بعد إحياء فزاعة الإخوان بنجاح كبير ظن الحكام أنهم أخيرا قد حققوا بعض النجاح وأنهم سوف يجلسون مرتاحين ويتركون الفزاعة تمارس أثرها المرجو في تخويف من يريدون وعلى حسب الطريقة التي يريدونها. وبالفعل بدأ كتاب الصحف الرسمية في الحديث بمنتهى الهدوء والصفاقة حول أثار الفزاعة الإخوانية المتوقعة من إصدار قوانين بلبس النقاب وفصل النساء العاملات وتحريم الأطباق الفضائية.. الخ ولكن نسى هؤلاء في غمرة فرحتهم بالفزاعة أنها ذكية تماما كقريتهم الذكية التي يجلس وزرائهم فيها وأنها ليست كأمثال الناطقين باسم حزبهم ولجنة سياساته الذين يظهرون على الفضائيات فيزيدون الطين بله. وهكذا وقبل أن يشعروا بحدوث شيء بدأت الفزاعة الإخوانية تتصرف بذكاء وتتفاعل مع الوسط المحيط إعلاميا وسياسيا وفكريا مما أدى بعد أيام قليلة فقط من الانتخابات إلى خفوت صورة الفزاعة المخيفة للجميع وحلول صورة أخرى لفزاعة صديقة للبيئة وصديقة لمن أراد النظام استخدامها لتخويفهم. وهنا بدأ الجماعة يشعرون أنه يوجد شيء غلط وقرروا أن يراجعوا أوراقهم قليلا ولذلك أخذوا يحولون الأنظار بعيدا عن العملية بأسرها متجاهلين وجود الفزاعة.. بينما أخذت أصوات قليلة تقول إن الفزاعة الإخوانية ليست مخيفة إلى هذا الحد وأنه يمكن بشكل ما التعامل مع وجودها. وهكذا انتهى النظام إلى إلغاء وجود الفزاعة أو إنكار أثرها المفزع رغم أنه هو الذي دشنها وأطلقها منذ البداية. والسبب في هذا التخبط لا يعود إلى سياسة الحكام أنفسهم وإنما إلى ذكاء الفزاعة الذي لم يتخيلوه لفرط تكالبهم وتصورهم أنهم وحدهم قد ملكوا الحكمة والذكاء.. ويبدوا أن بعد هذه التجربة سوف يتوبون عن حكاية القريةالذكية وبطاقات التموين الذكية وما شابه لكنهم من المؤكد لن يتوبوا عن استخدام الفزاعات ولكن بحرص وحذر إلى أن يفعلوا ذلك فسوف ينتحرون وهم يشاهدون فزاعتهم القديمة تتحرك بذكاء لإبطال شبكة الحصار والمكر والخطط الجهنمية التي ظنوا أنهم قد وضعوها حولها. ولا يعني هذا أن الفزاعة الإخوانية سوف تقدر دائما على فعل ذلك أو تقدر عليه وحدها دون التضامن مع سائر القوى الوطنية وحتى مع عناصر داخل الحزب الوطني نفسه أو الحكام.