نقل لنا أرباب المقاتل والمؤرخين أخبار واقعة ألطف, (أو ما سميت بواقعة كربلاء التي حدثت في عام 61 ه ) بتفاصيل مسهبة. ومع مرور العقود والأزمان زاد المنتفعون من تلك الواقعة المؤلمة في تفاصيلها و أضافوا عليها قصص وحكايات بلغت حد الأساطير. وهؤلاء المنتفعون ينقسمون إلى فئتين, فئة هدفها من تلك الإضافات تشويه الحقيقة وطمسها للتغطية على دوره الخياني في تلك الواقعة التي راح ضحيتها الحسين بن علي رضي الله عنهما واثنان وسبعون من أصحابه وإخوته وبنيه, وجعلها عامل فتنة وإثارة للنعرة الطائفية لضرب الأمة والعقيدة الإسلامية. وهذه الفئة هم الشعوبيين الذين عاثوا فسادا في التاريخ الإسلامي. أما الفئة الأخرى فان غايتها من تزوير تفاصيل تلك الواقعة بإضافة أمور درامية جديدة لها, غايتها الأساسية من ذلك هو جمع المال من خلال تأجيج العواطف عبر ما يسمى بالمآتم والمجالس الحسينية, وهذه الفئة هم من يسمون بالملائيون أو (الروزة خونية ), وهؤلاء إضافة إلى غايتهم المادية فإنهم يساهمون في تنفيذ مشروع الفئة الأولى. وهكذا أصبحت واقعة كربلاء كرنفال درامي يتجدد كل عام تحت اسم ( مراسم عاشوراء) ولكنها ليس كرنفال لتناسي الماضي وبناء أواصر المحبة والتلاحم بين أبناء الأمة الواحدة التي يجمعها حب الحسين شهيد واقعة الغدر والخيانة, و إنما أصبح كرنفال لزرع الأحقاد والضغائن وتأجيج الصراعات وإزهاق الدماء والأرواح, وذلك كله تحت شعار ( يالثارات الحسين), ولعل ما تشهده اليوم مدينة حلب الشامية من قتل للأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء الذين ولد اغلبهم بعد أكثر من 13 عشر قرن ونيف على واقعة كربلاء, خير مصداق على نتائج ما تحقق من كرنفال عاشوراء و شعاره المشئوم ( يالثارات الحسين). إن كربلاء حلب اليوم حدث ويحدث فيها اشد و أقسى مما وقع في كربلاء الحسين. في كربلاء الحسين قتل اثنان وسبعون شخصا كلهم من الرجال المقاتلين في معركة غير متكافئة العتاد والعدة دامت مدتها زهاء أربعة ساعات حسب تقدير اغلب المؤرخين .أما كربلاء حلب فمدتها تجاوزت العام ونصف ومازالت مستمرة ولا يعلم غير الله متى تنتهي, وان ضحاياها اغلبهم مدنيون أبرياء. كربلاء الحسين وقعت نتيجة خيانة و غدر قامة به عصابة دعت الحسين إلى الكوفة لمبايعته بالخلافة وكان الحسين قد لبى الدعوة وذهب وهو على يقين أن من بايعه صادقا في دعوته ثم تغير الموقف وحدثت الواقعة, فخروج الحسين ومقتله (ظلما ) كان من اجل هدف هو قرره وكان يعرف مصيره سلفا ( الشهادة) كما تؤكد ذلك كتب القوم. أما ضحايا كربلاء حلب فاغلبهم أطفال ونساء كانوا مستقرين في منازلهم, لم يخرجوا لقتال و ليس لهم هدف أو غاية سوى أن يعيشوا بأمن وسلام ولكن داهمهم العدو من الأرض والجو وانزل عليهم حممه البركانية المعبئة بأحقاد الكراهية التي زرعها شعار( يالثارات الحسين) في نفوس الجيش الذي تخرج من مدرسة كرنفال عاشوراء. لقد بات من المسلمات التي لا تقبل الشك أن الذي خدع الحسين بالأمس وجاء به من الحجاز إلى الكوفة ومن ثم غدر به وقتله في واقعة كربلاء, هو ذاته الذي ارتكب اليوم كربلاء حلب, وهو الذي كان من قبل قد ارتكب كربلاء الفلوجة وأخواتها في العراق, والذي يعد العدة اليوم لارتكاب كربلاء الموصل غدا.