فى مقالى أمس تناولت قضية رفض العديد من الجهات القضائية والرقابية قيام جهاز المحاسبات بمراجعة أوراقها والقرارات الصادرة عنها وفحص المخالفات المالية فى موازناتها , ومن بين هذه الجهات هيئة النيابة الإدارية ونادى القضاة ومن قبلهما المحكمة الدستورية العليا علاوة على عدد من الجهات العليا الأخرى. وقلت إن هذا الرفض يتعارض مع المادة 219 التى تنص على أن " يتولى الجهاز المركزي للمحاسبات الرقابة على أموال الدولة، والأشخاص الاعتبارية العامة، والجهات الأخرى التي يحددها القانون، ومراقبة تنفيذ الموازنة العامة للدولة والموازنات المستقلة، ومراجعة حساباتها الختامية " . اليوم , نواصل فتح ملف هذه القضية الشائكة , وفى البداية نشير إلى قرر مجلس إدارة نادى القضاة، الانضمام لهيئة النيابة الإدارية، فى موقفها الرافض للسماح للجهاز المركزى للمحاسبات، بالاطلاع على ميزانية النادى، أو أى قوائم مالية أو معاملات خاصة بالنادى، أو الإشراف عليها. وهنا أتوقف أمام المبررات التى ساقها مجلس إدارة نادى القضاة فى تبريره لهذا الرفض حيث أكد أن رفض النادي رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات على ميزانيته وأنشطته، يأتي تنفيذا لقرار الجمعية العمومية لقضاة مصر برفض الرقابة على ذلك، موضحا أن مجلس إدارة النادي أمين على قرارات العمومية ولا يحق له الموافقة على رقابة المركزى للمحاسبات. وأوضح أن اللائحة الأساسية للنادي أيضا تقر بعدم أحقية الجهاز المركزي للمحاسبات في مراقبة ميزانية النادي، لافتا إلى أن مجلس إدارة نادي القضاة لايحق له السماح ل " المركزي للمحاسبات " بالإشراف على ميزانيته إلا بعد الرجوع إلى الجمعية العمومية للنادي والتي سبق وأن رفضت هذا الأمر. وأكد أن قرار العمومية برفض تفتيش المركزى للمحاسبات بناءً على أن نادي القضاة لا يتحصل على أموال من الدولة وإنما هو نادٍ قائم بناء على اشتراكات أعضائه من القضاة، كما أنه ليس خاضعا لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات وفقا للائحة النادي الداخلية، مضيفا أن أنشطة وميزانية النادي شأن من شئون القضاة ولا يجوز لأحد الاطلاع عليها سوى الجمعية العمومية للقضاة. وهنا نتساءل : هل قرارات الجمعية العمومية لنادى القضاة أقوى من الدستور والقانون ؟ . وما رد أعضاء مجلس إدارة نادى القضاة على ما أكده فقهاء القانون أن فى تعريفهم لمفهوم المال العام أنه " المال غير الداخل في ملك الأفراد، وإنما يخضع للمصلحة العامة، وذلك مثل المدارس والجامعات والمستشفيات , فالمال العام هو المال الذي يشترك في ملكيته الجميع، ولهم جميعا حق الانتفاع به، ولا يحق لأحد أن يجعله في مصلحته الشخصية بقصد التربح أو سوء الاستغلال أو السرقة أو الإتلاف بسوء الاستعمال. فإذا كان المال خاصًا جاز لصاحبه أن يتصرف فيه بجميع أنواع التصرفات من بيع وإجارة وهبة، أما إذا كان المال عاما فلا يجوز التصرف فيه من الأفراد، لأنه مخصص للمنفعة العامة، وملكيته مشتركة لجميع الأفراد. وإذا كان المال خاصًا ، فإن لمالكه أن يهبه للغير، وأن يبرأ مدينه منه، وأن يتبرع به كيفما شاء، أما إذا كان المال عامًا، فلا يجوز للحاكم أو نائبه أن يبرأ أحدا ولا يتنازل عنه لأحد " , فالمال إذن يكون خاصا أو عاما، ويعتبر المال عاما إذا كان مخصصا لمنفعة عامة. فتعتبر أموالا عامة، العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص. وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم. (المادة 87 من القانون المدني). وفى النهاية نتساءل : متى يكشف ابراهيم يسرى رئيس نادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات، عن حقيقة التصريحات التى أدلى بها حول وجود جهات رقابية تحاول اختراق اختصاصات جهاز المحاسبات ؟ وإلى متى تستمر هذه الأوضاع المقلوبة ؟ ومتى يشعر المواطنون أنهم جميعاً أمام القانون سواء ؟ .