتسويق إليها، ومما يؤسف له أن ذلك البيزنيس دفع بعض الاشخاص والهيئات الدوليين لشراء موقعاً وخادما علي الانترنت وقبول ونشر الأبحاث دون تحكيم نظير مبلغاً من الدولارات وهو ما يؤثر بالسلب علي البحث العلمي والذي يجب أن يأخذه السادة محكمي اللجان العلمية ومحكمي الرسائل في الاعتبار.
وبإلدخول إلي صفحة إتحاد مكتبات جامعات مصر تتفاجأ بعدد 171 (مائة وواحد وسبعين) مجلة ودورية محلية تصدرها الكليات والجامعات والمعاهد المختلفة تحت اسم الدوريات الرقمية فقط، ومما يؤسف له هو أن الدوريات العلمية المحلية الحالية والتي تَصُدر باللغة الانجليزية مجهولة عالمياً وهو ما يؤثرباالسلب في ترتيب الجامعات الوطنية، وهذا ليس من فراغ، فهي تفتقد إلي السمعة الحسنة داخليا وللتحكيم الجاد، فقد يستطيع المؤلف أن يحدد أسماء المحكمين أو إستبعاد شخصاً بإسمه، وحتي بعض المحكمين لايأخذون مراجعة الأبحاث علي محمل الجد لإعتقادهم أنها محلية ولن يقرأها أحد، ولا أدل علي حال الدوريات العلمية المحلية من أن هناك باحثين يرفضونها تماماً، ومن يتعاملون معها يرفضونها حينما يرون أن أبحاثهم بها من الأصالة والحداثه والنتائج ما يجعلها قد تُقبل في دوريات دولية، إعترافاً تلقائيا بالفرق بين المحلي والدولي، لذلك فالدوريات العلمية المحلية تنشُرغالباً الابحاث التي قد لا تُقبل بنسبة كبيرة دولياً، ولا يقرأها أحد غير المحكمين واللجان العلمية، ولايشير اليها أحد تقريباً في قائمة المراجع في بحث أو أبحاث منشورة محلياً أو دولياً، وتقبلها اللجان العلمية بوزن أقل من غيرها، لذا فإن فقط من يبحثون عن طريقٍ سريعٍ وسهل لقنص الدرجات العلمية والترقي هم أكثر من يقصدونها ومؤقتا لحين ميسرة علمية!
فهي لذلك تمثل مكاناً لأبحاث قد لاترقي علمياً وتطبيقياً وقد تكون فكرتها مقتبسة من مجلة أو دورية مؤتمر دوليين مع بعض التعديل الذي لايجعل البحث مختلفاً أو جديدا، ويحصل أصحاب مثل هذه الأبحاث علي درجات الماجستيروالدكتوراه فهناك كما ذُكرسابقاً من هم مستعدون لمنح هذه الدرجات لأسباب كثيرة أدناها هو لعد عدد الدرجات التي يمنحوها كإنتاج علمي وأكاديمي إيجابي مع أنه علي عكس ذلك تماماً في ظل تدني ترتيب الجامعات الوطنية ومستوي البحث العلمي، وفي النهاية يحصل أصحاب هذه الدرجات علي الوظائف والتي قد تكون مؤثرة، وليذهب الوطن وتلاميذه ليبحثوا عن التعليم والعلم في مكان آخر أكثرإتقاناً ومهنية وشفافية.
والأجابة – عن السؤال - هي أن المجلات والدوريات العلمية المحلية بوضعها الحالي غير ضرورية وإلغائها أفضل، فقد يدفع ذلك الباحثين علي قبول التحدي والإجتهاد للنشر في دوريات عالمية ذات معامل تاثير مقبول، وبذلك يربحون تميزهم ويربح معهم وطنهم وتلاميذهم.
لكن ولأن كل الدول المتقدمه لها مجلاتها ودورياتها الوطنية إلي جانب دور النشر الخاصه فنحن بحاجه لمجلات تُصنع وتُنتج محليا لكنها تُطلب عالمياً - وهذا هو مقياس معامل التأثير والانتشار- ومحلياً أيضا، وقد يكون الحل في دمج الدوريات المتطابقة في دورية واحده، فلا معني أن تكون لكل كلية هندسة أو طب -كأمثلة- دورية خاصه بها، فلماذا لا تكون - كبداية- دورية واحدة علي مستوي مصر لكل تخصص أومجموعة متداخلة من الموضوعات البحثية ، مثل هذه الدورية ستكون لها من الامكانيات وعوامل النجاح ما لكل الدوريات الحالية المتطابقة، سيتقدم للنشر فيها كل الراغبين من كل الجامعات ومراكز البحوث بالداخل –ومن الخارج مستقبلاً- لذلك ستكون هناك فرصة لاختيار أفضل الأبحاث من بين عدد كبير من الأبحاث ودون تعجل لملأ الأعداد كما هو الحال الآن، محكمي مثل هذه الدوريات يمكن إختيارهم من قائمة المحكمين الخاصة باللجان العلمية إلي جانب آخرين من الداخل والخارج، ويمكن إختياراستاذاً اواستاذاً مساعداً متخصصا متطوعا ًمن كل كلية – وهو في مكان عمله- عضواً في مجلس تحرير هذه الدورية، ولن يكون مكان إستضافة مساعدي التحرير مشكلة، ويمكن أن تحظي مثل هذه الدوريات بثقة اللجان العلمية وبدعم وثقة المجلس الأعلي للجامعات.
* أستاذ ورائد الهندسة الطبية الحيوية بجامعة اسيوط.